مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

لماذا نحتاج إلى منصب الإمامة كما تقول به الشيعة من تنصيب عليّ يوم الغدير ؟!

تفاصيل المنشور

الاشكال

الرافضة يستدلون بقوله تعالى {لا ينال عهدي الظالمين}، ليدَّعوا أنّ الإمامة لا ينالها الظالمون. ويعتقدون أن هذه الآية تشير إلى الإمامة، وتُعدّ دليلًا على بطلان خلافة الخلفاء الراشدين. وأن الإمامة كالنبوة، بل يعتقدون أنها موازية لها!! إن هذا الاعتقاد الفاسد يدفعهم لإثبات أن الإمامة موجودة في القرآن، وأنها بالجعل من الله. وهذا الزعم باطل وغير صحيح، حيث لا يوجد إشارة واضحة للإمامة في القرآن، ولا يتضمن تفصيلًا واضحًا لها في آياته.

المستشكل

سلامة عبد الرحيم

تفاصيل المنشور

الاشكال

السلام عليكم.. لماذا نحتاج للإمامة بالمعنى الذي تقول به الشيعة من النصّ على الإمام ، كما في يوم الغدير ، ألا يكفي أنَّ النبيّ ( صلى الله عليه وسلّم ) بلّغ الأحكام للناس وتركهم يختارون من يشاؤون لحكمهم ؟!

الأخ زهير المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..قبل الإجابة على سؤالك – لماذا الإمامة بالنصّ – لا بدّ أن نشير إلى أنّ اختيار الخلفاء عن طريق الشورى في الإسلام لا يوجد عليه دليل ، لا من كتاب كريم ولا سنّة صحيحة ، والاستدلال بقوله تعالى : { وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ }(سورة آل عمران : الآية ١٥٩) ، وقوله : { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ }(سورة الشورىٰ : الآية ٣٨) ليس في محلّه ؛ لأنّه لا يراد بهما الشورى في الخلافة ، وإلّا لكان على النبيّ صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم أن يشاور أصحابه في اختيار الخليفة من بعده ، مع أنّه لم يفعل ذلك بالاتّفاق ، وإنّما كان يشاور أصحابه في ما يتعلّق بمصالح الحروب وغيرها ..قال ابن كثير : كان صلى‌الله‌عليه‌ وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها .(تفسير القرآن العظيم ١ : ٤٢٩ ، ٤ : ١٢٧)وقال الفخر الرازي : قال الكلبي وكثير من العلماء : هذا الأمر ـ أي في ( وَشَاوِرْهُمْ ) ـ مخصوص بالمشاورة في الحروب .(التفسير الكبير ٩ : ٦٧)

وقال القرطبي : وقد كان يشاور أصحابه في الآراء المتعلّقة بمصالح الحروب .(الجامع لأحكام القرآن ١٦ : ٣٧) .. هذا فيما يتعلّق بالمقدّمة .أمّا الإجابة على سؤالك فنقول : من المعروف أنَّه توجد في الشريعة مهام أخرى غير تبليغ الرسالة ، فقد كانت من مهام النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) إضافة لتبليغ الوحي :1- بيان آيات القرآن الكريم ، وتوضيح مقاصده ، وهو ما يشير إليه قوله تعالى : { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ } النحل : 44.2- بيان أحكام الموضوعات ، فعند نزول قوله تعالى : { أقِيمُوا الصَّلَاةَ } ، لم يعرف المسلمون كيف يقيمونها فقال لهم ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) : ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) .3- الردّ على الحملات التشكيكية بالإسلام، والتصدّي للمغرضين وأهل الشبهات ، وقد ذكر القرآن الكريم بعض هذه المواقف من التصدي للمشركين ونصارى نجران وغيرهم .4- صيانة الدين من التحريف والدس، ومراقبة تطبيقه حتّى لا تنحرف الشريعة عن مسارها.فهذه المهام للنبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم )، وهي بعيدة عن موضوع التبليغ ، وأكثرها أمور عملية في تطبيق الشريعة والمحافظة عليها ، كان يقوم بها الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) ، فهل تراه تنقطع الحاجة إليها بموته ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) وغيابه ؟!لا يمكن لعاقل أن يقول بذلك ، فحاجة الأمة إلى بيان آيات القرآن بقيت مستمرة بعد موت النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) ، وكذلك الحاجة إلى بيان أحكام الموضوعات بقيت موجودة ، وكذلك التصدي لشبهات التشكيك والنيل من الإسلام بقي أمرها ملحاً ومطلوباً ، وكذلك الوقوف بوجه الوضّاعين والكذّابين الذين يتربّصون بالشريعة من خلال الدسّ والوضع كان مطلوباً وقائماً .. فمن تراه يقوم بهذه المهمات العظيمة بعد النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) ؟!لابدّ من وجود شخص مؤهل له مواصفات خاصّة للقيام بهذه المهمات العظيمة ، أو عدّة أشخاص يتولّون القيام بهذه المهام على التوالي ولسنوات طويلة حتّى تترسخ شريعة الإسلام بقوّة وثبات وتنجو من التحريف والانحراف الذي عانت منه الشرائع السابقة بعد موت أنبيائها أو غيابهم ، وهذا لا يمكن الحصول عليه من اختيار الناس لمن يقودهم ، فالناس لا تعرف المؤهّل لهذه المهمة العظيمة ، والناس قد اختارت بالفعل – غير الذي نصّبه الله لهم في يوم الغدير – وفشلت في هذا الاختيار ، حتّى بان فشل الذين اختاروهم واضحاً للجميع حين يُسألون وهم على المنبر عن أبسط معاني القرآن الكريم فلا يعرفونها ، فراجع محنة الخليفتين أبي بكر وعمر مع كلمة ( الأبّ) في قوله تعالى : { وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} ( عبس : 31) ،ومع كلمة ( الكلالة ) في قوله تعالى : { وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} ( النساء : 12) ، وقوله تعالى : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ} ( النساء : 176) ، ( انظر على سبيل المثال : تفسير الطبري 30: 75 ، 4: 376- 377 ) .وهذا بخلاف من نصّبه الله لهذا المنصب الخطير والعظيم ، وهو أمير المؤمنين عليّ ( عليه السلام ) الذي كان يقول وهو على المنبر : ( سلوني ! والله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلّا حدّثتكم به، وسلوني عن كتاب الله ! فوالله ما من آية إلّا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار ، في سهل أم في جبل ) .( جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر 1: 464 بإسناد صحيح )ومن هنا جاءت الضرورة للنصّ في موضوع الإمامة أو الخلافة – المعنى واحد لأنّ الخليفة في اللغة والاصطلاح هو الإمام الذي ليس فوقه إمام – من أجل هذه المهام العظيمة والخطيرة في الدين ، وهو ما تكفّل ببيانه حديث الغدير الذي جاء فيه : ( من كنت مولاه فعليّ مولاه ) ، وحديث الثقلين الذي جاء فيه : ( إني تارك فيكم خليفتين : كتاب الله ، حبل ممدود ما بين الأرض والسماء،وعترتي أهل بيتي ، وأنهما لن يتفرّقا حتى يردا عليّ الحوض ).( صحيح الجامع الصغير للألباني 1: 482، مسند أحمد بن حنبل ، برقم : 21654، تصحيح شعيب الأرنؤوط ، وقال الهيثمي في ” مجمع الزوائد ” ج1 ص 170 : رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات ، ج9 ص 163 : رواه أحمد واسناده جيد ) ، وغيرهما  ودمتم سالمين