تفاصيل المنشور
- المستشكل - أبو علي النجفي
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 15 مشاهدة
تفاصيل المنشور
لماذا لم يَمْنَعِ الإِمامُ الحُسينُ (عليه السلام) نفسَه مِنَ الذَّهابِ إلى كربلاءَ حتَّى لا يُقتَلَ فِيها؟!
المستشكل
أبو علي النجفي
لماذا لم يَمْنَعِ الإِمامُ الحُسينُ (عليه السلام) نفسَه مِنَ الذَّهابِ إلى كربلاءَ حتَّى لا يُقتَلَ فِيها؟!
الأخ أبو علي المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان التكليف الشرعي للإمام الحسين (عليه السلام) هو الخروج لنصرة المظلومين بعد أن اجتمعت عنده آلاف الكتب من أهل الكوفة وعشرات الألوف من التواقيع عليها تستنجد به للخلاص من الحكم الأموي وطاغيته يزيد .
يقول خاتمة المحقّقين الشيخ القرشي (رحمه الله) : ” توافدت الرسائل يتبع بعضها بعضاً على الإمام حتّى اجتمع عنده في نوب متفرّقة اثنا عشر ألف كتاب ، ووردت عليه قائمة فيها مئة وأربعة ألف اسم يعربون فيها عن نصرتهم واستعدادهم الكامل لطاعته حال ما يصل إلى مقرّهم ” زينب رائدة الجهاد ، ص 108.
والإمام (عليه السلام) مأمور بالأخذ بظواهر الأمور ، وليس له أن يتعامل مع الأحداث بما عنده من علم غيبي بخذلان الناس وتقاعسهم عن نصرته فيما بعد ، فالحجّة قد اكتملت – ظاهراً- بحضور الناصر الأمر الذي يحتم عليه الاستجابة لهم ، وفي هذا الجانب يقول الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) : ( أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجّة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم لألقيت حبلها على غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها) [ نهج البلاغة 1: 36]
والمعنى واضح : بأنّه إذا اكتملت عناصر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فليس للمؤمن – وخاصّة الأئمة والعلماء – أن يتخلف عن أداء واجبه ، وإلّا ترك الأمر وتخلّى عنه كما هو مفاد قوله (عليه السلام) : لألقيت حبلها على غاربها ، أي تركتها وتخليت منها .
وهذه الحجّة هي نفسها التي احتجّ بها الإمام الحسين (عليه السلام) على من خرجوا لحربه بأنّ سبب حضوره بين أظهرهم إنّما هي لوصول آلاف الكتب إليه من الناس – خاصّة ممّن خرجوا لحربه الآن – تدعوه لنصرتهم وتخليصهم من حكم يزيد .
يروي الطبري في تاريخه من خطاب الإمام الحسين (عليه السلام) لجيش يزيد الذي خرج لمقاتلته : (قال فنادى يا شبث بن ربعي ويا حجار بن أبجر ويا قيس ابن الأشعث ويا يزيد بن الحارث :ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار وأخضر الجناب وطمت الجمام وإنّما تقدم على جندك لك مجند فأقبل ، قالوا له لم نفعل فقال : سبحان الله بلى والله لقد فعلتم ، ثمّ قال أيّها الناس ،إذ كرهتموني فدعوني أنصرف عنكم إلى مأمني من الأرض . فقال له قيس بن الأشعث : أولا تنزل على حكم بنى عمك فإنّهم لن يروك إلّا ما تحب ولن يصل إليك منهم مكروه .فقال له الحسين :أنت أخو أخيك أتريد أن يطلبك بنو هاشم بأكثر من دم مسلم بن عقيل ،لا والله لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقر اقرار العبيد ،عباد الله إني عذت بربي وربكم أن ترجمون ،أعوذ بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب) [ تاريخ الطبري 4: 323]
فالقوم بعد أن أغرتهم الدنيا بزبرجها وذهبها وزخرفها الذي وعدهم به عبيد الله بن زياد (عليه لعائن الله) قرروا التخلي عن نصرة الإمام (عليه السلام) وتركه وحيداً في رمضاء كربلاء وقد خيروه بين خيارين لا ثالث لهما : إمّا الطاعة ليزيد أو القتل ، فاختار (عليه السلام) القتل ، وقال بعبارة واضحة وصريحة : (ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة ، وهيهات منا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وبطون طهرت وأنوف حمية ونفوس أبية من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام) [ تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر 14: 219 ، اللهوف في قتلى الطفوف لابن طاووس : 59]
فالسلام على الحسين يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.
ودمتم سالمين