مركز الدليل العقائدي

لماذا شبّه الله تعالى حمل النخلة برؤوس الشياطين؟

تفاصيل المنشور

السؤال

ماذا يقول علماء المسلمين الشيعة الإمامية عن معنى قوله تعالى {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}؟

السائل

قاسم الحسيني

تفاصيل المنشور

السؤال

ماذا يقول علماء المسلمين الشيعة الإمامية عن معنى قوله تعالى {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}؟

بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
جاء في تفسير (مجمع البيان) للشيخ الطبرسي: (({طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات:65] يسأل عن هذا فيقال: كيف شبه طلع، هذه الشجرة برؤوس الشياطين، وهي لا تعرف، وإنما يشبه الشئ بما يعرف؟ وأجيب عنه بثلاثة أجوبة:
أحدها: إن رؤوس الشياطين ثمرة يقال لها الأستن، وإياه عنى النابغة بقوله:
تحيد عن أستن سود أسافله * مثل الإماء اللواتي تحمل الحزما وهذه الشجرة تشبه بني آدم. قال الأصمعي: ويقال له الصوم، وأنشد:
موكل بشدوف الصوم يرقبه * من المعارم مهضوم الحشازرم يصف وعلا يظن هذا الشجر قناصين، فهو يرقبه. والشدوف: الشخوص، واحدها شدف.
وثانيها: إن الشيطان جنس من الحيات، فشبه سبحانه طلع تلك الشجرة برؤوس تلك الحيات. أنشد الفراء:
عنجرد تحلف حين أحلف * كمثل شيطان الحماط أعرف
أي: له عرف، وأنشد المبرد:
وفي البقل إن لم يدفع الله شره * شياطين يعدو بعضهن على بعض
وثالثها: إن قبح صور الشياطين متصور في النفوس، ولذلك يقولون لما يستقبحونه جدا: كأنه شيطان، فشبه سبحانه طلع هذه الشجرة بما استقرت بشاعته في قلوب الناس. قال الراجز:
أبصرتها تلتهم الثعبانا * شيطانة تزوجت شيطانا
وقال أبو النجم:
الرأس قمل كله، وصئبان * وليس في الرجلين إلا خيطان
وهي التي يفزع منها الشيطان.
وقال امرؤ القيس:
أتقتلني والمشرفي مضاجعي * ومسنونة زرق كأنياب أغوال
فشبه أسنته بأنياب الأغوال، ولم يقل أحد إنه رأى الغول. وهذا قول ابن عباس، ومحمد بن كعب القرظي. وقال الجبائي: إن الله تعالى يشوه خلق الشياطين في النار حتى إنه لو رآهم راء من العباد لاستوحش منهم، فلذلك شبه برؤوسهم. انتهى [مجمع البيان، للطبرسي، ج8، ص311].

وعن السيد الطباطبائي في تفسيره (الميزان)، قال: ((قوله: {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ}، الطلع حمل النخلة أو مطلق الشجرة أول ما يبدو، وتشبيه ثمرة الزقوم برؤوس الشياطين بعناية أن الأوهام العامية تصور الشيطان في أقبح صورة كما تصور الملك في أحسن صورة وأجملها قال تعالى: {مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يوسف:31]، وبذلك يندفع ما قيل: إن الشيء إنما يشبه بما يعرف ولا معرفة لأحد برؤوس الشياطين)) [الميزان في تفسير القرآن، ج17، ص140].
وجاء في تفسير (الأمثل) للشيخ آية الله ناصر مكارم شيرازي: ((“الطلع” يقال لأول ما يبدو من حمل النخلة، وله قشر أخضر اللون، وفي داخله فروع بيضاء اللون تتحول فيما بعد إلى عنقود يحمل التمر. وكلمة “طلع” من مادة “طلوع” وبهذه المناسبة أطلق على الثمر في أول ظهوره.
وهنا يطرح هذا السؤال: هل أن الناس شاهدوا رؤوس الشياطين حتى يشبه القرآن ثمار الزقوم بها؟
المفسرون أعطوا أجوبة متعددة لهذا السؤال:
فقال البعض: إن إحدى معاني كلمة (الشيطان) هي حية كريهة المنظر، شبهت بها ثمار الزقوم.
وذهب البعض الآخر إلى أنه نوع من النبات ذو شكل قبيح، كما جاء في كتاب (منتهى الإرب) أن (رأس الشيطان) أو (رؤوس الشياطين) نبات.
إلا أن الرأي الأصح، هو:
أن التشبيه هنا استخدم لبيان شدة قباحة ثمار الزقوم وشكلها الباعث على النفور والاشمئزاز، لأن الإنسان عندما يشمئز من شيء ترتسم صورة ذلك الشيء في مخيلته بشكل قبيح ورهيب، فيما ترتسم صورة الشيء المحبوب بشكل جميل ووديع في مخيلته. لهذا فإن الناس يرسمون صورة الملائكة بشكل جميل، فيما يرسمون صورة الشياطين والعفاريت بأقبح صورة، في الوقت الذي لم يرَ أحد منهم الملائكة ولا الشياطين. كما يشاهد استخدام هذا الأمر كثيرا في المصطلحات اليومية، عندما يقال: الشخص الفلاني كالعفريت، أو انه يشبه الشيطان.
هذه كلها تشبيهات مبنية على أساس الانعكاسات الذهنية للناس عن مفاهيم مختلفة، وهي تشبيهات لطيفة وحية)) [الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج14، ص333].
ودمتم سالمين