تفاصيل المنشور
- السائل - منتظر الوائلي
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 17 مشاهدة
تفاصيل المنشور
توجد بعض الأحكام الشرعية تتعارض مع العقل بل أنه ينفر منها ولا يستسيغها لعلة قد تكون عدم فهم علتها والحكمة منها، في حين أن الأحكام الشرعية لابد وأن تتوافق مع العقول الصحيحة، ولا تتعارض معها أبداً، ولعل هذا التعارض في بعض الأحكام الشرعية مع العقل ينسحب على الكل وليس ببعيد أن يبلغ تأثيره حتى على العقيدة، هل لي ببيان لهذه المسألة؟
السائل
منتظر الوائلي
توجد بعض الأحكام الشرعية تتعارض مع العقل بل أنه ينفر منها ولا يستسيغها لعلة قد تكون عدم فهم علتها والحكمة منها، في حين أن الأحكام الشرعية لابد وأن تتوافق مع العقول الصحيحة، ولا تتعارض معها أبداً، ولعل هذا التعارض في بعض الأحكام الشرعية مع العقل ينسحب على الكل وليس ببعيد أن يبلغ تأثيره حتى على العقيدة، هل لي ببيان لهذه المسألة؟
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
قبل كلّ شيء علينا أن نعرف ما هو العقل، وهل حقّا يوجد تعارض بين الشرع في بعض المسائل كما تقول؟!
أمّا في اللغة فهو الحِجر، ضد الحمق، ويطلق على الإمساك أيضا عقل، يقال: عقل البعير، أي أمسكه وشده.
وفي الاصطلاح يطلق على القوة التي يميّز بها الإنسان بين الخير والشر والحقّ والباطل، ويقابله الجنون والسفه.
وبلحاظ متعلق الإدراك عند الإنسان قسّم الحكماء العقل إلى: نظري وعملي، فقالوا إذا تعلّق إدراك الإنسان بما من شأنه أن يُعلم، كقولنا: الله موجود، فهذا عقل نظري، وإذا تعلّق إدراك الإنسان بما من شأنه أن يُعمل، كقولنا: العدل حسن، فهذا عقل عملي.
أمّا العقل النظري فلا خلاف بين الشرع والعقل بل كانت القواعد العقلية النظرية نحو: النقيضان لا يجتمعان ،وأنّ الأثر يدلّ على المؤثر، هي من أوّل القواعد التي استند إليها الشرع في إثبات التوحيد وبقية العقائد في الشريعة، وأمّا العقل العملي كانت القواعد العقلية العملية نحو: الحسن والقبح العقليين، هي أهم الركائز في تثبيت وجوب معرفة الله سبحانه، ولزوم وصف الله بالعدل والحكمة، ولزوم تكليف العباد، ولزوم تزويد الانبياء بالبينات والمعاجز، ونحوها من الأمور التي لا يمكن إثباتها من دون تثبيت الحسن والقبح العقليين .. فأين التعارض بين الشرع والعقل، والشرع يعتمد على إثبات عقائده وجملة كبيرة من قضاياه على العقل بشقيّه النظري والعملي؟!!
نعم، لعلك وجدت بعض الأحكام الفقهية التي لا يستسيغها الذهن البشري، أو قل: لم يصل إلى الحكمة من تشريعها على العباد، كما في تقيبل حجر معين في الكعبة أو الطواف على بيت من حجر ويسمى ذلك عبادة، ونحوها من الأمور التي قد لا يجد العقل لها حكمة أو مصلحة ما في فعل الإنسان لها؟!
فجواب ذلك أن يقال: بعد ثبوت حكمة المشرّع وعدالته بالدليل القطعي لدينا، ليس علينا إلا أن نعمل ما يطلبه منا في بعض الموارد وإن جهلنا الحكمة الحقيقية أو المصلحة الحقيقية من هذا الفعل الذي يطلبه منا، فالعقل البشري مهما بلغ من قدرات يبقى محدودا في إدراك علل الأحكام وسبب تشريعاتها، وقد أخبرنا المولى صراحة عن واقعنا وقدراتنا في قوله عزّ من قائل: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء:85].
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.