مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

قيمةُ الإنسان وعدم الإيمان بالحياة الآخرة

قيمةُ الإنسان وعدم الإيمان بالحياة الآخرة

تفاصيل المنشور

موضوع الحوار

منذ القدم، شغل الإنسان تساؤلات حول معنى الحياة وقيمتها، هل هي رحلة عابرة في هذا الكون الفسيح، أو مقدمة لوجود أبدي؟

هل تكمن قيمتها في متع الحياة الدنيا، أو في السعي لتحقيق غاية أسمى؟

يتناول هذا الحوار موضوع قيمة الإنسان من منظورين مختلفين: الإيمان بالحياة الآخرة وعدم الإيمان بها.

يُجادل الملحد بأنّ قيمة الإنسان تكمن في هذه الحياة الدنيا فقط، وأنّ عدم وجود حياة بعد الموت يجعلها ذات قيمة عظيمة، فهم يزعمون أنهم يتمتعون بالحياة دون قيود دينية، ويستمدون أخلاقهم وقيمهم من مبادئ عقلية واجتماعية مشتركة.

بينما يثبت المؤمن أنّ قيمة الإنسان تأتي من كونه مخلوقًا لله، وأنّ حياته لا تنتهي بمجرد موته، وأنّ غايته هي السعادة الأبدية في الجنة، وأنّ الإيمان بالحياة الآخرة يعطي للحياة الدنيا معنى وقيمة.

تفاصيل المنشور

موضوع الحوار

منذ القدم، شغل الإنسان تساؤلات حول معنى الحياة وقيمتها، هل هي رحلة عابرة في هذا الكون الفسيح، أو مقدمة لوجود أبدي؟

هل تكمن قيمتها في متع الحياة الدنيا، أو في السعي لتحقيق غاية أسمى؟

يتناول هذا الحوار موضوع قيمة الإنسان من منظورين مختلفين: الإيمان بالحياة الآخرة وعدم الإيمان بها.

يُجادل الملحد بأنّ قيمة الإنسان تكمن في هذه الحياة الدنيا فقط، وأنّ عدم وجود حياة بعد الموت يجعلها ذات قيمة عظيمة، فهم يزعمون أنهم يتمتعون بالحياة دون قيود دينية، ويستمدون أخلاقهم وقيمهم من مبادئ عقلية واجتماعية مشتركة.

بينما يثبت المؤمن أنّ قيمة الإنسان تأتي من كونه مخلوقًا لله، وأنّ حياته لا تنتهي بمجرد موته، وأنّ غايته هي السعادة الأبدية في الجنة، وأنّ الإيمان بالحياة الآخرة يعطي للحياة الدنيا معنى وقيمة.

  • الملحد: إن إيماننا بأنّ حياة الإنسان في الدنيا هي الحياة الحقيقية، ولا حياة له وراءها، هذا الإيمان منا هو الذي يجعلها أعظم قيمةً، بينما الذين يقولون بوجود حياة أخرى للإنسان بعد هذه الحياة ـ في الواقع ـ هم يسلبون منه روعة حياته، بل وروعة هذه الحياة.

  • الموحد: يظهر بنحوٍ واضحٍ أنّ القيمة التي تتحدّث عنها ـ والتي جعلتْك تؤمن بأن الحياة الدنيا هي الحياة الحقيقة، ولا حياة بعدها ـ هي الشهوات والملذّات والأهواء التي تجعل الإنسان في مصافِّ الحيوانات!!

  • الملحد: وهل التمتُّع بالحياة دون الحاجة للاعتقاد بحياةٍ ما بعد الموت يجعل المتمتِّع بها في مصافِّ الحيوانات!!

  • الموحد: بالطبع، نعم؛ لأن من أبرز النظريات التي جعلتِ الملحد يرى أن القيمة منحصرةٌ في هذه الأشياء هي إيمانه بأن الإنسان جاء إلى هذه الدنيا عن طريق الصدفة، وسيمضي عنها مُكرَهًا إلى العدم والمجهول، فمن الطبيعي ألّا تتعدّى اهتمامات المعتقد بهذا الفكر دائرة غرائزه وشهواته، ومن المؤكَّد أنه لا يتحدّث بغير ما يُشبع غرائزه، وليس ما سواها في نظره يستحق الاهتمام.

  • الملحد: عن أيِّ نظريةٍ تتحدَّث أنت؟! وأيّ نظرية هذه التي تجعل مَن يتمتَّع بالحياة في مصافِّ الحيوانات لمجرَّد أنه لا يعتقد بوجود حياةٍ بعد الموت؟!

  • الموحد: أتحدث عن تلك النظرية التي يستند إليها الملاحدة اليوم، وهي نظرية التطوّر، هذه النظرية التي جعلتْهم يقلّبون موازين قيمة الإنسان رأسًا على عقب، على حدّ تعبير “مايكل دينتون”، عالم الكيمياء الحيوية المشهور بنقد نظرية التطوّر، حيث يقول: ((رؤية [داروين] الجديدة الثورية غيّرت العالم … هي تتضمّن أن كلّ التنوّع للحياة في الأرض كانت نتيجة عمليات طبيعية وعشوائية وليست – كما كان يعتقد قبل ذلك – نتيجةً لخلق الإله. قبول هذا الادّعاء الكبير، وما ترتّب عليه من إزالة الإله من الطبيعة لعب دورًا حاسمًا في علمنة المجتمع الغربي)) [Evolution: A Theory in Crisis 17]، وقال في موضع آخر: ((النظرية الداروينية هي التي قطعت علاقة الإنسان بالإله، ووضعه على قدمٍ وساق في الكون بلا هدف ولا نهاية. وهذا الأمر هو الذي جعل تأثير النظرية أساسيًّا. لا توجد ثورة عقلانية في الأزمان الحديثة … أثّرت بهذا التأثير الكبير على نظرة الإنسان إلى أنفسهم ومكانتهم في الكون)). [(Evolution: A Theory in Crisis (67].

  • الملحد: الأخلاق والقيم يمكن أنْ تستند إلى قواعد ومبادئ عقلية واجتماعية مشتركة، دون الحاجة لتوجيهات دينية محدَّدة!

  • الموحد: ليس للإلحاد أيّ رؤية عن مبدأ الإنسان، ولا عن غايته ومصيره النهائي، بل ليس له إلا رؤية مشوَّهة له، فلا يمكن للإلحاد أنْ يتحدَّث عن قيمةٍ للإنسان، ليس لكونه كفَرَ بالإله فحسب، وإنما لكونه كفَر بالوجود وبالإنسان وبالعقل وبقيمة الحياة

  • الملحد: الرؤية التي وصفتَها بالمشوَّهة تعني القيم الإنسانية والخُلُقيّة التي تمنح الإنسان معنى وهدفًا في حياته!

  • الموحد: هذه القيمة التي تتحدث عنها أنت ومن على شاكلتك من الملحدين، أسقطها ريتشارد دوكنز – المعروف بدوره في الحركة الإلحادية الجديدة – بتصريحه الشهير: ((الكون ليس سوى تجمُّع للذرات المتحرِّكة، والبشرُ مجرَّد آلاتٍ لتكاثر الحمض النووي)) [(BBC Christmas Letter Study Guide (1991].. فقد حصر دوكنز الوجودَ في المادة والطاقة، معتبرًا أن كل شيء في الكون مجرَّد ذرات تتحرك، وأن الإنسان مجرد حيوان من الحيوانات، وأن هدفه الرئيسَ في الحياة هو التكاثر، وليس أكثر من ذلك.

  • الملحد: لا أعتقد أنّ هناك من يتفق معه من العلماء!!

  • الموحد: بل اتفق معه جملةٌ من كبار الملحدين، فها هو عرّاب الملحدين “ستيفن هوكينج” – الذي يعدّونه عالمَ الكون المشهور – قد أوغل في بيان ضحالة قيمةِ الإنسان في هذا الوجود، إذ يقول: ((الجنس البشري هو مجرّد وسَخٍ كيميائي، موجود على كوكب متوسّط الحجم)) [(1995) From the TV show Reality on the Rocks: Beyond Our Ken].

    فها هي قيمة الإنسان في نظر الإلحاد (وسَخٍ كيميائي) !!

    ويقول جورج جايلورد سيمبسون – أحد أشهر علماء الإحاثة في الولايات المتّحدة في القرن العشرين -: ((في عالم داروين، فإنه لا مكانة خاصّة للإنسان، غير تحديده بأنه نوعٌ خاصٌّ من الحيوان. هو ـ بمعنى الكلمة ـ جزءٌ من الطبيعة، وليس مستقلًّا عنها. هو مجانس – حقيقة لا مجازًا – لجميع الكائنات الحيّة، سواء أ كانت أميبة أم دودة شريطية، أم عشبًا بحريًّا، أم شجرة البلوط، أم قردة – وإن كانت درجة العلاقة بينها متفاوتة”)) [The World into Which Darwin Led Us، Science 131 (1960)، p. 970].

    والأخطر من هذا وذاك هو بلوغ الإلحاد مرحلة التبرير لحرق الأطفال بقنابل النابالم بحجة عدم وجود إثبات يمنع من ذلك، يقول آرثر ألين ليف Arthur Allen Leff أستاذ القانون بجامعة يال بالولايات المتحدة الأمريكية: ((لا توجد طريقة لإثبات أن حرق الأطفال بقنابل النابالم هو شيء سيء)).

    there is today no way of ‘proving’ that napalming babies is bad

    Economic Analysis of Law: Some Realism about Nominalism (1974)، p.454.

    وها قد بان لك ولغيرك بنحوٍ واضحٍ مَن الذي يسلب من الحياة روعتها.

    والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.