فاطمة (عليها السلام) الزكيّة

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

لقد تكرر هذا اللقب (الزكية) في الصلوات والزيارات المخصوصة بسيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام)، من نحو ما رواه الشيخ الطوسي (قدس سره) عن أبي محمد عبد الله بن محمد العابد، قوله: ((سألت مولاي أبا محمد الحسن بن علي عليهما السلام في منزله بسُرَّ من رأى، سنة خمس وخمسين ومائتين أن يُملي عليَّ من الصلاة على النبي وأوصيائه عليه وعليهم السلام، وأحضرت معي قرطاسًا كثيرًا، فأملى عليَّ لفظًا من غير كتاب)). إلى أن يقول: ((الصلاة على السيدة فاطمة عليهما السلام: اللهم صلِّ على الصديقة فاطمة الزكية حبيبة حبيبك ونبيك وأمِّ أحبّائك وأصفيائك التي انتجبتها وفضلتها، واخترتها على نساء العالمين)) [مصباح المتهجد، ص401].

وورد هذا اللقب المبارك (الزكية) للزهراء (عليها السلام) في نصوصٍ روائية كثيرة، وطفحت بها الكتب الحديثية، من ذلك ما رواه المجلسي (رحمه الله) في “بحار الأنوار” عن الإمام الصادق (عليه السلام) في كيفية ولادتها وحضور نساء الجنة عندها وقولهم لخديجة (عليها السلام): ((خذيها يا خديجة طاهرةً مطهرة زكية ميمونة)) [بحار الأنوار، ج16، ص81].

والتزكية في اللغة هي بمعنى التطهير، وإنما سُمِّيت الزكاة زكاةً؛ لأنها تطهِّر الأموال، وهذا اللقب المبارك يدلّ على طهارة الذات، وهو من صفات المعصومين (عليهم السلام).

وفي تفسير قوله تعالى: {‌قَدۡ ‌أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} [الشمس: 9]، قال المفسرون: ((التزكية التطهير من الأخلاق الذميمة الناشئة من الغضب والحسد والبخل وحبِّ الجاه وحبِّ الدنيا والكِبْر والعُجب؛ فمن عالج هذه الأمراض بالأعمال الصالحة صارت نفسه مطهَّرة مزكاة)) [مجمع البيان، ج10، ص370].

وقال ابن الجوزي في “زاد المسير”: ((معنى زكاها: أصلحها، وطهرها من الذنوب)) [زاد المسير في علم التفسير، ج4، ص451].

وقال المنذري في “الترغيب والترهيب” مبينًا معنى الآية الكريمة: ((أي طهَّر نفسه من الأدناس، ونقّاها من المعاصي، وجعلها صالحة لطاعات الله)) [الترغيب والترهيب، ج1، ص515].

فيكون معنى تسمية الزهراء الطاهرة بالزكية، أنها فازت، وأفلحت بالزكاة والطهارة الفطرية الذاتية، وكانت بعيدة عن الأخلاق الدنيّة الرديّة، وفازت بكلِّ موجبات النجاة يوم القيامة. [الخصائص الفاطمية، للكجوري، ج1، ص227].

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.