تفاصيل المنشور
- السائل - راجح محمد
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 45 مشاهدة
تفاصيل المنشور
ما هو سبب إسقاط آل بيت عقيل وآل جعفر وآل عباس وآل حمزة من آل البيت عند الشيعة وإظهار آل بيت علي وكأنهم هم آل بيت النبي فقط؟
السائل
راجح محمد
ما هو سبب إسقاط آل بيت عقيل وآل جعفر وآل عباس وآل حمزة من آل البيت عند الشيعة وإظهار آل بيت علي وكأنهم هم آل بيت النبي فقط؟
أولاً: الشيعة انما يأخذون ما آتاهم الرسول (صلى الله عليه وآله) عملاً بكتاب الله عزّ وجل القائل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7]، وقد ثبت بما لا يقبل الشك ان الرسول (صلى الله عليه وآله) هو من أخرج آل عقيل وآل جعفر وآل عباس وغيرهم، بتحديده المراد من أهل بيته عند نزول قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، حيث جلل عليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) بكساء له (صلى الله عليه وآله) وقال: “اللهم هؤلاء أهل بيتي”، فدل على أنه ليس هناك أحد غيرهم يشمله وصف أهل البيت النبوي.
فقد روى أحمد في مسنده وغيره بأسانيد ثلاثة شهد الشيخ شعيب الأرنؤوط بصحتها [انظر: مسند أحمد: ج44/ص119]، أنه عند نزول هذه الآية المباركة جلل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عليا وفاطمة والحسن والحسين بكساء له وقال: “اللهم هؤلاء أهل بيتي”.
وقال ابن تيمية في منهاج السنة [ج5/ص13]: “وأما حديث الكساء فهو صحيح رواه أحمد والترمذي من حديث أم سلمة، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة. قالت: «خرج النبي – صلى الله عليه وسلم – ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا}» [سورة الأحزاب: 33].
وقال الشوكاني في [إرشاد الفحول: ج1/ ص222، ط1]: “قد ورد بالدليل الصحيح أنها نزلت في علي وفاطمة والحسنين”.
وقال أحمد بن محمد الشامي في [جناية الأكوع: ص125]: “وقد أجمعت أمهات كتب السنة وجميع كتب الشيعة على أن المراد بأهل البيت في آية التطهير النبي (ص) وعلى وفاطمة والحسن، لأنهم الذين فسر بهم رسول الله (ص) المراد بأهل البيت في الآية، وكل قول يخالف قول رسول الله (ص) من بعيد أو قريب مضروب به عرض الحائط، وتفسير الرسول (ص) أولى من تفسير غيره، إذ لا أحد أعرف منه بمراد ربه”.
والأهم من ذلك كله قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): “اللهم هؤلاء أهل بيتي” التي أفادت الحصر بشكل واضح، ففي علم البلاغة أن تعريف الجزئين يفيد الحصر (راجع: الإتقان للسيوطي: ص583)، والجزأن هنا معرفة، الأول (هؤلاء) وهو إسم إشارة من المعارف، والثاني (أهل بيتي) مضاف ومضاف إليه وهو من المعارف أيضا، وهذا يعني أن هؤلاء هم أهل البيت المقصودون بآية التطهير وليس غيرهم.
قال الآلوسي في تفسيره [روح المعاني: ج22/ص14]: “وأخبار إدخاله (ص) عليا وفاطمة وبنيها (رضي الله تعالى عنهم) تحت الكساء، وقوله (عليه الصلاة والسلام): “اللهم هؤلاء أهل بيتي” ودعائه لهم، وعدم إدخال أم سلمة أكثر من أن تحصى، وهي مخصصة لعموم أهل البيت بأي معنى كان. فالمراد بهم من شملهم الكساء، ولا يدخل فيهم أزواجه”.
والأحاديث المتضمنة لهذا المعنى مستفيضة ان لم نقل متواترة، وهي أكثر من أن نحصيها.
ثانياً: ومما يؤكد ذلك ويزيده وضوحا هو ما بَوّب به أكابر علمائكم صحاحهم ومسانيدهم وسُننهم، إذ ذكر كلُّ واحدٍ منهم باباً ضمن مصنفه تحت عنوان: (باب فضائل أهل البيت)، وأورد فيه حصراً ما جاء من فضائل في حقِّ علي، وفاطمة، والحسن، والحسين (عليهم السلام)، ولم نلحظ لغيرهم ذكراً معهم، وبيان ذلك:
صحيح مسلم: (بابُ فضائل أهل بيت النبيِّ صلى الله عليه وسلّم) [ج7: ص130/ح 6414]، فمَن أمعن النظر في هذا الباب وأنعم التأمُّل لاحَ له الحقّ من أنَّ المراد بأهل البيت هم عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، بل الذي يؤكِّد ذلك أنّ مسلماً لم يأتِ على ذكر شيءٍ في هذا الباب سوى رواية عائشة التي تؤكّد سبب نزول آية التطهير في الخمسة أصحابِ الكساء.
جامع الأصول من أحاديث الرسول: (فضائل أهل البيت) [ج9/ص6700 ـ 6709]، وبنظرةٍ فاحصة في هذا الباب ستجد أنّ ابن الأثير لم يذكرْ فيه سوى فضائل الخمسة، وهم عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، دون من عداهم، وكلّ ما ذكره في المجلّد التاسع تحت عنوان (فضائل أهل البيت) لم يتطرّقْ فيه ولو في حديثٍ واحدٍ لذكر غير أصحاب الكساء تحت العنوان المذكور.
السُّنّة لابن أبي عاصم: من ضمن الأبواب التي بوّب بها كتابه بابٌ (في فضائل أهل البيت) [ج4/ص72]، وقد ذَكر فيه عدة أحاديث لم يردْ فيها ذكرٌ لغير علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام).
المستدرك على الصحيحين: قال: (ومن مناقب أهل رسول الله) [ج3/ص158]، فذكر سبعةَ عشر حديثاً في خصوص عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، ولم يردْ تحت هذا العنوان ذكرٌ لسواهم.
سُنن البَيْهقي: ذَكر عدّة أبوابٍ منها (بابُ بيان أهل بيته الذين هم آلُه) [ج2/63، ح 2972]، وجاء فيه حديثان، حديث الثقلين وحديث الكساء ولم يرد فيهما ذكر لغير علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام).
سُنن التِّرمِذيّ: أيضاً ذكر عدّة أبوابٍ وأفرد باباً في مناقب أهل البيت، ولفظُه (باب مناقب أهل بيت النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ) [ج5/ص662 / ح 3786. وص663 / ح 3787. وص664 / ح 3789]. وأورد في هذا الباب ثلاثة أحاديث لم يذكر فيها غير أصحاب الكساء (عليهم السلام).
إتحاف الخيرة المهَرة بزوائد المسانيد العشرة: ذكر مصنِّفه عدّة أبوابٍ وأدرج في ضمنها باباً عنونه (باب ما جاء في آل بيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) [ج7/ص87]، أورد فيه المصنف عدّة أحاديث في خصوص الخمسة أصحاب الكساء (عليهم السلام)، ولم يَرد تحت هذا العنوان حديثٌ واحدٌ يذكر آل عقيل او آل جعفر أو آل عباس أو غيرهم.
شرح السنّة للبَغَويِّ: ومن ضمن ما بوّب به كتابه (باب مناقب أهل الرسول) [ج14/ص115، وص117، وص119]، ذَكر فيه معنى مفردة الرجس بعد ذكره لآية التطهير دون سواها، ثمّ أردفها بحديث عائشةَ أنّ آية التطهير نزلتْ في عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، ثمّ قال: هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجه مسلم… وذَكر حديثَ أمّ سلَمة أيضاً في نزول آية التطهير في الخمسة (عليهم السلام)، وذَكر حديثَ الثِّقْلين المتواتر، ولم يرد ذكرُ أحدٍ في الباب غير هؤلاء الخمسة (عليهم السلام) تحت عنوان أهل البيت.
غاية المقصد في زوائد المُسنَد للهيثميّ: قال تحت عنوان: (مناقب أهل البيت) [ج3/ص381، وص382]، وذكر فيه عدّة أحاديث، ولم نرَ أنّ الهيثميّ ذكر آل جعفر وآل عقيل وآل عباس ولا حتى زوجات النبيّ (صلى الله عليه وآله) في مناقب أهل البيت (عليهم السلام).
المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية لابن حجَر: (باب فضل أهل البيت) [ج16/ص215/ح3972. وص220/ح3973]، وقد جاء فيه عدّةُ أحاديث لا تخرج عن الخمسة أصحاب الكساء (عليهم السلام).
فعُلِم من جميع ما تقدم ان عنوان (اهل البيت) – متى ما اطلق – يراد به عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، ولا يعم أحداً من عشيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأسرته إلا بقرينة، لذا لا نجد علمائكم – على ما قدمناه وبيناه آنفا – قد ذكروا سواهم أو أشركوا معهم غيرهم في هذا العنوان.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين