تفاصيل المنشور
- المستشكل -أكرم عبد الله
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 124 مشاهدة
تفاصيل المنشور
يقولون بأنّ أئمتهم معصومون عصمة مطلقة ومعصومون من الخطأ؛ إذ الرسول وعلي معصومان من الخطأ، والحق مع عليّ، وعليٌّ مع الحق. طيب في رزية صلح الحديبية عليّ عصى رسول الله، ولم يمحُ كلمة “رسول الله” حينما أمره الرسول بهذا، فكيف لمعصوم يعصي أمر معصوم؟ ومن كان على الحق، الرسول أم عليّ؟ ومن الذي أخطأ، الرسول أم عليّ؟
المستشكل
أكرم عبد الله
يقولون بأنّ أئمتهم معصومون عصمة مطلقة ومعصومون من الخطأ؛ إذ الرسول وعلي معصومان من الخطأ، والحق مع عليّ، وعليٌّ مع الحق. طيب في رزية صلح الحديبية عليّ عصى رسول الله، ولم يمحُ كلمة “رسول الله” حينما أمره الرسول بهذا، فكيف لمعصوم يعصي أمر معصوم؟ ومن كان على الحق، الرسول أم عليّ؟ ومن الذي أخطأ، الرسول أم عليّ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..
إن عصمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أمر مسلّم ومفروغ عنه، ولا يماري في عصمته إلا الجاهل المتعسِّف، إلا أنّ العناد والمكابرة في عصمة الإمام عليّ (عليه السلام) على رغم عشرات النصوص الواضحة التي يُستشفّ منها عصمته (عليه السلام)، ونكتفي منها بذكر الحديث المستفيض عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهو: ((عليّ مع القرآن، والقرآن مع علي، لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض)) رواه الحاكم في “مستدركه”، وقال: ((صحيح الإسناد، وأبو سعيد التيمي هو عقيصاء: ثقة مأمون، ولم يخرِّجاه))، ووافقه الذهبي في تلخيصه، وقال: ((صحيح)) [المستدرك على الصحيحين، ج3، ص123-124].
وقد صرّح الصنعاني بدلالة الحديث على عصمة الإمام علي (عليه السلام) فقال: ((“علي مع القرآن” تابع له، لا يفارق أمره ونهيه ومواعظه وأمثاله ومعرفة معانيه والاشتغال به، ولا يأتي أمرًا ولا نهيًا إلا: “والقرآن مع علي” مصاحبه “لن يفترقا” فعليٌّ لا يأتي خلاف القرآن فهو لا يفارقه، والقرآن لا يفارق من اتخذه قدوته، فهما مصطحبان “حتى يردا عليَّ الحوض” وورود القرآن حقيقة إذا تجسمت الأعراض في الآخرة، أو جعل ورود عليّ على الحوض مصاحبًا للقرآن، ورودًا للقرآن، وهذا الحديث من أدلة العصمة؛ لأن من لازم القرآن، ولازمه القرآن لا يأتي معصية؛ إذ لو أتاها لفارقه القرآن، والحديث يشهد بأنه لا فراق بينهما»[التنوير شرح الجامع الصغير، ج7، ص334].
وقال الهيثمي في “المجمع”: ((وأخرج البزار عن أبي ذر، قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لعليٍّ “يا عليُّ، من فارقني فارق الله، ومن فارقك فارقني” رواه البزار، ورجاله ثقات)) [مجمع الزوائد، ج9، ص135].
والحديث أشار إليه البخاري في تاريخه (7/ 333)، وأخرجه الإمام أحمد في الفضائل [فضائل الصحابة، ج2، ص570 رقم 962].
هذا فيما يخص عصمته (عليه السلام) وهو فيض من غيض مما جاء في إثباتها.
وأما عن حادثة صلح الحديبية، والتي ورد فيها ما ظاهره امتناع عليّ (عليه السلام) من تنفيذ أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بمحو لفظ (رسول الله) من كتاب الصلح، فإنّ كثيراً من علماء السنّة يرون أن عدم محو لفظ (رسول الله) من الصلح هو فضيلة لأمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، لا أنه دليل على معصية أمر الرسول ومخالفته.
قال ابن حجر في الفتح: ((وكأن عليًّا فهم أن أمره له بذلك ليس متحتمًا، فلذلك امتنع من امتثاله)) [فتح الباري لابن حجر، ج7، ص503].
وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم: ((وهذا الذي فعله عليّ رضي الله عنه من باب الأدب المستحب؛ لأنه لم يفهم من النبي صلى الله عليه وسلم تحتيم محو عليٍّ بنفسه، ولهذا لم ينكر، ولو حتّم محوه بنفسه لم يجز لعليٍّ تركه، ولما أقرّه النبي صلى الله عليه وسلم على المخالفة)) [صحيح مسلم بشرح النووي، ج12، ص135].
وقال القاضي عياض في إكمال المعلم: ((وقوله صلى الله عليه وسلم لعليٍّ رضي الله عنه لما أمره بمحو “رسول الله” فقال: لا، والله لا أمحاها: “أرني مكانها” فأراه فمحاها، وكتب، لم يكن من علي رضي الله عنه خلافًا لأمره صلى الله عليه وسلم، ولكن أدبًا أن يُمحى وصفه الكريم من النبوة)) [إكمال المعلم بفوائد مسلم، ج6، ص150].
وقال القسطلاني في إرشاد الساري: ((قال عليّ رضي الله عنه: ما أنا بالذي أمحاه، ليس بمخالفة لأمره عليه الصلاة والسلام، بل علم بالقرينة أن الأمر ليس للإيجاب)) [إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري، ج6، ص159].
وقال العيني في عمدة القاري: ((وقول عليّ رضي الله تعالى عنه: ما أنا بالذي أمحاه، ليس بمخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه علم بالقرينة أن الأمر ليس للإيجاب)) [عمدة القاري في شرح صحيح البخاري، ج13، ص275].
وقال القرطبي في “المفهم”: ((وحَلَفَ عليّ ألا يمحو ما أمره بمحوه تعظيماً لمحو اسم الرسالة عن النبي صلى الله عليه وسلم)) [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ج3، ص636].
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.