مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

عزة الإسلام بوجود الأئمة من آل محمد

تفاصيل المنشور

الاشكال

استدلالكم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الخلفاء من بعدي اثنا عشر” وأنه ينطبق على أئمتكم لورود نصوص في هذا الحديث تؤكد أن الإسلام يكون عزيزًا بوجود هؤلاء الاثني عشر، ولكن أين عزّة الدين بوجود أئمتكم؟!! دلونا ولو على موقف واحد لأئمتكم أعزوا فيه الإسلام والمسلمين!!

المستشكل

عزيز أحمد منتصر

تفاصيل المنشور

الاشكال

استدلالكم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الخلفاء من بعدي اثنا عشر” وأنه ينطبق على أئمتكم لورود نصوص في هذا الحديث تؤكد أن الإسلام يكون عزيزًا بوجود هؤلاء الاثني عشر، ولكن أين عزّة الدين بوجود أئمتكم؟!! دلونا ولو على موقف واحد لأئمتكم أعزوا فيه الإسلام والمسلمين!!

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

كان الإسلام عزيزًا، وسيبقى عزيزًا بوجود الأئمة من آل محمد (عليهم السلام).. فقد اشتهر عن عمر بن الخطاب، وهو في سدّة الحكم قوله: ((لولا عليّ لهلك عمر)) [تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة، ص152، ذخائر العقبى، ص82، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج1، ص141، المناقب للخوارزمي، ص81 ، فيض القدير، ج4، ص470]، – وكذا اشتهر عن أبي بكر في خلافته وعثمان أيضًا – وهذا يكشف بكل وضوح أن عزته في أنه حاكم وعزة الدولة التي يحكمها كان منوطًا بوجود أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)، وليس تلك المشورة العظيمة في الحرب مع الفرس، والتي قلبت المعادلة لصالح المسلمين إلا واحدة من هذه المواقف التي أنقذ فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) دولة الإسلام من الخطر المحدق بها.

ودونك هذا الموقف الآخر الذي يبين عزّة الإسلام بوجود أئمتنا (عليهم السلام) وهو موقف إمامنا الباقر (عليه السلام)، لمّا هدد ملك الروم في وقتها المسلمين بأن ينقش شتم النبي (صلى الله عليهم وآله وسلم) على الدراهم والدنانير، وينشرها في العالم كلّه، حيث كانت العملة لا تنقش إلا في بلاد الروم، وهي العملة السائدة يومذاك.

وفي هذا التصرف من ملك الروم إذلالٌ للإسلام والمسلمين وتهديد لوجودهم المعنوي والاقتصادي؛ لأنهم إن عملوا بهذه العملة كان ذلًّا لهم، وإن امتنعوا عن العمل بها انهار اقتصادهم الذي يعتمد عليها.. ((فضاقت الأرض بما رحبت على عبد الملك بن مروان – الخليفة الأموي يومها – ولم يعرف ماذا يفعل، فجمع الناس ليشيرهم  برأي في القضية، فلم يجد عندهم رأيًا حاسمًا. فأشار عليه بعض حاشيته [وهو أمير فلسطين روح بن زنباع] أنه عليك بالباقر من أهل بيت النبي (ص) فهو المخرج من هذا الأمر.

فبعث عبد الملك بن مروان إلى عامله في المدينة أن يشخص إلى محمد بن علي بن الحسين الباقر مكرماً، ويحمله على أفضل جهاز حتى يأتي إليه، وبالفعل حمل الإمام (عليه السلام) على أفضل جهاز حتى وصل إلى عبد الملك بن مروان، ولمّا وافاه أخبره الخبر، فقال له الإمام (عليه السلام): لا يعظم هذا عليك، فإنه ليس بشيء من جهتين: إحداهما أن الله عزّ وجل لم يكن ليطلق ما تهدد به صاحب الروم في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والأخرى وجود الحيلة فيه.

قال: وما هي؟

قال (عليه السلام): تدعو في هذه الساعة بصناع، فيضربون بين يديك سككًا للدراهم والدنانير، وتجعل النقش عليها سورة التوحيد وذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أحدهما: في وجه الدرهم والدينار، والآخر: في الوجه الثاني، وتجعل مدار الدرهم والدينار ذكر البلد الذي يضرب فيه والسنة التي تضرب فيها تلك الدراهم والدنانير، وتعمد إلى وزن ثلاثين درهمًا عددًا من الأصناف الثلاثة التي تكون العشرة منها وزن عشرة مثاقيل، وعشرة منها وزن ستة مثاقيل، وعشرة منها وزن خمسة مثاقيل، فتكون أوزانها جميعًا إحدى وعشرين مثقالًا، فتجزئها من الثلاثين، كل عشرة وزن سبعة مثاقيل، وتصحب صنجات (قوالب) من قوارير، لا تستحيل إلى زيادة ولا نقصان، فتضرب الدراهم على وزن الأجزاء العشرة التي تعادل سبعة مثاقيل، وتضرب الدنانير على وزن سبعة مثاقيل، التي تعادل عشرة دراهم، فتكون كل عشرة دراهم يعادل وزنها سبعة دنانير، فيصير وزن كل درهم نصف مثقال وخمسة.

ففعل ذلك عبد الملك، وأمره محمد بن علي بن الحسين الباقر (عليه السلام) أن يكتب السكك في جميع بلدان الإسلام وأن يتقدم إلى الناس في التعامل بها وأن يتهدد بقتل من يتعامل بغير هذه السكة من الدراهم والدنانير، وأن تبطل، وترد إلى مواضع العمل حتى تعاد إلى السكك الإسلامية.

ففعل ذلك عبد الملك، ورد رسول ملك الروم، وقال له: إن الله عز وجل مانعك مما قد أردت أن تفعله، وقد تقدمت إلى عمالي في أقطار البلاد بكذا وكذا وبإبطال السكك والطروز الرومية.

فقيل لملك الروم: افعل ما كنت تهدد به ملك العرب.

فقال: إنما أردت أن أغيظه بما كتبت إليه؛ لأني كنت قادرًا عليه، فأمّا الآن فلا أفعل؛ لأنّ ذلك لا يتعامل به أهل الإسلام. وامتنع من الذي قال، وثبت ما أشار به محمّد بن علي بن الحسين إلى اليوم)) [حياة الحيوان الكبرى للدميري، ج1، ص127-129، المحاسن والمساوئ للبيهقي، ص342].

وبذلك أبطل الإمام الباقر (عليه السلام) تهديد ملك الروم، وحمى الإسلام والمسلمين من هذا الخطر المحدق بهم.. وغيرها كثير من مواقفهم (عليهم السلام) التي أعزت الإسلام وأهله مما يضيق المقام عن استقصائها.

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.