مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

صحابيٌّ رافضيّ

تفاصيل المنشور

الاشكال

نتحدّى الروافض أنْ يأتوا بواحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم كان على دينهم ومعتقدهم، وإلا فهُم لا دين لهم، فصحابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاطبةً كانوا على دينه ومنهاجه، يأخذون منه تعاليم الشريعة، ومنهم عليّ رضي الله عنه وأبناؤه!!

المستشكل

أيمن

تفاصيل المنشور

الاشكال

نتحدّى الروافض أنْ يأتوا بواحدٍ من الصحابة رضي الله عنهم كان على دينهم ومعتقدهم، وإلا فهُم لا دين لهم، فصحابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاطبةً كانوا على دينه ومنهاجه، يأخذون منه تعاليم الشريعة، ومنهم عليّ رضي الله عنه وأبناؤه!!

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

عندما يفقد الشخص الحجج المنطقية والأدلة العلمية في المحاورات والمناظرات يلجأ إلى المهاترات، والمهاترة – وذلك لا يخفى – نوعٌ من الإفلاس المعرفيّ، فنرى أنّ بعض المفردات التي تلفّظ بها المستشكل كقوله: (نتحدى) و(الروافض) و(دينهم)، لا تستأهل تضييع الوقت في الردِّ والإيراد عليها، بقدر ما يستأهل صرف الوقت في إثبات الحقائق وتعرية الباطل وإبطاله.

فنقول ردًّا على مدَّعاه: روى أحمد في مسنده – بسندٍ رجالُه ثقات – أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال في حقِّ موت أبي ذر: ((إنّه ليموتَنّ رجلٌ منكم بفلاة من الأرض، يشهده عصابة من المؤمنين))، قال المحقِّق للمسند شعيب الأرنؤوط: ((إسناده حسن)) [مسند أحمد بن حنبل، ج35، ص300].

وحسّنه – أيضًا – الألباني في صحيح الترغيب والترهيب. [صحيح الترغيب والترهيب، ج3، ص295]، ونصَّ الشوكاني في درّ السحابة على أنّ رجاله رجال الصحيح. [در السحابة، ص357].

ومحل الشاهد في الحديث أنّ من يشهد دفن أبي ذر فهو من المؤمنين بشهادة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والسؤال هنا: مَن الذي شهد دفن أبي ذر؟

الجواب: شهد دفنَ ابي ذر (رضوان الله عليه) جماعةٌ من الصحابة، منهم: حجر بن عدي، وممن نصَّ على حضور حجر دفن أبي ذر الذهبي وغيره. [انظر: سير أعلام النبلاء، ج2، ص77].

والسؤال هنا: ما عقيدة حجرٍ التي شهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لصاحبها بالإيمان، بحيث يمكننا أنْ نقول عن كل شخصٍ يطوي قلبه على هذه العقيدة: إنه من المؤمنين بنص الحديث المذكور، إذ الإيمان معنىً قلبيٌّ، وذلك معلوم؟!

الجواب: أن حجرًا كان شيعيًّا، يعتقد بما يعتقده الشيعة الإمامية اليوم من لزوم ولاية أهل البيت (عليهم السلام)، وأنهم الأحق بخلافة المسلمين، وهذه العقيدة هي التي كانت السبب في مقتله، وإليك الدليل على تشيُّعه واعتقاده بولاية أهل البيت (عليهم السلام):

قال الذهبي عنه في سير أعلام النبلاء: ((كان شريفًا، أميرًا مطاعًا، أمّارًا بالمعروف، مقدِمًا على الإنكار، من شيعة عليّ رضي الله عنهما، شهد صِفّين أميرًا، وكان ذا صلاح وتعبُّد)) [سير أعلام النبلاء، ج3، ص 462]، وقد شهد الحاكم النيسابوري بأنّ قتله إنما كان بسبب موالاته لعليٍّ (عليه السلام) [انظر: المستدرك على الصحيحين، ج3، ص534].

وقد نصَّ زياد بن أبيه في شهادته التي كتبها إلى معاوية: أنّ حجرًا يعتقد أنّ هذا الأمر (أي الخلافة) لا يصلح إلا في آل عليِّ بن أبي طالب، قال ابن كثير في البداية والنهاية: ((… وبعث معه جماعة يشهدون عليه أنه سبَّ الخليفة، وأنه حارب الأمير، وأنه يقول: إنّ هذا الأمر لا يصلح إلا في آل عليِّ بن أبي طالب)) [البداية والنهاية، ج8، ص56].

وروى الطبريّ في تأريخه، وابن الأثير في كامله أن معاوية عندما أمر بقتل حجرٍ وأصحابه، جاء رسول معاوية، فقال لهم: ((إنّا قد أُمرنا أنْ نعرض عليكم البراءة من عليِّ بن أبي طالب واللعن له، فإنْ فعلتم تركناكم، وإنْ أبيتم قتلناكم. وإنّ أمير المؤمنين معاوية يزعم أنّ دماءكم قد حلّت له بشهادة أهل مصركم عليكم. غير أنه قد عفا عن ذلك، فابرؤوا من هذا الرجل نخلّي سبيلكم. فقالوا: إنّا لسنا فاعلي ذلك. فأُمر بقبورهم فحُفرت، وأُدنيت أكفانهم، فقاموا الليل كله يُصلّون، فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية: يا هؤلاء، لقد رأيناكم البارحة قد أطلتمُ الصلاة، وأحسنتمُ الدعاء، فأخبرونا: ما قولكم في عثمان؟ قالوا: هو أول من جار في الحكم، وعمل بغير الحق، فقال أصحاب معاوية: أمير المؤمنين معاوية أعلم منكم. ثم قالوا: تبرؤون من هذا الرجل؟ قالوا: بل نتولّاه، ونتبرّأ ممّن تبرأ منه. فأخذ كلُّ رجل من أصحاب معاوية رجلًا منهم ليقتله، فقال لهم حجر: دعوني أتوضأ، قالوا: توضأ. فلما توضأ قال لهم: دعوني أصلي ركعتين، فأيمن الله ما توضأت قط إلا صلّيت ركعتين. فتركوه يصلي، فلما صلى قال: والله ما صليت صلاة قط أخفّ منها. ولولا أن تظنوا فيَّ جزعًا من الموت لاستكثرت فيها)) [تاريخ الطبري، ج6، ص154، الكامل في التاريخ، ج3، ص243].

فهاهنا سؤال: هل تراه تختلف عقيدة الشيعة الإمامية اليوم عن عقيدة حجر هذه التي شهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لصاحبها بالإيمان، والتي لم يتبرأ منها، ومات محتسبًا عليها؟

قال ابن أبي الحديد المعتزلي في (شرح نهج البلاغة): ((روى أبو عمر بن عبد البر قبل أن يروي هذا الحديث في أوّل باب جندب: كان النفر الّذين حضروا موت أبي ذر بالربذة مصادفة جماعة، منهم حجر بن الأدبر، ومالك بن الحارث الأشتر. (يقول ابن أبي الحديد:) قلت: حجر بن الأدبر هو حجر بن عدي الّذي قتله معاوية، وهو من أعلام الشيعة وعظمائها، وأمّا الأشتر فهو أشهر في الشيعة من أبي الهذيل في المعتزلة، قُرئ كتاب (الاستيعاب) على شيخنا عبد الوهاب بن سكينة المحدّث، وأنا حاضر، فلمّا انتهى القارئ إلى هذا الخبر(الحديث الذي ورد فيه: يشهد دفنه عصابةٌ من لمؤمنين) قال أستاذي عمر بن عبد الله الدباس – وكنت أحضر معه سماع الحديث – : لتقل الشيعة بعد هذا ما شاءت، فما قال المرتضى والمفيد إلا بعض ما كان حجر والأشتر يعتقدانه في عثمان ومن تقدّمه، فأشار إليه الشيخ بالسكوت، فسكت)) [شرح نهج البلاغة، ج15، ص100].

إذن، فهذا واحد من الصحابة، وهو حجر بن عدي الكندي الذي شهد له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالإيمان، وليس بعد شهادة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) شهادة، وشهد علماء أهل السُّنة بتشيُّعه لعليٍّ (عليه السلام)، كما شهدوا بأنّ عقيدته هي عقيدة الشيعة، وأن ما قاله حجر آنذاك تقوله الشيعة اليوم من أحقية أئمة أهل البيت (عليهم السلام) بولاية الأمر والخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.