تفاصيل المنشور
- السائل - مهدي الخزاعي
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 14 مشاهدة
تفاصيل المنشور
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته… هذا رأيٌ لأحد آراء العلماء، والمتوفى سنة 1947م وهو (حرمة شد الرحال لزيارة قبور ومراقد غير المعصومين) مستندًا لرواية الإمام الرضا عليه السلام الواردة في الوسائل، كيف يمكن الرد على هذا الرأي… جزاكم الله خير الجزاء..
السائل
مهدي الخزاعي
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته… هذا رأيٌ لأحد آراء العلماء، والمتوفى سنة 1947م وهو (حرمة شد الرحال لزيارة قبور ومراقد غير المعصومين) مستندًا لرواية الإمام الرضا عليه السلام الواردة في الوسائل، كيف يمكن الرد على هذا الرأي… جزاكم الله خير الجزاء..
الأخ مهدي المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هذه الرواية ذكرها الشيخ الصدوق (قدس) في كتابيه [الخصال، ج1، ص143، حديث 167، وعيون أخبار الرضا (ع)، ج2، ص354، حديث رقم (1)، باب 66]، فقال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رض)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ياسر الخادم، قال: قال علي بن موسى الرضا (ع): ((لا تُشدّ الرحال إلى شيء من القبور إلا إلى قبورنا، ألا وإني مقتول بالسم ظلمًا، ومدفون في موضع غربةٍ، فمن شد رحله إلى زيارتي استُجيب دعاؤه، وغُفر له)).
والرواية من حيث السند رجالها ثقات غير “ياسر الخادم”، فلم يرد في حقه جرح ولا تعديل سوى أنه خادم الرضا (ع)، وهو مولى حمزة بن اليسع، وله مسائل عن الرضا (ع).
وأكثر العلماء يستندون إلى هذا الحديث، ويعملون به، بل لم ينكره أحدٌ منهم، الأمر الذي يرفع من قيمة الحديث حتى لو كان في إسناده ضعفٌ بناءً على المبنى المعروف بين علمائنا الذي ينص على أن الحديث إذا عمل به المشهور من فقهائنا فيعد حديثًا صحيحًا حتى لو اشتمل إسناده على ضعف.
وأما من حيث المتن والمضمون، فالنهي الوارد في الرواية ليس نهيًا عن زيارة غير قبور المعصومين (عليهم السلام) من المؤمنين والصلحاء، وإنما هو نهيٌ عن شد الرحال والسفر إليها؛ إذ من الثابت المعلوم استحباب زيارة قبور المؤمنين والصلحاء لِما ورد عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من استحباب زيارة قبر كلّ مؤمن، وانّ الميت يفرح بذلك. [راجع: الفقيه، ج1، ص115 باب 26 برقم 540]، وورد – أيضًا – أنه يَدخل على الميت بوقوف قريبه على قبره نحوُ ما يَدخل الإنسانَ بوصول الهديّة إليه من الفرح. [راجع: مستدرك وسائل الشيعة، ج1، ص129 باب 45 برقم 6]، وورد التأكيد على زيارة قبور المؤمنين يوم الخميس والإثنين والسبت. [ينظر: الكافي، ج3، ص228 باب زيارة القبور برقم 3؛ والفقيه، ج1، ص114 باب 26 برقم 537]، إلى غير ذلك مما جاء في روايات كثيرة.
إذن، فمحل الكلام هو في النهي عن شد الرحال والسفر بقصد زيارة قبور غير قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وغير قبور الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، لا في أصل الزيارة، لثبوت استحبابها كما مرّ آنفًا.
وحمْل النهي الوارد في الرواية على الحرمة خلاف القاعدة، قال الشيخ المامقاني: ((إن مقتضى القاعدة بعد ثبوت رجحان الزيارة هو رجحان مقدّمته أيضًا، ولازم ذلك هو رجحان السفر لكلّ زيارة فيها رجحان شرعيّ، كزيارة أولاد الأئمّة عليهم السّلام، وخيار أصحابهم، وعلماء الفرقة المحقّة، والزهاد والعبّاد، بل وعموم المؤمنين، … وحيث إن ما تضمّنه [الحديث أو متن الرواية] منافٍ للقاعدة المتقنة، لزم حمله على نفي تأكُّد الاستحباب، وإلّا فكيف يعقل حرمة أو كراهة شدّ الرحال إلى زيارة قبور غير رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وأهل بيته عليهم السّلام من قبور الأنبياء وقبور الأصحاب الأطياب، والفقهاء العاملين، وإخوان الدّين المبين، وأولاد الأئمّة الطاهرين.
والعجب من الشيخ الحرّ (قدس اللّه سرّه) حيث عقد الباب الذي ذكر فيه هذه الرواية بباب عدم استحباب السفر إلى شيء من القبور غير قبور الأنبياء والأئمّة عليهم السّلام. فإنّ فيه:
أوّلًا: أنّه إن عمل بالرواية لزم القول بالكراهة أقلاً، لأنّها أقلّ مفاد النهي، والجملة الخبريّة المستعملة في مقام الانشاء.
وثانيها: انّه بناء على العمل بها فما الوجه في استثناء قبور غير نبينا صلّى اللّه عليه وآله من الأنبياء عن ذلك؟ مع عدم كونها من قبورهم عليهم السّلام، ولو توهّم لحوقها بقبورهم، للزم لحوق قبور أولاد الأئمّة والفقهاء والأصحاب والأتقياء أيضًا، وبالجملة فالمتعيّن ما قلناه من الحمل على نفي تأكّد الاستحباب أو على الإخبار عن عدم وقوع ذلك في الخارج، والأول أقرب، واللّه العالم)). [مرآة الكمال لمن رام درك مصالح الأعمال، ج ٣، ص ٣٢١ – 322].
ودمتم سالمين