تفاصيل المنشور
- السائل - عبد الرضا الشمري
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 88 مشاهدة
تفاصيل المنشور
السلام عليكم.. إذا سمحتم بينوا لي ما هو السر في السجود على تربة كربلاء من غير ذكر فضائل هذه التربة وأن فيها الشفاء وأنها وأنها.. فقط أريد أن أعرف السب الأساس في اتخاذ هذه التربة للسجود عليها في الصلاة.. وتقبلوا تحياتي.
السائل
عبد الرضا الشمري
السلام عليكم.. إذا سمحتم بينوا لي ما هو السر في السجود على تربة كربلاء من غير ذكر فضائل هذه التربة وأن فيها الشفاء وأنها وأنها.. فقط أريد أن أعرف السب الأساس في اتخاذ هذه التربة للسجود عليها في الصلاة.. وتقبلوا تحياتي.
الأخ عبد الرضا المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ينبغي الأخذ بنظر الاعتبار وقبل الحديث عن سرّ السجود على التربة الحسينية في الصلاة، أنّ السجود في الصلاة لا يجوز إلا على الأرض أو ما في حكمها، كالتراب والحجر والخشب وورق الشجر، مصداقا لقول النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ((جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا))، والتربة الحسينية هي أحد أبرز مصاديق الأرض التي جعلت للنبي مسجدا وطهورا.
والسر في اختيار التربة الحسينية للسجود عليها في الصلاة عدا ما ورد في فضلها وقدسيتها وكونها أطيب وأنقى وأطهر وأقدس من أي تربة أخرى، وعدا ما ورد في فضل السجود عليها لله تعالى من خرق الحجب السبع، لما ورد عن الإمام الصادق (عليه السّلام): ((إن السجود على تربة أبي عبد اللّه عليه السّلام يخرق الحجب السبع)). [راجع مزار المجلسي، ص 142؛ ومصباح المتهجّد للطوسي، ص511].. إلى غير ذلك.. لعل السر هو أن يتذكر المصلي في أوقات صلاته ما أصاب الإسلام والدين من قتل سيد الشهداء الإمام الحسين (عليه السلام) على يد تلك الفئة الباغية التي ما برحت تكيد للدين والمسلمين في جاهليتها وإسلامها.
أما كيّدها للدين والمسلمين في جاهليتها: فقد قامت بقتل سيد الشهداء حمزة والتمثيل به أفظع تمثيل، فانهدم بقتله أعظم ركن للإسلام، وقد حاولوا بذلك اقتلاع الدعوة من جذورها، وحزنا عليه وحدادا على مصيبته العظيمة أمر النبي (صلى الله عليه وآله) نساء المسلمين بالنياحة عليه وإقامة المآتم له، واتسع الأمر في تكريمه وتأبينه إلى أن صاروا يأخذون من تراب قبره فيتبركون به ويسجدون عليه لله تعالى ويعملون منه المسابح، وقد نصت بعض الأخبار أن فاطمة الزهراء (عليها السلام) جرت على ذلك ولعلها كانت هي أول من بادر بذلك فاقتدى بها المسلمون، كما نص عليه العلامة المجلسي في (المزار) نقلاً عن (المزار الكبير) بإسناده عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن أبيه عن الصادق (عليه السلام)، قال: ((إنّ فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كانت سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات، وكانت عليها السلام تديرها بيدها تكبّر وتسبّح، حتى قتل حمزة بن عبد المطلب، فاستعملت تربته، وعملت التسابيح، فاستعملها الناس، فلمّا قتل الحسين صلوات اللَّه عليه عُدِل بالأمر إليه، فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل والمزية)) [مزار البحار، ص146].
وقد جرى المسلمون على هذا الأمر واتخذوا تربته شعاراً يتبركون به ويستشفون بها تخليداً لذكراه في الإسلام، وقد أكد علماء أهل السنة هذه الحقيقة، فقد قال البرزنجي في (نزهة الناظرين): ((ويجب على من أخرج شيئا من ذلك [أي من المدينة] ردّه إلى محله، ولا يزول عصيانه إلا بذلك ما دام قادرا عليه. نعم استثنوا من ذلك ما دعت الحاجة إليه للسفر به، كآنية من تراب الحرم، وما يتداوى به منه، كتراب مصرع حمزة عليه السّلام للصداع، وتربة صهيب الرومي؛ لإطباق السلف والخلف على نقل ذلك)). [نزهة الناظرين في تاريخ مسجد سيد الأولين والآخرين، ص116، ط مصر].
وأما كيّدها للدين والمسلمين في إسلامها: فقد أقدمت على قتل الإمام الحسين (عليه السلام) قاصدة بذلك اقتلاع جذور النبوة، إذ لم يبق على وجه الأرض يومئذ سليل للنبوة غير الإمام الحسين (عليه السلام) وبقتله سيقضى – في زعمهم – على الدعوة الإسلامية والنبوة في آن واحد.
ولمّا قتل الإمام الحسين (عليه السلام) ظلماً وعدواناً اتخذ المسلمون تربته شعاراً يسجدون عليها لله تعالى فيتذكرون أن الصلاة بعد الحسين (عليه السلام) قامت على تضحيته بنفسه وأهله وذويه على ساحة المجد والشرف بأرض كربلاء، فلولاه وتضحيته لما كان يتنعم أحد بنعمة الإسلام، إذ ما كان يبقى على وجه البسيطة للإسلام ذكر أو خبر.
قال العلامة كاشف الغطاء (رحمه الله) في كتابه (الأرض والتربة الحسينية) في بيان حكمة ايجاب السجود على الأرض واستحباب السجود على التربة الشريفة: ((فلعله من جهة الأغراض العالية والمقاصد السامية أن يتذكر المصلي حين يضع جبهته على تلك التربة تضحية ذلك الإمام نفسه وآل بيته والصفوة من أصحابه في سبيل العقيدة والمبدأ وتحطيم الجور والفساد والظلم والاستبداد، ولما كان السجود أعظم أركان الصلاة، وفي الحديث ” أقرب ما يكون العبد إلى ربه حال سجوده ” فإنه مناسب أن يتذكر بوضع جبهته على تلك التربة الزاكية أولئك الذين جعلوا أجسامهم ضحايا للحق وارتفعت أرواحهم إلى الملأ الأعلى ليخشع ويخضع ويتلازم الوضع والرفع ويحتقر هذه الدنيا الزائفة وزخارفها الزائلة ولعل هذا هو المقصود من أن السجود عليها تخرق الحجب السبع كما في الخبر ، فيكون حينئذ في السجود سر الصعود والعروج من التراب إلى رب الأرباب)) [الأرض والتربة الحسينية، ص 24]
ودمتم سالمين