تفاصيل المنشور
- السائل - عبد الله منصور
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 225 مشاهدة
تفاصيل المنشور
السجود عباد خالصة لله والله تعالى هو من أمر الملائكة بالسجود لآدم في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا}، فهل سجود الملائكة بالأمر الإلهي كان عبادة؟ وإذا كان عبادة كيف أنها عبادة لله تعالى والسجود كان لآدم (ع)؟ شكر الله جهودكم.
أخوكم عبد الله من الكويت.
السائل
عبد الله منصور
السجود عباد خالصة لله والله تعالى هو من أمر الملائكة بالسجود لآدم في قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا}، فهل سجود الملائكة بالأمر الإلهي كان عبادة؟ وإذا كان عبادة كيف أنها عبادة لله تعالى والسجود كان لآدم (ع)؟ شكر الله جهودكم.
أخوكم عبد الله من الكويت.
الاخ عبد الله المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
السجود على نحوين: سجود عبادة، وسجود تحية وتكريم، وسجود العبادة خاص بالله تعالى، فمن سجد لغير الله سجود عبادة فقد كفر، وخرج عن التوحيد والفطرة، لأن هذا النحو من السجود يدخل في باب التوحيد والشرك؛ لكون مسائل الإيمان تابعة للنية والقصد، فمن سجد لصنم أو لزعيم وقائد أو لإمام من أئمة المسلمين بنية كونه إلها معبودا مستحقا للعبادة فقد كفر بالله، وخرج عن الإيمان والتوحيد.
وأما سجود التحية والتكريم، فهذا النحو من السجود يمثل مسألة فقهية فرعية تدخل في باب الحلال والحرام، وأنه هل يجوز سجود التعظيم والتحية لغير الله أم لا؟ وليست مسألة أصولية تدخل في باب الإيمان والتوحيد والشرك طالما أنّ الإنسان لا يخضع ويسجد للشيء بنية كونه إلها ومستحقا للعبادة، وإنما بنية التعظيم والتحية.
وفي مسألة جواز أو عدم جواز السجود لغير الله من باب التعظيم والتكريم لا بقصد العبودية واستحقاق العبادة، ذهب علماؤنا إلى أنه غير جائز ومحرم؛ لأن السجود مختص بالله تعالى، إلا إذا كان سجودا على نحو التحية والإكرام وبأمر من الله تعالى فيكون جائزا؛ لأن الأحكام الشرعية بيد الله، فهو الذي يحلل ويحرم كيف يشاء، فإذا أجاز الله السجود لبعض عباده فيجوز، وإن لم يجز لا يجز، والله تعالى أوجب على الملائكة السجود لآدم، ففي الحقيقة يكون سجود الملائكة لآدم امتثالا لأمر الله، وعبادة لله، وطاعة لله تعالى؛ لأنه كان بأمر الله.
قال العلامة المجلسي في سجود الملائكة لآدم: ((تحقيق: اعلم أن المسلمين قد أجمعوا على أن ذلك السجود لم يكن سجود عبادة؛ لأنها لغير الله تعالى توجب الشرك، ثم اختلفوا على ثلاثة أقوال:
الأول: أن ذلك السجود كان لله تعالى، وآدم – على نبينا وآله وعليه السلام – كان قبلة.
والثاني: أن السجود في أصل اللغة هو الانقياد والخضوع.
والثالث: أن السجود كان تعظيما لآدم – على نبينا وآله وعليه السلام – وتكرمة له، وهو في الحقيقة عبادة لله تعالى لكونه بأمره، وهو مختار جماعة من المفسرين. وهو الأظهر من مجموع الأخبار التي أوردناها، وإن كان الخبر الأول يؤيد الوجه الأول.
ثم اعلم أنه قد ظهر مما أوردنا من الأخبار أن السجود لا يجوز لغير الله ما لم يكن عن أمره، وأن المسجود له لا يكون معبودا مطلقا، بل قد يكون السجود تحية لا عبادة وإن لم يجز إيقاعه إلا بأمره تعالى)). [بحار الأنوار، ج11، ص140].
وأما رأي علماء أهل السنة في المسألة فهو على النحو الآتي:
قال ابن كثير: ((والسجدة كانت لآدم إكراما وإعظاما واحتراما وسلاما، وهي طاعة لله؛ لأنها امتثال لأمره تعالى. وقد قواه فخر الدين الرازي في تفسيره)) [تفسير ابن كثير، ج1، ص347].
ونقل القرطبي في تفسيره اتفاق العلماء على أن سجود الملائكة لآدم لم يكن سجود عبادة، وأن السجود لغير الله بقصد التحية والإكرام كان جائزا في الأمم السابقة، ولكنه نسخ في شريعة نبينا خاتم الأنبياء، حيث قال: ((واختلف الناس في كيفية سجود الملائكة لآدم بعد اتفاقهم على أنه لم يكن سجود عبادة …. واختلف أيضا: هل كان ذلك السجود خاصا بآدم – عليه السلام -، فلا يجوز السجود لغيره من جميع العالم إلا لله تعالى، أم كان جائزا بعده إلى زمان يعقوب – عليه السلام – لقوله تعالى: {ورفع أبويه على العرش وخروا له سجدا}، فكان آخر ما أبيح من السجود للمخلوقين؟ والذي عليه الأكثر أنه كان مباحا إلى عصر رسول الله (ص)، وأن أصحابه قالوا له حين سجدت له الشجرة والجمل: نحن أولى بالسجود لك من الشجرة والجمل الشارد، فقال لهم: لا ينبغي أن يسجد لأحد إلا لله رب العالمين)) [الجامع لأحكام القرآن، ج1، ص293].
ودمتم سالمين