مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

دفع الزكاة من عليّ ( عليه السلام ) أثناء الصلاة لا ينافي الخشوع فيها

تفاصيل المنشور

الاشكال

يقول تعالى في سورة المؤمنون :{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} ، فكيف يُنسب الى عليّ رضي الله عنه أنّه أشتغل بإخراج الزكاة وقت الصلاة وكيف عدّ هذا الاشتغال عن الصلاة من فضائله؟!
فإن قلتم دلّ على مشروعية ذلك حديث حمل النبيّ صلى الله عليه وسلّم أُمامة بنت أبي العاص في صلاته، قلنا إنّ هذا الحديث قد نسخ بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: « إنّ في الصلاة لشغلاً »، فتفضلوا أجيبونا.

المستشكل

أيمن مراد

تفاصيل المنشور

الاشكال

يقول تعالى في سورة المؤمنون :{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} ، فكيف يُنسب الى عليّ رضي الله عنه أنّه أشتغل بإخراج الزكاة وقت الصلاة وكيف عدّ هذا الاشتغال عن الصلاة من فضائله؟!
فإن قلتم دلّ على مشروعية ذلك حديث حمل النبيّ صلى الله عليه وسلّم أُمامة بنت أبي العاص في صلاته، قلنا إنّ هذا الحديث قد نسخ بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم: « إنّ في الصلاة لشغلاً »، فتفضلوا أجيبونا.

الأخ أيمن المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
في البدء نقول لقد مدح هذا الفعل ( إيتاء الزكاة أثناء الصلاة ) القرآن الكريم نفسه حين قال : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ }سورة المائدة : 55.
قال القرطبي في تفسيره : (( قال ابن خويزمنداد قوله تعالى : ” ويؤتون الزكاة وهم
راكعون ” تضمنت جواز العمل اليسير في الصلاة ، وذلك أن هذا خرج مخرج المدح ، وأقل ما في باب المدح أن يكون مباحا ))( تفسير القرطبي 6: 222)
وجاء عن النسفي في تفسيره للآية الكريمة : (( وورد بلفظ الجمع وإن كان السبب فيه واحداً ترغيباً للناس في مثل فعله لينالوا مثل ثوابه. والآية تدل على جواز الصدقة في الصلاة، وعلى أن الفعل القليل لا يفسد الصلاة )). ( تفسير النسفي 1: 294)
وعن الزمخشري في تفسيره : (( فإن قلت : كيف صح أن يكون لعلي رضي الله عنه
واللفظ لفظ جماعة ؟ قلت : جئ به على لفظ الجمع وإن كان السبب فيه رجلا واحدا ليرغب الناس في مثل فعله فينالوا مثل ثوابه ، ولينبّه على أنّ سجية المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية من الحرص على البرّ والاحسان وتفقد الفقراء ، حتى إن لزهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة لم يؤخروه إلى الفراغ منها )). ( تفسير الزمخشري 1: 624)
على أنّ الملاحظ بأنّ اخراج الزكاة والصدقة ليس من الأمور الدنيوية حتّى يعدّ شاغلاً عن الصلاة, بل هو من الأمور العبادية التي يكون الداعي فيها هو قصد التقرب إلى الله تعالى سبحانه ، شأنه في ذلك شأن الصلاة التي يشترط فيها قصد القربة , فإتحاد المقصود في كلا الأمرين يرفع دعوى التشاغل هذه , بل يمكن عدّ ذلك من أفضل الحالات التي ينبغي أن تكون عليها سجيّة المؤمنين على حدّ قول الزمخشري المتقدّم .
أمّا الإشكال على الجواب النقضي لهذه الشبهة بأنّ حمل النبي صلى الله عليه وآله سلم لأُمامة بنت أبي العاص وهو في صلاته قد نسخ بقوله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) : « إنّ في الصلاة لشغلاً» .
نقول : حادثة حمل النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) لإمامة بنت أبي العاص وهو في صلاته كانت بعد الهجرة، حين قدمت زينب وأبنتها إلى المدينة آنذاك، بينما حديث: « إنّ في الصلاة لشغلاً » كان قبل الهجرة، فدعوى النسخ هذه باطلة ولا محل لها، وقد ردّها علماء أهل السنّة أنفسهم .
قال ابن حجرفي ” فتح الباري ” : (( أنّ النسخ لا يثبت بالاحتمال، وبأنّ هذه القصة كانت بعد قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنّ في الصلاة لشغلاً)، لأن ذلك كان قبل الهجرة وهذه القصة كانت بعد الهجرة قطعاً بمدة مديدة… وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنّه عمل غير متوال لوجود الطمأنينة في أركان صلاته، وقال النووي: ادّعى بعض المالكية أنّ هذا الحديث منسوخ، وبعضهم أنّه من الخصائص وبعضهم أنّه كان لضرورة، وكلّ ذلك دعاوى باطلة مردودة لا دليل عليها، وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع… والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلّت أو تفرقت ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك وإنّما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لبيان الجواز، وقال الفاكهاني: وكان السرّ في حمله أُمامة في الصلاة دفعاً لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن، فخالفهم في ذلك حتّى في الصلاة للمبالغة في ردعهم، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول)). ( فتح الباري، ج1، ص489)