تفاصيل المنشور
- المستشكل - شعبان محمد
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 14 مشاهدة
تفاصيل المنشور
لماذا يصر الرافضة على أن أهل البيت في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:33]، خاص بعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، فأين نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأين كل من حرمت عليه الصدقة من بني هاشم، هذا الكلام يخالف سنة الرسول قولاً وعملاً، ويخالف كتاب الله حكماً.
المستشكل
شعبان محمد
لماذا يصر الرافضة على أن أهل البيت في قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:33]، خاص بعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، فأين نساء النبي صلى الله عليه وسلم وأين كل من حرمت عليه الصدقة من بني هاشم، هذا الكلام يخالف سنة الرسول قولاً وعملاً، ويخالف كتاب الله حكماً.
بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
إن دعوى عموم مصطلح «أهل البيت» مرتبطة بالتوظيف العنصري والسياسي والمذهبي، فاتباع مدرسة الصحابة هم من يصرون على أن هذا المصطلح يعم أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهذا الإصرار ليس وليد الآونة، فقد كان له سوابق كثيرة تمتد جذورها عميقة في أغوار الزمان، وما إصرار هؤلاء اليوم الا فرع أغصان تلك الشجرة الخبيثة، ودونك ما ينقل عن عكرمة الخارجي مولى عبد الله بن عباس، أنه كان يصرّ على أنّ آية التطهير نازلة في خصوص أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتّى أنّه كان يمشي في الأسواق ويعلن عن هذا الرأي، ويخطّئ الناس باعتقادهم باختصاص الآية المباركة بأهل البيت وهم علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، ممّا يدلّ على أنّ الرأي السائد عند المسلمين آنذاك كان هذا الرأي، حتّى أنّه كان يقول: من شاء باهلته في أنّ الآية نازلة في أزواج النبي خاصّة، وفي تفسير الطبري [ج2، ص276]: ((عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} ، نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة)).
وفي تفسير ابن كثير [ج6، ص411]، إنّه كان يقول: ((من شاء باهلته أنّها نزلت في نساء النبي خاصّة)).
وفي الدر المنثور [ج5، ص198]، كان يقول: ((ليس بالذي تذهبون إليه، إنّما هو نساء النبي)).
ذلك لأن عدم دخولهم وشمولهم في الآل يعود عليهم بالنقض في أصول مذهبهم، ويؤدي إلى حرمانهم من فوائد وعوائد التوظيف السياسي والمذهبي.
فدعوى عموم مصطلح «أهل البيت» لم يكن بسبب غموض النصوص الشرعية وعدم وضوح دلالتها، بل أن السبب الأساس في ذلك هو العصبية المذهبية والأهواء المضلة، فضلا عن العداء السافر لعليّ وآل عليّ (عليهم السلام).
وللتنبيه قبل الجواب، نقول: إن تعليم القرآن وبيانه للناس كان من المهام الرئيسة الملقاة على عاتق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما صرح القران الكريم بذلك، قال تعالى في محكم كتابه العزيز: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة:151]، فيكون النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أعلم بمراد الله عز وجل من دون شك وريب في ذلك، كما لا يخفى على مسلم.
فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عين المراد من أهل بيته قولاً وعملاً عند نزول آيتين مباركتين:
الأولى: آية التطهير، وهي قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب:33].
فمن المعلوم أن لدينا مفهوماً عاماً باسم (أهل البيت) يندرج تحته كل من حرمت عليه الصدقة من بني هاشم، ولكن مفهوم أهل البيت في آية التطهير مفهوم خاص بأولئك الذين جللهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالكساء ودعا لهم بقوله: (اللهم هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) وقد خاطبهم بالآية الكريمة وذلك للنصوص الصريحة والصحيحة التي تثبت تخصيص مفهوم أهل البيت في آية التطهير بهؤلاء فقط (عليهم السلام)، فقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ((اللهم هؤلاء أهل البيت))، وفعله بإدخالهم تحت الكساء، حدد من خلال ذلك مصاديق أهل البيت وهم علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، فقدْ روى أحمدُ في مسندِه وغيرِه بأسانيدَ ثلاثةٍ شهِدَ الشيخُ شعيبُ الأرنؤوطُ بصحتِها [انظرْ: مسندَ أحمدَ: ج44/ص119]، أنه عندَ نزولِ هذهِ الآيةِ المباركةِ جللَ النبيُّ (صلى اللهُ عليهِ وآلِه وسلمَ) علياً وفاطمةَ والحسنَ والحسينَ بكساءٍ لهُ وقالَ: “اللهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي”.
وقالَ ابنُ تيميةَ في منهاجِ السُّنةِ: ((وأما حديثُ الكساءِ فهوَ صحيحٌ رواهُ أحمدُ والترمذيُّ من حديثِ أمِّ سلمةَ، ورواهُ مسلمٌ في صحيحِه منْ حديثِ عائشةَ. قالتْ: «خرجَ النبيُّ – صلى اللهُ عليهِ وسلمَ – ذاتَ غداةٍ وعليهِ مِرطٌ مرحَّلٌ منْ شعرٍ أسودَ، فجاءَ الحسنُ بنُ عليٍّ فأدخلَه، ثمَّ جاءَ الحسينُ فأدخلَه معَه، ثمَّ جاءتْ فاطمةُ فأدخلَها، ثمَّ جاءَ عليٌّ فأدخلَه، ثمَّ قالَ: {إنما يريدُ اللُه لِيذهبَ عنكمُ الرجسَ أهلَ البيتِ ويطهرَكمْ تطهيرا})) [منهاجِ السُّنةِ، ج5، ص13].
وقالَ الشوكانيُّ في إرشادِ الفحولِ: ((قدْ وردَ بالدليلِ الصحيحِ أنها نزلتْ في عليٍّ وفاطمةَ والحسنينِ)) [إرشادِ الفحولِ، ج1، ص222].
وقالَ أحمدُ بنُ محمدِ الشاميِّ في جنايةِ الأكوعِ: ((وقدْ أجمعتْ أمهاتُ كتبِ السنةِ وجميعُ كتبِ الشيعةِ على أنَّ المرادَ بأهلِ البيتِ في آيةِ التطهيرِ النبيُّ (ص) وعليٌّ وفاطمةُ والحسنُ، لأنَّهمُ الذينَ فَسرَ بهمْ رسولُ اللهِ (ص) المرادَ بأهلِ البيتِ في الآيةِ، وكلُّ قولٍ يخالفُ قولَ رسولِ اللهِ (ص) مِنْ بعيدٍ أو قريبٍ مضروبٌ بهِ عَرضَ الحائطِ، وتفسيرُ الرسولِ (ص) أولى من تفسيرِ غيرِه، إذ لا أحدَ أعرفُ منه بمرادِ ربِّه)) [جنايةِ الأكوعِ، ص125].
وقالَ الآلوسيُّ في تفسيرِه روحِ المعاني: ((وأخبارُ إدخالِه (ص) علياً وفاطمةَ وبنيهما (رضيَ اللهُ تعالى عنهمْ) تحتَ الكساءِ، وقولُه (عليهِ الصلاةُ والسلامُ): “اللهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي” ودعاؤُه لهمْ، وعدمُ إدخالِ أمِّ سلمةَ أكثرُ منْ أنْ تُحصى، وهيَ مخصِّصةٌ لعمومِ أهلِ البيتِ بأيِّ معنىً كانَ. فالمرادُ بهمْ مَنْ شمِلهمُ الكساءُ، ولا يَدخلُ فيهمْ أزواجُه)) [روحِ المعاني، ج22، ص14].
والأحاديثُ المتضمنةُ لهذا المعنى مستفيضةٌ إنْ لم نقلْ متواترةٌ، وهيَ أكثرُ منْ أنْ تحصى.
الثانية: آية المباهلة، وهي قوله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:61].
ومَنْ أمعن النظر في مفردات آية المباهلة، في قوله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:61]. يلاحظ أنّها جاءت بصيغ تتيح للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، أن يأتي بغير عليّ وفاطمة والحسنين (علسهم السلام)، أو يضُم إليهم مَنْ سِواهم من الأصحاب أو الأقارب أو النساء؛ حيث أنّ الأمر الوارد في الآية تضمن دعوة الأبناء والنساء والأنفس من دون تحديد مصاديق لهذه الصيغ، الأمر الذي يعطي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فسحة المجال لدعوة كل من هؤلاء غير أهل بيته (صلوات الله عليهم)، أو يضم إليهم من سواهم، لكنّ النبي (صلى الله عليه وآله) عَلِمَ ان مراد الله سبحانه من الأبناء الحسن والحسين (عليهما السلام)، ومن النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام)، ومن الأنفس عليّاً (عليه السلام).
ومن جميع ما تقدم يتضح لنا: أن المخصص لعموم أهل البيت هو قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفعله، لا إصرار الشيعة توهم المتوهمون.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.