مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

‏حديث موالاة البطيخة

تفاصيل المنشور

الاشكال

يعتقد الشيعة أن البطيخة إذا كانت مرة الطعم فهي ممن لم تقبل ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. روى المجلسي في بحار الأنوار: ((حمزة بن محمد العلوي عن أحمد بن محمد الهمداني عن المنذر بن محمد عن الحسين بن محمد عن سليمان بن جعفر عن الرضا عليه السلام قال : أخبرني أبي عن أبيه عن جده أن أمير المؤمنين عليه السلام أخذ بطيخة ليأكلها فوجدها مرة فرمى بها وقال : بعدا وسحقا ، فقيل : يا أمير المؤمنين وما هذه البطيخة فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى أخذ عقد مودتنا على كل حيوان ونبت ، فما قبل الميثاق كان عذبا طيبا وما لم يقبل الميثاق كان مالحا زعاقا ((بحار الأنوار، ج ٢٧، المجلسي، ص ٢٨٢))

المستشكل

المسيري رائد

تفاصيل المنشور

الاشكال

يعتقد الشيعة أن البطيخة إذا كانت مرة الطعم فهي ممن لم تقبل ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه.. روى المجلسي في بحار الأنوار: ((حمزة بن محمد العلوي عن أحمد بن محمد الهمداني عن المنذر بن محمد عن الحسين بن محمد عن سليمان بن جعفر عن الرضا عليه السلام قال : أخبرني أبي عن أبيه عن جده أن أمير المؤمنين عليه السلام أخذ بطيخة ليأكلها فوجدها مرة فرمى بها وقال : بعدا وسحقا ، فقيل : يا أمير المؤمنين وما هذه البطيخة فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله تبارك وتعالى أخذ عقد مودتنا على كل حيوان ونبت ، فما قبل الميثاق كان عذبا طيبا وما لم يقبل الميثاق كان مالحا زعاقا ((بحار الأنوار، ج ٢٧، المجلسي، ص ٢٨٢))

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..

أولاً: الرواية بالسند المذكور ضعيفة جدا، لجهالة “المنذر بن محمد”، و”الحسين بن محمد”، هذا من ناحية السند.

وأما من ناحية المتن، فقد قال العلامة المجلسي نفسه بعد أن ذكر الرواية: ((هذه الأخبار وأمثالها من المتشابهات التي لا يعلم تأويلها إلا الله والراسخون في العلم، ولابد في مثلها من التسليم ورد تأويلها إليهم عليهم السلام، ويمكن أن يقال: لعل الله تعالى أعطاها شعورا وكلفها بالولاية ثم سلبه عنها، ويخطر بالبال أنه يحتمل أن تكون استعارة تمثيلية لبيان حسن بعض الأشياء وشرافتها وقبح بعض الأشياء وردائتها، فان للأشياء الحسنة والشريفة من جميع الأجناس والأنواع مناسبة من جهة حسنها، وللأشياء القبيحة والرذيلة مناسبة من جهة قبحها، فكل ماله جهة شرافة وفضيلة وحسن فهي منسوبة إلى أشرف الأشارف: محمد وأهل بيته صلوات الله عليهم، فكأنه أخذ ميثاق ولايتهم عنها وقبلتها. والمراد أنها لو كانت لها مدركة لكانت تقبلها، وكذا كل ماله جهة رذالة وخباثة وقبح فهي بأجمعها منسوبة إلى أخبث الأخابث أعداء أهل البيت عليهم السلام ومبائنة لهم عليهم السلام، فكأنه أخذ ميثاقهم عنها فأبت وأخذ ميثاق أعدائهم عنها فقبلت، أو المعنى أنها لو كانت ذوات شعور وأخذ ميثاقهم عنها لكانت تأبى وأخذ ميثاق أعدائهم عنها لكانت تقبل)) [بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج٢٧، ص٢٨٣].

ثانياً: وردت عدة روايات في المصادر السنية بنفس مضمون الرواية الشيعية ويزيد عليه، فقد روى السيوطي في “الحاوي للفتاوي”، والصفوري في “نزهة المجالس”، واللفظ للأول، قال: ((قال أنس: خرجت مع بلال، وعلي بن أبي طالب إلى السوق فاشترى بطيخا وانطلقنا إلى منزله فكسر واحدة فوجدها مرة فأمر بلالا برد البطيخ إلى صاحبه، فلما رده قال: ألا أحدثكم حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يا أبا الحسن إن الله أخذ حبك على البشر والشجر فمن أجاب إلى حبك عذب وطاب، ومن لم يجب إلى حبك خبث ومر وأظن هذا البطيخ ممن لا يحبني”)) [الحاوي للفتاوي، ج2، ص52-53؛ نزهة المجالس ومنتخب النفائس، ج2، ص159].

وروى مسلم في صحيحه أنّ حجرا كان موالياً للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وكان يسلم عليه قبل بعثته، فقال: ((عن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم عليّ قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن”))، وقال محقق الكتاب محمد فؤاد عبد الباقي شارحاً قوله (إني لأعرف حجرا بمكة): ((فيه معجزة له صلى الله عليه وسلم وفي هذا إثبات التمييز في بعض الجمادات وهو موافق لقوله تعالى في الحجارة وإن منها لما يهبط من خشية الله وقوله تعالى وإن من شيء إلا يسبح بحمده)) [صحيح مسلم، ج4، ص 1782، ح 2277].

وأكد النووي في شرحه على صحيح مسلم، اثبات التمييز في بعض الجمادات، قائلا: ((ويجعل الله تعالى فيه تمييزا بحسبه كما ذكرنا ومنه الحجر الذي فر بثوب موسى صلى الله عليه وسلم وكلام الذراع المسمومة ومشي إحدى الشجرتين إلى الأخرى حين دعاهما النبي صلى الله عليه وسلم وأشباه ذلك)) [المنهاج في شرح صحيح مسلم، ج15، ص37].

ويتأكد هذا التمييز لبعض الجمادات في ما رواه البخاري في صحيحه من فرار الحجر بثياب موسى (عليه السلام)، ويزداد تأكيدا هو معاقبة موسى (عليه السلام) للحجر بسبب فعلته، وهذا نص رواية البخاري، قال: ((عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض وكان موسى يغتسل وحده فقالوا والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه على حجر ففر الحجر بثوبه فخرج موسى في إثره يقول ثوبي يا حجر حتى نظرت بنو إسرائيل إلى موسى فقالوا والله ما بموسى من بأس وأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضربا”. فقال أبو هريرة: والله إنه لندب بالحجر ستة أو سبعة ضربا بالحجر)) [صحيح البخاري، ج1، ص64، ح278].

وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما ما يثبت التمييز لبعض الحجر وموالاته للمسلمين عند قتالهم مع اليهود في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جاء فيه: ((تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم، ثم يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي ورائي، فاقتله)) [صحيح البخاري، ج4، ص197، ح3593؛ صحيح مسلم، ج4، ص 2238، ح2921]. 

وروى مسلم في صحيحه ما يثبت التمييز لبعض الشجر أيضاً، وأن بعضه موالي للمسلمين والآخر موالي لليهود، لأنه من اشجارهم، فقال: ((حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: “لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد، فإنه من شجر اليهود”)) [صحيح مسلم، ج4، ص2239، ح2922].

فإن كنت تعجب من كون البطيخة موالية أو غير موالية من حلاوتها ومرارتها، فلك أن تعجب الآن كل العجب من حجر يسرق ثوب موسى (عليه السلام) ويفر به، ومن حجر يشي للمسلمين بوجود يهودي خلفه، ومن شجر الغرقد المتهم أنه يهودي، لامتناعه عن الوشاية باليهود.

والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.