مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

حديثُ “المؤمن يُخاصِرُ رَبّه”

تفاصيل المنشور

السؤال

يَتهم الروافض دومًا أهل السُّنة اتهامات باطلة بأنّ إله السنّة هو شابٌّ أمرد، وهو من الأحاديث الضعيفة التي يستشهد بها الروافض، ولا يعلم الرافضة أنّ كتبهم تحمل خرافات كثيرة، وتستهزئ بعقول الرافضة، منها هذه الرواية: “عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: إن الله ليخاصر العبد المؤمن يوم القيمة، والمؤمن يخاصر ربَّه، يذكِّره ذنوبه، قلت: وما يخاصر؟ قال: فوضع يده على خاصرتي، فقال: هكذا، كما يناجى الرجل منا أخاه في الأمر يُسرُّه إليه.. فهم المجسِّمون المستهزئون بعقول أتباعهم.

السائل

أبو أنور العاني

تفاصيل المنشور

السؤال

يَتهم الروافض دومًا أهل السُّنة اتهامات باطلة بأنّ إله السنّة هو شابٌّ أمرد، وهو من الأحاديث الضعيفة التي يستشهد بها الروافض، ولا يعلم الرافضة أنّ كتبهم تحمل خرافات كثيرة، وتستهزئ بعقول الرافضة، منها هذه الرواية: “عن عبد الله بن سنان، قال: سمعت أبا عبد الله ع يقول: إن الله ليخاصر العبد المؤمن يوم القيمة، والمؤمن يخاصر ربَّه، يذكِّره ذنوبه، قلت: وما يخاصر؟ قال: فوضع يده على خاصرتي، فقال: هكذا، كما يناجى الرجل منا أخاه في الأمر يُسرُّه إليه.. فهم المجسِّمون المستهزئون بعقول أتباعهم.

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهَّرين مصابيح الظلام، وهُداة الأنام.
ما لم يصل إلى دِرايتك أو لعلَّك تجاهلتَه، هو أنّ الشيعة لا يعتقدون بوجود كتابٍ يحمل الصحة الكاملة والمطلقة من الجلد إلى الجلد‏ غير القرآن الكريم، ‏فكلُّ ما عداه من كتبٍ قد تحتوي على الصحيح وغيره، مهما كانتْ مكانة هذه ‏الكتب أو مؤلِّفيها، نظرًا لما ورد من الأحاديث والروايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) في تمييز الأحاديث، مثلما جاء في حديث الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) الذي قال فيه‏: ((ما لم يوافق من الحديث ‏القرآن ‏فهو ‏زخرف)) [الكافي، ج1، ص69]. وكما جاء في حديثٍ له (عليه السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا خطب ‏الناس بمنى، ‏فقال: ‏‏((أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم عني يخالف ‏كتاب الله ‏فلم ‏أقله)) [المصدر نفسه، ج1، ص174].‏
وأكَّد الشيخ المفيد (ره) هذه العقيدة بقوله: ((وكتاب الله تعالى مقدَّم ‏على ‏الأحاديث ‏والروايات، وإليه يُتقاضى في صحيح الأخبار وسقيمها، فما قضى به فهو الحق ‏دون ‏سواه)) [تصحيح اعتقادات الإمامية، ص44].
‏ وبناءً على هذا المعيار، وهو عرض الحديث على كتاب الله تعالى، تميَّز الشيعة الإمامية ‏عن ‏‏أهل السنة ‏والجماعة في كثيرٍ من الأحكام الفقهية، وكذلك في كثيرٍ من العقائد، وهم الفرقة الإسلامية الوحيدة ‏التي اشترطت هذا الشرط، لا سيما في حال ‏تعارض الروايات.‏
لذا، وجود روايةٍ في كتابٍ من كتب الشيعة لا يعني بالضرورة أنها صحيحة‏، فثمة روايات في كتبهم يعتقدون ‏بعدم صحتها، بالمقارنة مع أهل السنة الذين يعتبرون بعض كتبهم مثل “الصحيحين” البخاري ومسلم مرجعيةً أساسية بعد القرآن‏، ويعدّونهما أصحّ الكتب بعده إلى درجة أنهم يؤكِّدون على صحة جميع ما جاء فيهما من أحاديث حتى لو تعارض مع القرآن، بل قد وصل الأمر بهم إلى أنهم أكدوا أنه لو حلف رجلٌ بطلاق امرأته على أن كل ما ‏في الصحيحين هو من أقوال وأفعال ‏وتقرير ‏النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يحنث، وأن ‏من روى له البخاري فقد جاز القنطرة. [يُنظر: مقدمة ‏فتح الباري، لابن حجر العسقلاني، ‏ص381].‏
وبناءً على هذا المعيار، تميز الشيعة عن أهل السنة في كثير من الأحكام الفقهية والعقائد.‏
فالحديث المذكور أورده العلامة المجلسي (ره) في “بحار الأنوار”، نقلًا عن كتاب زيد النرسي، فقال: ((كتاب زيد النرسي: عن عبد الله بن سنان، عن ‏أبي عبد الله عليه السلام قال: … الحديث)) ‏[بحار الأنوار، ج٧، ص٢٧٦]‏، والحديث ساقطٌ، ولا يؤخذ به؛ لأن كتاب زيد النرسي مشتمل ‏على أمور منكرة، قال الشيخ التستري في “قاموس الرجال”: ((وأمّا زيد النرسي فأصله مشتمل ‏على أمور منكرة: … ومنها خبره عن عبد اللّه بن سنان: سمعت أبا عبد اللّه – عليه السّلام – يقول: ‏إن اللّه ليخاصر العبد المؤمن يوم القيامة، والمؤمن يخاصر ربّه، يذكره ذنوبه، قلت: وما يخاصر؟ ‏قال: فوضع يده على خاصرتي، فقال: هكذا، كما يناجي الرجل منّا أخاه في الأمر يسرّه إليه)) ‏‏[قاموس الرجال، للشيخ محمد تقي التستري، ج٤، ص٥٤٩‏].‏
وبغضِّ النظر عن صحة الحديث أو ضعفه، واختلاف العلماء في “زيد النرسي” – إذ منهم من يعتدّ به وبكتابه، وآخرون يضعِّفونه، ولا يعتدون بكتابه – فإن العلامة المجلسي (ره) قال معقبًا على الحديث: ((الكلام مسوق على الاستعارة، أي: يسرّ إليه، ولا يُطْلع على ذنوبه غيره، ‏كأنه يخاصره، والأخبار من هذا الباب كثيرة في سائر الأبواب)) [‏ بحار الأنوار، ج٧، ص٢٧٩].
أما قولك ((يتهم الروافض دومًا أهل السنة اتهامات باطلة بأن إله السنّة هو “شابذق أمرد” وهي من الأحاديث ‏الضعيفة التي يستشهد بها الروافض…))‏!!
الروافض لا يتهمونكم بهذه العقيدة جزافًا، بل ينقلون لكم من كتبكم ما أطبق على صحته علماؤكم في صفات الله سبحانه، فـ (شاب أمرد)، هو في الواقع حديثٌ رواه قتادة عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا‏، ونصّه: ((رَأَيْتُ رَبِّي فِي صُورَةِ شَابٍّ أَمْرَدَ، لَهُ وَفْرَةٌ جَعْدٌ قَطَطٌ، فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ))، ومن ألفاظه:
((أن محمدًا رأى ربه في صورة شاب أمرد من دونه ستر من لؤلؤ، قدميه، أو قال: رجليه في خضرة)). ((رأيت ربي جعدًا أمرد عليه حلة خضراء)). ((رأيت ربي في صورة شاب أمرد جعد عليه حلة خضراء)).
ويجدر بالذكر أن هذا الحديث قد صحَّحه جمعٌ من علماء أهل السنة، مما يعني أنه ليس من الأحاديث الضعيفة كما زعمتَ، وممّن صحّحه من العلماء:
الإمام أحمد في [المنتخب من العِلل للخلال، ص282]، و [إبطال التأويلات، لأبي يعلى، ج1، ص139]، وأبو زرعة الرازي في [إبطال التأويلات، لأبي يعلى، ج1، ص144]، والطبراني في [إبطال التأويلات، لأبي يعلى، ج1، ص143]، وأبو الحسن بن بشار في [إبطال التأويلات، ج1، ص142-143، وص222]، وأبو يعلى في [إبطال التأويلات،ج1، ص141-143]، وابن صدقة في [إبطال التأويلات، ج1، ص144]، و [تلبيس الجهمية، ج7، ص225]، وابن تيمية في [بيان تلبيس الجهمية، ج7، ص290-356].
ترى هل بدأتم تشعرون بالحرج من عقائدكم، وتترددون في الكشف عنها؟!
فما عدا مما بدا؟!
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.