تفاصيل المنشور
- المستشكل - رغد اسماعيل
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 22 مشاهدة
تفاصيل المنشور
جاء في القرآن قول الله: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72]، فهل من يحمل الأمانة ظلوم جهول كما يقول الله، أم أنه محسن أمين كما تعورف بين العقلاء؟!
المستشكل
رغد اسماعيل
جاء في القرآن قول الله: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72]، فهل من يحمل الأمانة ظلوم جهول كما يقول الله، أم أنه محسن أمين كما تعورف بين العقلاء؟!
الأخت رغد المحترمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولاً: إنّ الأمانة لغة واصطلاحا تصدق على الأمانة المادية والمعنوية، وذكرت عدة معاني لمفردة (الأمانة) في تفاسير علماء الشيعة والسنة غير متنافية، وأنها تتفق على أنّ المراد بالأمانة هو التكاليف الشرعية، فالأمانة المذكورة في هذه الآية الكريمة، هي التكليف الشرعي بالطاعات وتجنب المعاصي، وجاء في روايات عديدة وردت عن أئمة أهل البيت عليهم السلام، من تفسير هذه الأمانة بقبول ولاية أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، وولده، وهو لا يتنافى مع التفاسير الواردة في المقام، لأنّ ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وولاية الأئمة الكرام من ولده عليهم السلام، هي ممّا أوجبه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم على أمّته، فقد جاء في الحديث الصحيح : (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله، حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما) [مختصر صحيح الجامع الصغير للسيوطي والألباني، رقم الحديث 1726- 2458].
ثانياً: إنّ تفسير الأمانة بمعنى التكليف الشرعي بالطاعات وتجنب المعاصي، يقودنا لا محالة إلى وجود فئتين من الناس، احداهما تمتثل الطاعات وتجتنب المعاصي، والأخرى تترك الطاعات وترتكب المعاصي.
ثالثاً: إنّ الإنسان إنما يكون ظلوما جهولا فيما إذا تخلى عن أداء الأمانة بعد حملها، لأنّ الآية التي تلتها وهي قوله تعالى: {لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [الأحزاب:73]، بيّنت أنّ أفراد البشر قد انقسموا بعد حمل هذه الأمانة إلى ثلاث فئات: المنافقين والمشركين والمؤمنين، والصفتان {ظَلُومًا جَهُولًا}، إنما تناسبان المنافق والمشرك، فالمنافق ظالم، لأنه يتظاهر بأنّه أمين في حين أنّه خائن، والمشرك جهول، لأن خيانته ظاهرة ومكشوفة.
أما الإنسان المؤمن الذي حمل الأمانة وأداها فلا يشمله الوصف ولا يناسبه، ولو كان للزم تفضيل سائر الخلق عليه، الأمر الذي يتنافى مع قول الحق تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء:70].
ودمتم سالمين