مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

المتمسكون بالكتاب والعترة هم من يصدق عليهم أهل السنة حقاً

تفاصيل المنشور

الاشكال

عبارة “اهل السنة والجماعة” هي وصف قبل ان تكون مسمى، لذلك فهي لا تنطبق الا على اهل السنة فعلا والرافضة المتسمون بالشيعة الإمامية الاثني عشرية لا ينطبق عليهم لا اسما ولا صفة وهم بعيدون عن ذلك بعد المشرقين فلا حجة لهم ولا برهان وهم في ضلالهم يعمهون يتمسكون بالكتاب ويتركون السنة.

المستشكل

عبد الغفور عبد الله

تفاصيل المنشور

الاشكال

عبارة “اهل السنة والجماعة” هي وصف قبل ان تكون مسمى، لذلك فهي لا تنطبق الا على اهل السنة فعلا والرافضة المتسمون بالشيعة الإمامية الاثني عشرية لا ينطبق عليهم لا اسما ولا صفة وهم بعيدون عن ذلك بعد المشرقين فلا حجة لهم ولا برهان وهم في ضلالهم يعمهون يتمسكون بالكتاب ويتركون السنة.

بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
ليس العبرة في الاسم والعنوان، بل بانطباق الاسم على المسمى، والعنوان على المعنون، وبالموافقة للحق واتباعه والعمل على طبقه، وإذا ما نظرنا في سنّة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) القوليّة والفعليّة والتقريريّة، سوف نتبيّن أيّ الفريقين أقرب إليها، الشيعة الإمامية أم من يسمون أنفسهم أهل السنة والجماعة؟
فنقول: لمّا قال الله تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر:7]، وكان قول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الآية قائما مقام قول الله عزّ وجلّ، وراجعنا السنة الشريفة وجدنا حديثا صحيحاً، بل متواتراً كما شهد به ابن حجر الهيتمي في “الصواعق المحرقة” وغيره، بأن طريق النجاة يمر عبر الإيمان والتمسك بالعترة الطاهرة، فقد جاء عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): ((إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا)).[انظر: الصواعق، ص136].
والعترة هم (الآل) و (الأهل) كما صرح به أقطاب اللغة، فقد قال ابن منظور: «وآل الله، وآل رسوله، أولياؤه، أصلها (أهل) ثمّ أُبدلت الهاء همزة، فصارت في التقدير (أأل)، فلمّا توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفاً» [لسان العرب، ج1، ص253 مادّة أهل]
فهؤلاء العترة هم أحد الثقلين، والثقل كل نفيس خطير مصون، قال النووي: ((سميا ثقلين لعظمهما وكبير شأنهما، وقيل: لثقل العمل بها)) [أنظر: شرح مسلم للنووي، ج15، ص175].
كما صرّح في لسان العرب بأنّ (العترة) هم (أهل البيت) مستدلاًّ بحديث: «إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي» قال: ((فجعل العترة أهل البيت)) [لسان العرب، ج9، ص34].
وأهل البيت مركب لفظي له معنى لغوي وحقيقة لغوية، وكذلك له معنى شرعي وحقيقة شرعية، وثمة اختلاف بين الحقيقتين، ولا خلاف في تقديم المعنى الشرعي على المعنى اللغوي، قال الشوكاني: ((لا إجمال فيما كان له مسمى لغوي ومسمى شرعي كالصوم والصلاة عند الجمهور بل يجب الحمل على المعنى الشرعي لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث لبيان الشرعيات لا لبيان معاني الألفاظ اللغوية والشرع طارئ على اللغة وناسخ لها فالحمل على الناسخ المتأخر أولى)) [ارشاد الفحول، ج2، ص22].
وفي بيان المراد من أهل البيت، قال ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري): ((وفي ذكر البيت معنى آخر؛ لأنّ مرجع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم إليها (أي إلى خديجة)؛ لما ثبت في تفسير قوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾، قالت أمّ سلَمة: (لمّا نزلت دعا النبيُّ | فاطمة وعلياً والحسن والحسين فجلّلهم بكساءٍ فقال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي»، الحديث أخرجه الترمذي وغيره، ومرجع أهل البيت هؤلاء إلى خديجة؛ لأن الحسنين من فاطمة، وفاطمة بنتُها، وعليٌّ نشأ في بيت خديجة وهو صغير ثمّ تزوج بنتها بعدها، فظهر رجوع أهل البيت النبويّ إلى خديجة دون غيرها)) [فتح الباري، ج11، ص 134].
وقال فخر الدين الرازي: ((وأنا أقول: آل محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين يؤول أمرهم إليه فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الآل، ولا شك أن فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد التعلقات وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر فوجب أن يكونوا هم الآل)) [تفسير الرازي، ج27، ص595].
وقال ابن قيِّمِ الجَوزيّة، في تفسيره: ((قوله في عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين: اللهم هؤلاء أهل بيتي، رواه مسلم، فإن هذا لا ينفي دخول غيرهم من أهل بيته في لفظ أهل البيت، ولكنّ هؤلاء أحقُّ مَن دخل في لفظ أهل بيته)) [تفسير ابن القيم، ج2، ص275].
وها قد تبين لك من هم أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وبقي علينا معرفة من الذين تمسكوا بالكتاب والعترة (أهل البيت) بعد النبي (صلى الله عليه وآله)، ليصدق عليهم أنهم “أهل السنة” حقاً وصدقاً:
جاء عن ابن تيمية في “مسألة تعليق الطلاق” وفي معرض كلامه عن بعض الأحكام الشرعية في مسائل الطلاق وممن وافق الشافعي فيها، قال: ((ومن وافقه كابن حزم من السنة، وكالمفيد والطوسي والموسوي وغيرهم من شيوخ الشيعة، وهم ينقلون ذلك عن فقهاء أهل البيت (إلى أن يقول عن الشيعة) لكن جمهور ما ينقلونه عن الشريعة موافق لقول جمهور المسلمين، فيه ما هو من مواقع الإجماع، وفيه ما فيه نزاع بين أهل السنة، فليس الغالب فيما ينقلونه عن هؤلاء الأئمة من مسائل الشرع الكذب، بل الغالب عليه الصدق)). انتهى [مسألة تعليق الطلاق، ص697، 698].
وقال في “منهاج السنّة النبوية” وهو يتحدث عن الشيعة من أين يأخذون أحكام دينهم: ((وأما شرعياتهم فعمدتهم فيها على ما ينقل عن بعض أهل البيت، مثل أبي جعفر الباقر، وجعفر بن محمد الصادق وغيرهما)) [منهاج السنة النبوية 5: 162]
وأما ابن القيم الجوزية فقد جاء عنه في كتابه “الصواعق المرسلة”: ((الوجه التاسع: إن فقهاء الإمامية من أولهم إلى آخرهم ينقلون عن أهل البيت أنه لا يقع الطلاق المحلوف به وهذا متواتر عندهم عن جعفر بن محمد وغيره من أهل البيت وهب أن مكابرا كذبهم كلهم وقال قد تواطئوا على الكذب عن أهل البيت ففي القوم فقهاء وأصحاب علم ونظر في اجتهاد وإن كانوا مخطئين مبتدعين في أمر الصحابة فلا يوجب ذلك الحكم عليهم كلهم بالكذب والجهل وقد روى أصحاب الصحيح عن جماعة من الشيعة وحملوا حديثهم واحتج به المسلمون…)). انتهى [الصواعق المرسلة 1: 616، 617].
ولنقف الآن على تعريف الشيعة الإمامية:
قال الشهرستاني في كتابه “الملل والنحل”: ((الشيعة هم الذين شايعوا عليّاً رضي الله عنه على الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصّاً ووصيّة، إما جليّاً وإما خفيّاً، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج من أولاده)). [الملل والنحل، ج1، ص146].
وقال ابن خلدون: ((اعلم أنّ الشيعة لغةً: الصَّحْب والأتْبَاع، ويُطلَق في عُرْف الفقهاء والمتكلِّمين من الخلَف والسلف على أَتْبَاع عليّ وبنيه رضي الله عنهم)). [مقدمة ابن خلدون، ص196].
فالشيعة إذن – بحسب تصريحات ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية وغيرهما – هم أتباع أهل البيت (عليهم السلام) يأخذون دينهم عنهم وأنهم صادقون في هذا النقل والإتباع، فيصدق لذلك عليهم أنهم هم أهل السنة النبوية.
ومن يسمون أنفسهم “اهل السنة والجماعة” لا يأخذون فقههم ولا عقائدهم عن العترة الطاهرة بشهادة ابن تيمية الذي شهد في كتابه “منهاج السنة النبوية ” أن أئمة المذاهب السنية لم يأخذوا من فقه عليّ (عليه السلام) أي شيء يذكر. [راجع: منهاج السنة النبوية، ج7، ص 529].
وكذلك الشيخ الألباني في كتابه ” الفتاوى المهمة” يقول بصراحة ووضوح: ((يكفي عندنا القرآن والسنة وهم عندهم القرآن وأهل البيت)). [الفتاوى المهمة في التفرقة بين السنة والشيعة، ص 154].
فهذه شهادة أخرى من الألباني صريحة وواضحة بأن الذين يتابعون أهل البيت هم الشيعة دون السنة، وهذا يثبت أنهم هم أهل السنة بحسب حديث الثقلين المتقدم دون غيرهم؛ لأنّ من يسمون أنفسهم بـ(أهل السنة والجماعة)، هم أنفسهم يعتقدون أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غير معصوم فيما يصدر عنه عدا الوحي، فيجوِّزون بذلك مخالفته وعصيانه من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون؛ وغير المعصوم غير واجب الطاعة شرعاً وعقلا، والاعتقاد بخطئه يلزم عدم طاعته، وطالما أنه كذلك في معتقدهم فلا يستقيم اطلاق تسمية “أهل السنة” عليهم، لأن السنة كما لا يخفى هي مجموع أفعال وأقوال وتقارير (النبي صلى الله عليه وآله وسلم)، فكيف يصح منهم اعتماد سنته مع اعتقادهم بعدم عصمته؟!
وهل في التناقض أقبح من هذا؟!!
وحتى يثبت لك أن أهل السنة تركوا السنة فإليك بعض أقوال أئمتهم في جواز ترك السنة:
يقول ابن تيمية: ((ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبات إذا صارت شعارا لهم – يقصد الشيعة – فإنه وإن لم يكن الترك واجبا لذلك لكن في إظهار ذلك مشابهة لهم فلا تميز السني من الرافضي)) [منهاج السنة، ج2، ص143].
وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن الدمشقي في كتاب (رحمة الأمة في اختلاف الأئمة): ((السنة في القبر التسطيح، وهو أولى على الراجح من مذهب الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد: التسنيم أولى لأن التسطيح صار شعارا للشيعة)) [هامش الميزان، الشعراني، ج1، ص88].
وقال ابن حجر العسقلاني: ((تنبيه: اختلف في السلام على غير الأنبياء بعد الاتفاق على مشروعيته في تحية الحي، فقيل يشرع مطلقا. وقيل، بل تبعا لا يفرد لواحد لكونه شعارا للرافضة)) [فتح الباري، ج11، ص142].
وقال الزمخشري: ((القياس جواز الصلاة على كل مؤمن لقوله تعالى: {هو الذي يصلي عليكم}. وقوله تعالى: {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم}. وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): “اللهم صل على آل أبي أوفى”. ولكن للعلماء تفصيلا في ذلك وهو: إنها إن كانت على سبيل التبع كقولك صلى الله على النبي وآله فلا كلام فيها، وأما إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه، لأن ذلك شعار لذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولأنه يؤدي إلى الاتهام بالرفض، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم”)) [تفسير الكشاف، ج2، ص439] [راجع كتاب: وركبت السفينة، ص371].
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.