الشمر اللعين تولد من الزنا فلا نسب له مع السيدة أم البنين

الأخ جعفر المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إنّ السيدة أم البنين عليها الرحمة والرضوان تنحدر من بيت عريق في العروبة والشجاعة، حتى قال عنها عقيل بن أبي طالب – وكان نسابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم -: ((ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس)). [عمدة الطالب: ٣٢٤]، فهي فاطمة بنت حزام، بن خالد، بن ربيعة، بن عامر، بن كلاب، بن ربيعة، بن عامر، بن صعصعة الكلابيّة.
وأما الشمر(عليه لعائن الله) فلا حظّ له من هذا النسب، بل لا نسب له كي يُسأل عن صحة اتصاله بنسب السيدة أم البنين، ولا دليل يثبت صحة نسبه المزعوم، فقد أختلف المؤرخون في اسم أبيه وبنسبه اختلافاً كثيراً، فقيل أنّ اسمه: أوس بن الأعوربن جوشن، قال ابن حجر: ((أوس بن الأعور بن جوشن بن مسعود ذكره البخاري قاله بن منده)) [الاصابة في تمييز الصحابة، ح1، ص143]
وقيل اسمه: أوس بن الأعور بن عمرو بن معاوية، قال المرزباني: ((أن اسم ذي الجوشن الضبابي أوس بن الأعور بن عمرو بن معاوية)) [الاصابة في تمييز الصحابة، ح1، ص143]
وقيل اسمه: شرحبيل بن الأعور بن عمرو بن معاوية، قال ابن عبد البر وابن حبان: ((ذُو الجَوشَن الضِّبابي، والد شِمر بن ذي الجوشن. اختلف في اسمه فقيل: أوس بن الأعور. وقد تقدم ذكره، وقيل اسمه: شرحبيل بن الأعور بن عمرو بن معاوية، وهو الضباب، بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري الكلابي ثم الضبابي)) [اسد الغابة، ج2، ص204، والاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، ج2، ص50، الثقات لابن حبان، ج3، ص120 ]
وقيل اسمه: عثمان بن نوفل. قال ابن شاهين: ((اسمه عثمان بن نوفل)) [الاصابة في تمييز الصحابة، ج3، ص419]، وذكر ابن سعد مثله. [لاحظ: معجم الصحابة للبغوي، ج2، ص339].
وقيل اسمه: جوشن بن ربيعة الكلابي، قال ابن سعد: ((جوشن بن ربيعة الكلابي، وهو أبو شمر بن ذي الجوشن, الذي شهد قتل الحسين بن علي، وكان شمر يكنى: أبا السابغة)) [الطبقات الكبرى، لابن سعد، ج8، ص169].
وتغاضى كل من ترجم للشمر اللعين – مع اشتهاره بين قبائل العرب أنه قاتل سبط رسول (الله صلى الله عليه وآله) – عن التحقيق في إثبات صحة نسبه واسم أبيه كما هو واضح من الاضطراب الحاصل في كلماتهم وما ذلك إلا لمجهولية نسبه.
وقد جاء في الروايات أنه تولد من الزنا، فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: ((كان قاتل يحيى بن زكريا ولد زنا، وقاتل الحسين ولد زنا، ولم تبك السماء على أحد إلا عليهما، قال: قلت: وكيف تبكي؟ قال: تطلع الشمس في حمرة وتغيب في حمرة)) [بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج45، ص212]
وذكر الشيخ عباس القمي قصة أم الشمر (عليه لعائن الله) نقلاً عن كتاب “مثالب العرب” لهشام بن محمد الكلبي، قائلاً: ((انّ امرأة ذي الجوشن خرجت من جبانة السبيع إلى جبانة كندة فعطشت في الطريق ولاقت راعيا يرعى الغنم فطلبت منه الماء فأبى أن يعطيها الّا بالإصابة منها فمكّنته فواقعها الراعي فحملت بشمر)). [سفينة البحار، ج ٤، ص ٤٩٢].
كما ذكر القصة نفسها الشيخ علي النمازي الشاهرودي نقلاً عن كتاب المثالب – أيضاً – عند ترجمته للشمر (عليه اللعنة)، فقال: ((شمر بن ذي الجوشن: تولد من الزنا … وعن كتاب المثالب [مثالب العرب] لهشام بن محمد الكلبي: إن امرأة ذي الجوشن خرجت من جبانة السبيع إلى جبانة كندة، فعطشت في طريق ولاقت راعيا يرعى الغنم فطلبت منه الماء فأبى أن يعطيها إلا بالإصابة منها. فمكنته فواقعها الراعي فحملت بشمر)). [مستدركات علم رجال الحديث، ج ٤، ص ٢٢٠].
وهشام بن محمد الكلبي صاحب كتاب “مثالب العرب” كان عالما بالانساب، فقد اعترف بعلمه في النسب جميع المحدّثين والمؤرخين والعلماء، منهم:
ابن خلكان في [وفيات الأعيان 6/82.] قال: ((إنّ هشاما يعد في الحفاظ المشاهير، و أنّه أعلم الناس بعلم الأنساب)).‌
وابن أبي الحديد المعتزلي في [شرح نهج البلاغة 18/66] قال: ((هو هشام بن محمد بن السائب الكلبي نسابة ابن نسابة عالم بأيام العرب و أخبارها، و أبوه أعلم منه، و هو يروي عن أبيه)).
وياقوت الحموي في [معجم الأدباء، ياقوت الحموي 5/596، 597] قال: ((كان عالما بالنسب و أخبار العرب و أيّامها و وقائعها و مثالبها، أخذ عن ابيه أبي النضر بن محمد المفسّر و عن مجاهد و عن محمد بن أبي السري البغدادي و محمد بن سعد كاتب الواقدي و أبي الأشعث أحمد بن المقدام و غيرهم)).‌
والذهبي في [تذكرة الحفاظ، 1/343] قال: ((أبو المنذر الكلبي النسّابة العلامة الأخباري الحافظ)).
ودمتم سالمين