تفاصيل المنشور
- السائل - مضر حاكم
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 17 مشاهدة
تفاصيل المنشور
هناك برامج تلفزيونية ساخرة يظهر فيها بعض الأشخاص يأخذون بالاستهزاء والسخرية من الدين وعلماء الدين والمقدسات، وهذه البرامج جذبت الكثير من الجمهور، فما هو الرد على مثل هكذا أمور فيما لو أردنا الرد عليها نرجو منكم البيان الشافي؟
السائل
مضر حاكم
هناك برامج تلفزيونية ساخرة يظهر فيها بعض الأشخاص يأخذون بالاستهزاء والسخرية من الدين وعلماء الدين والمقدسات، وهذه البرامج جذبت الكثير من الجمهور، فما هو الرد على مثل هكذا أمور فيما لو أردنا الرد عليها نرجو منكم البيان الشافي؟
بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
السخرية منهجٌ قديمٌ جديدٌ يتبعه المفلس، ويلجئ إليه عند العجز عن الإطاحة بخصمه بالحجة والبرهان، لا سيما إذا كان الخصم – وهو الطرف المحق – قوياً وثابتاً على مبادئه وقيمه، وهذا الأسلوب – السخرية – يشي بصاحبه أنه قد أفلس وأصبح خالي الوفاض من أي دليل وحجة، ولا يمتلك البديل الصحيح، ولا النقد الصريح، فيفضل أساليب التشكيك الميسورة له والمؤثرة، وهي ورقته الأخيرة التي يعتقد أنها الرابحة.
وفي كثيرٍ من حالات السخرية الفكرية والدينية نلحظ أنَّ الساخر والمستهزئ لا يقدر أن يفصح بحقيقة نواياه ودوافعه والغرض الأصلي من وراء السخرية والاستهزاء، فنجده يحرص أن يغلف سخريةً بأسلوب بريء، أو عن طريق تساؤلات توحي للمتلقي بالعفوية، أو تقديم معلومات أو صور تعطي انطباعا مشوهاً للفئات المستهدفة.
والسخرية إذا كانت مؤلمة عندما تتناول خصوصيات وهوية الإنسان، كأصله ونسبه وبلده، فإنها تزداد إيلامًا إذا مست إيمانه وعقيدته ومقدساته، لذا نجد أنّ الله تعالى يقول لنبيه: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر:95]، ثم يقول له: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ} [الحجر:97].
وعن السخرية من الأشخاص، يقول تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الانعام:10]، ويقول: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا من الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ} [المطففين:29-30].
وقال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:14-15].
وعن السخرية من أفعال المؤمنين، يقول تعالى: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة:79]، وقال: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لايَعْقِلُونَ} [المائدة:58].
ونرى أنّ التعامل الأنسب والأمثل مع السخرية بجميع صورها وأشكالها، هو التجاهل وعدم التفاعل معها، والسبب أنَّ الساخر لا يطلب حقًّا في العادة، وليست لديه الأدوات الأولية أو الجادة في الحوار والنقد البناء.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.