تفاصيل المنشور
- المستشكل - ماجد أحمد
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 20 مشاهدة
تفاصيل المنشور
كيف أعرف أن مذهب الشيعة الاثني عشرية هو المذهب الحق، والدين مذاهب وفرق كثيرة؟
المستشكل
ماجد أحمد
كيف أعرف أن مذهب الشيعة الاثني عشرية هو المذهب الحق، والدين مذاهب وفرق كثيرة؟
الأخ ماجد المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
قال تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ*الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر:17-18]، وقال في حقّ الّذين عطّلوا عقولَهم فاستحقّوا العذاب: { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك:10].
فالسبيل إلى معرفة المذهب الحق واعتناقه مذهباً مبرِئاً للذمّة وموجباً للنجاة هو اتّباع ما وافق الدين والعقل، وقد ثبت في مصادر أهل السنة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((ستفترق أمتي إلى ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلّها في النار، والناجية منها واحدة))، أخرجه أبو داود، وابن ماجة، وأحمد، والهيثمي، وابن أبي عاصم، والسيوطي، وابن حجر، والتبريزي، والألباني.. وغيرهم، وهو حديثٌ مشهور ومتفق على صحته، كما يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوى 3: 345.
وقد صرّح السيوطي بتواتر هذا الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما في فيض القدير (فيض القدير 2: 27)، وكذلك الكتاني في نظم المتناثر من الحديث المتواتر(نظم المتناثر من الحديث المتواتر: 47).
وقد عيّن (صلى الله عليه وآله وسلم) الفرقة الناجية والفرق الهالكة في حديثٍ تواتر بين طوائف المسلمين، بقوله (صلى الله عليه وسلم): ((مثَل أهل بيتي كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق)). وعن صحة الحديث وتواتره يقول الشيخ “محمد أمين الأنطاكي” في بحثِ حديث السفينة: ((اتفقت آراء علماء الإسلام على صحة واستفاضة نقل هذا الحديث حتى بلغ حدّ التواتر، وهناك عدد كبير من الحفاظ وأئمّة الحديث وأهل السير والتواريخ نقلوا هذا الحديث حتى بلغ عددهم أكثر من مائةٍ، وحتى غير المسلمين نقلوا هذا الحديث ووضعوه بين الأحاديث الإسلامية» [لماذا اخترت مذهب الشيعة، ص166].
والهداية ـ قطعًا ـ تستلزم النجاة، وهي الغاية المنشودة لكل البشرية، ومن هنا يظهر المعنى في التشبيه بين أهل البيت (عليهم السلام) وسَفينة «نوح»، فالسفينة – كما هو معلوم – كانت هي الملجأ الوحيد لنجاة الناس من الطوفان في ذلك الوقت، وعلى أساسه فإنّ أهلَ البيت (عليهم السلام) وفقاً لهذا التشبيه يُعدّون الملجأ الوَحيد المنجي للبشرية من الحوادث والوقائع التي تُؤدّي إلى انحرافها وضلالها.
ولم يتوقف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بياناته عند هذا الحد، بل تعدّاه إلى بيان مَن هم أهل بيته الذين شبههم بسفينة نوح، وذلك في حديث الكساء الذي قال عنه ابن تيمية: ((وأما حديث الكساء فهو صحيح، رواه أحمد والترمذي من حديث أم سلمة ، ورواه مسلم في صحيحه من حديث عائشة، قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداةٍ، وعليه مرط مرجّل من شَعرٍ أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله، ثم قال: {إنما يريد اللهُ ليذهب عنكم الرجسَ أهلَ البيت ويطهِّركم تطهيرًا}….)) [منهاج السنة النبوية، ج5، ص13].
وفي هذا المعنى ـ أيضاً ـ يقول الآلوسي صاحب التفسير: ((وأخبار إدخاله صلى الله عليه وسلم عليًّا وفاطمة وابنيهما (رضي الله تعالى عنهم)، تحت الكساء، وقوله عليه الصلاة والسلام: (اللّهمّ هؤلاء أهل بيتي) ودعاؤه لهم، وعدم إدخال أُمّ سلمة أكثر من أن تحصى، وهي مخصّصة لعموم أهل البيت بأيّ معنى كان البيت، فالمرادُ بهم: مَن شمِلهم الكساء، ولا يدخل فيهم أزواجه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)). [تفسير الآلوسي، ج22، ص15].
ولا بدّ من حمل حديث الكساء على الأئمة الاثني عشر من أهل بيته وعترته (صلى الله عليه وآله وسلم)، لمقتضى دلالة حديث الثقلين الصحيح المتواتر عند الجميع، وهو ـ كما في مسند أحمد ـ عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني تاركٌ فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض)). [مسند أحمد، ج3، ص14].
وقد ذكر غيرُ واحد من المفسرين والمحدِّثين والمؤرخين ما يؤكد أن شيعة أهل البيت (عليهم السلام) هم أتباع المذهب الحق، ونحن نذكر منهم على نحو الاختصار ما يأتي:
1- الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، (المتوفى سنة: 310 هـ)، عن محمد بن عليّ (({أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أنْتَ يا عَلي وَشِيعَتُكَ”)). [تفسير الطبري، ج24، ص542].
2- ابن عساكر، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، (المتوفى سنة: 571 هـ)، عن جابر بن عبد الله، قال: ((كنا عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فأقبل علي بن أبي طالب، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم): “والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة “فنزل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} ..)) [تاريخ دمشق، ج42، ص371].
3- السيوطي، جلال الدين بن أبي بكر، (المتوفى: سنة 911 هـ)، عليّ قَالَ: ((قَالَ لي رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ألم تسمع قَول الله: {إِن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة} أَنْت وشيعتك وموعدي وموعدكم الْحَوْض إِذا جِئْت الْأُمَم لِلْحسابِ تدعون غرّاً محجلين)) [الدر المنثور، ج8، ص589].
4- ابن حجر، أحمد بن حجر الهيثمي، (المتوفى سنة: 974 هـ)، عن ابن عباس قال: ((لمّا أنزل الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ}، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعليّ: “هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين، ويأتي عدوّك غِضابًا مقمحين”)) [الصواعق المحرقة، ج2، ص468].
إلى غيرها من الأحاديث الكثيرة.
ودمتم سالمين