مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

الحروب نتاجُ الفساد الإنسانيّ لا الدّين

تفاصيل المنشور

تفاصيل المنشور

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهَّرين مصابيح الظلام، وهُداة الأنام.
موضوع الحوار: هل الدين هو السبب الوحيد للحروب؟

الملحد: حينما نتحدَّث عن عالَمٍ بلا دينٍ، فنحن نتحدَّث عن عالَمٍ من دون انتحاريين ومن دون ‏تفجيرات ومن دون قطع الرؤوس علنًا ومن دون سياطٍ على ‏جسم المرأة، وهذا هو العالَم الذي نتطلع إليه؛ لأنه بلا دين.‏

الموحد: محاولةُ حصرِ أسبابِ الحروبِ بالدين فقط هي أمرٌ غير صحيح؛ لأننا بالبحث نجد أنّ ‏هناك ‏دوافعَ وأسبابًا متعدِّدة للحروب.

الملحد: الكلام المجرَّد عن الدليل غير علميّ!!

الموحد: الدليلُ على كلامي هو أنه لو كفرَ جميعُ مَن في الأرض، وتركوا الدين لَما ‏توقفتِ ‏الحروبُ؛ وذلك بسبب المطامع وحبِّ السيطرة؛ ولهذا فإن العقليّة الإرهابية والإجرامية موجودةٌ عند بعض ‏أصحاب ‏الدين وعند الملحدين على حدٍّ سواء، ولا علاقة لها بالدين كما تظن، ويظنُّ من على شاكلتك من الملحدين.‏

الملحد: كلامك هذا تبريرٌ للحروب التي وقعتْ باسم الدين!!

الموحد: لا أبرِّر الحروبَ التي وقعتْ باسم الدين، بل أؤكد أنّ الدين لم يكنِ السببَ الوحيد لنشوبها، فهناك العديد من العوامل الأخرى التي أدَّت إلى الحروب، مثل العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأؤكِّد أيضًا على أنّ العنف والإرهاب أمرٌ مرفوضٌ، سواء صدر من المتدينين أو من غيرهم؛ إذ لا يوجد مبرِّرٌ لأيِّ نوعٍ من أنواع العنف، بِغضِّ النظر عن الدين أو العقيدة أو أيِّ انتماءٍ آخر.

الملحد: إذًا، ما قولك في الحروب التاريخية الإسلامية، هل سترفضها؟!!

الموحد: رفْضُنا للعنف والإرهاب لا يعني عدم وجود مبرِّرات مقبولةٍ للحرب، مثل الدفاع عن النفس والحياة والمكتسبات، ولا تقتصر هذه المبرِّرات على المتدينين دون غيرهم – أيْ أنها مبرراتٌ إنسانيةٌ عامة – إنما نرفض الحروب العبثية التي تهدف إلى السيطرة والهيمنة والتوسُّع.

الملحد: لكنكَ قلتَ: إن الدين لم يكنِ السببَ الوحيدَ لنشوب الحروب بين البشرية، وهذا يعني أنه أحدُ أسبابها، ونحن نريد التعرُّف على الأسباب لنعالجها، وقد عرفنا أحدها.

الموحد: صحيح، لكنك أيضًا قلتَ: (عالَمٌ بلا دِين) فجعلتَ الدينَ هو السببَ الوحيد لنشوب الحروب في الدنيا، ومع ذلك من المفيد أن تميِّز بين الدين والمتدينين، فالمتديِّن هو شخصٌ يؤمن بالدين، لكنَّ سلوكه قد لا يتوافق دائمًا مع تعاليم الدين؛ لذلك لا ينبغي أنْ نحمِّل الدين مسؤولية سلوكيات المتدينين، خاصةً عندما يتعلق الأمر بأفعالٍ مثل الحروب العبثيّة، فالدين لم يأمرْ أبدًا بمثل هذه الأعمال، حتى لو نُفِّذت بسلوكٍ جماعي.

الملحد: نعم، أنا قلت ‏(عالَم بلا دين)، إذ لا توجد حرب إلا والدين سببها!!

الموحد: إليك ما يفضح كذبَك، فهذه بعض الحروب التي نشأت من دون أسبابٍ دينية:
1 – الحرب البيلوبونيسية (431-404 ق.م): وهي حربٌ نشبت بين أثينا وإسبارطة ـ مدينتين يونانيتين قديمتين ـ على زعامة العالم اليوناني.
2 – حرب المائة عام (1337-1453): وهي حربٌ نشبتْ بين مملكتي إنجلترا وفرنسا على أراضٍ متنازَع عليها.
3 – حرب الاستقلال الأمريكية (1775-1783): وهي حربٌ نشبت بين المستعمرات الأمريكية وبريطانيا العظمى على الاستقلال.
4 – الحرب الأهلية الأمريكية (1861- 1865): وهي حربٌ نشبت بين الولايات المتحدة الأمريكية على موضوع العبودية.
5 – الحرب العالمية الأولى (1914- 1918): وهي حربٌ نشبت بين دول أوروبا لأسباب سياسية وعسكرية، ولم يكن الدين عاملًا رئيسًا فيها.
6 – الحرب العالمية الثانية (1939-1945): وهي حربٌ نشبت بين دول العالم لأسباب سياسية وعسكرية، ولم يكن الدين عاملًا رئيسًا فيها.
7 – الحرب الباردة (1947-1991): وهو صراعٌ سياسيٌّ وعسكري بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، ولم يكن الدين عاملًا رئيسًا فيها.
ولي أنْ أقول لك الآن: عندما نتحدَّث عن عالمٍ بلا إلحاد وملحدين، فنحن نتحدث عن عالَمٍ خالٍ من الحروب والدمار..

الملحد: لا جواب!!

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.