تفاصيل المنشور
- المستشكل - محمد شراد
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 14 مشاهدة
تفاصيل المنشور
السلام عليكم.. أنا من محافظة الرمادي من أهل السنة والجماعة وأعرف أن شخصيتي غير مرحب بها في مثل هذه المواقع الشيعية ولكن أقول لكم ربنا واحد وكتابنا واحد ونبينا واحد.. قبل مدة من الزمن بحثت في مسألة الجمع بين الفريضتين وكررت البحث حتى وصلت إلى نتيجة وجدت نفسي بين أقوال لا أتمكن من الأخذ بأحدها أنتم تقولون بالجمع وتجمعون بين الفريضتين على مذهبكم ونحن نقول بعدم الجمع بينهما وهكذا حتى انتهى الأمر بي إلى عدم الركون إلى أي قول، فما هو الدليل على الجمع بين الفريضتين وما هو الدليل على عدم جواز الجمع بينهما؟ ارجو ان تكون الأدلة من الكتاب والسنة؟ وشكرا لكم إن أجبتم على سؤالي، أخوكم في الإسلام محمد شراد..
المستشكل
محمد شراد
السلام عليكم.. أنا من محافظة الرمادي من أهل السنة والجماعة وأعرف أن شخصيتي غير مرحب بها في مثل هذه المواقع الشيعية ولكن أقول لكم ربنا واحد وكتابنا واحد ونبينا واحد.. قبل مدة من الزمن بحثت في مسألة الجمع بين الفريضتين وكررت البحث حتى وصلت إلى نتيجة وجدت نفسي بين أقوال لا أتمكن من الأخذ بأحدها أنتم تقولون بالجمع وتجمعون بين الفريضتين على مذهبكم ونحن نقول بعدم الجمع بينهما وهكذا حتى انتهى الأمر بي إلى عدم الركون إلى أي قول، فما هو الدليل على الجمع بين الفريضتين وما هو الدليل على عدم جواز الجمع بينهما؟ ارجو ان تكون الأدلة من الكتاب والسنة؟ وشكرا لكم إن أجبتم على سؤالي، أخوكم في الإسلام محمد شراد..
بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
هذا الموقع وجد لخدمة المسلمين جميعا، بل ولخدمة كل باحث عن الحقيقة ولا فرق بين شيعي وسني فكلاهما مسلم موحد، ونستثني من ذلك الناصبي الذي يعلن العداء لآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، ويمتدح الظالمين لهم ويوالي ولاة الجور من أعدائهم، فهؤلاء هم الذين لا نرحب بهم.
ونجيبك:
لقد ثبت جواز الجمع بين الفريضتين من الكتاب الكريم والسنة الشريفة:
أما الكتاب الكريم فقد جاء في سورة الإسراء، الآية:78، قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}.
قال القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن): ((هذه الآية بإجماع من المفسرين إشارة إلى الصلوات المفروضة)) [تفسير القرطبي، ج10، ص303].
وعن أبي حيان الأندلسي في تفسيره (البحر المحيط)، قال: ((قال ابن عطية: (أقم الصلاة) الآية هذه بإجماع من المفسرين إشارة إلى الصلوات المفروضة، فقال ابن عمر وابن عباس وأبو برده والحسن والجمهور: دلوك الشمس زوالها، والإشارة إلى الظهر والعصر، وغسق الليل إشارة إلى المغرب والعشاء، (وقرآن الفجر) أريد به صلاة الصبح، فالآية على هذا تعم جميع الصلوات)) [تفسير البحر المحيط، ج6، ص68].
فالمستفاد من كلام القرطبي والأندلسي أن الآية المذكورة -آية رقم 78 من سورة الإسراء- قد جاءت وبإجماع المفسرين لبيان الصلوات الخمس المفروضة، وإذا دققنا في الآية الكريمة بشكل جيد وجدنا أنها لم تذكر لنا سوى أوقات ثلاثة، هي: دلوك الشمس، وغسق الليل، والفجر؛ مما يدل على وجود وقت مشترك بين الصلوات الخمس المفروضة، وهو المعنى الذي أوضحه الفخر الرازي في تفسيره بشكل أوسع مما ذكره القرطبي والأندلسي هنا.
قال الفخر الرازي: ((… فإذا حملنا الدلوك على الزوال دخلت الصلوات الخمس في هذه الآية، وإن حملناه على الغروب لم يدخل فيه إلا ثلاث صلوات هي المغرب والعشاء والفجر، وحمل كلام الله على ما يكون أكثر فائدة أولى، فوجب أن يكون المراد من الدلوك الزوال… (إلى أن يقول): وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتا للظهر والعصر فيكون هذا الوقت مشتركا بين هاتين الصلاتين وأن يكون أول المغرب وقتا للمغرب والعشاء فيكون هذا الوقت مشتركا أيضا بين هاتين الصلاتين)) [تفسير الرازي، ج21، ص27].
هذا بالنسبة إلى القرآن الكريم وهو واضح الدلالة على مدعى الشيعة الإمامية في الجمع بين الفريضتين.
وأما السنة الشريفة، فنذكر منها:
1- ما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: ((صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، في غير خوف ولا سفر)) [صحيح مسلم، ج2، ص151].
2- ما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: ((جمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة، من غير خوف ولا مطر. (في حديث وكيع) قال: قلت لابن عباس لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته)) [صحيح مسلم، ج2، ص151].
3- وأيضا روى أبو يعلى الموصلي في مسنده بسند صحيح عن ابن عباس، قال: ((جمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في غير سفر ولا مطر. قال: قلت: ما أراد بذلك: قال: أراد التوسعة على أمته)) [مسند أبي يعلى، ج5، ص80-81].
وبالجمع بين هذه الأحاديث يثبت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) جمع بين الفريضتين من غير خوف ولا سفر ولا مطر.. وهو يفيد عموم الجمع مطلقا لعذر وغيره.. خاصة بعد ذكر علة الجمع هنا بأنها: إرادة التوسعة على الأمة، وهي علة عامة تلائم جميع الحالات والظروف، ومعه تسقط كل الدعاوى التي يتشبث بها البعض لمنع الجمع بين الصلاتين.. كدعوى الجمع الصوري مثلا (التي يتشبث بها الأحناف)، أو دعوى أن الجمع كان لعذر المطر (التي يتشبث بها مالك والشافعي) أو دعوى أن الجمع كان لعذر المرض (التي يتشبث بها أحمد وجماعة)، فكل هذه الأعذار لم تصمد أمام البحث والتحقيق العلمي وهي من التحكم بالشريعة من دون دليل معتبر.. وحسبنا في الرد على أغلبها ما ذكره النووي في شرحه على مسلم الذي قال بعد ذكره للروايات المتقدمة في صحيح مسلم:
((هذه الروايات الثابتة في مسلم كما تراها وللعلماء فيها تأويلات ومذاهب…)) ثم قال: ((منهم من تأوله على أنه جمع بعذر المطر وهذا مشهور عن جماعة من الكبار المتقدمين وهو ضعيف بالرواية الأخرى: “من غير خوف ولا مطر”. ومنهم من تأوله على أنه كان في غيم فصلى الظهر ثم انكشف الغيم وبان أن وقت العصر دخل فصلاها وهذا أيضا باطل لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر لا احتمال فيه في المغرب والعشاء. ومنهم من تأوله على تأخير الأولى إلى آخر وقتها فصلاهما فيه فلما فرغ دخلت الثانية فصلاهما فصارت صلاته صورة جمع وهذا أيضا ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل وفعل ابن عباس الذي ذكرناه حين خطب واستدلاله بالحديث لتصويب فعله وتصديق أبي هريرة له وعدم إنكاره صريح في رد هذا التأويل. ومنهم من قال: هو محمول على الجمع بعذر المرض أو نحوه مما هو في معناه من الأعذار وهذا قول أحمد بن حنبل والقاضي حسين من أصحابنا واختاره الخطابي والمتولي والروياني من أصحابنا وهو المختار في تأويله لظاهر الحديث ولفعل ابن عباس وموافقة أبي هريرة ولأن المشقة فيه أشد من المطر)) [شرح النووي على مسلم، ج5، ص218].
ونقول: هذا الذي تشبث به النووي في تبرير دعوى الجمع هنا – وهو الجمع لعذر المرض – مردود عليه أيضا، لأنه قد ورد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد جمع من غير خوف، والخوف عنوان عام تندرج تحته كل الأسباب التي تؤدي إليه من تعب وإرهاق ومرض وانشغال ومداهمة عدو ونحوه، هذا فضلا على أن الجمع المذكور لو كان لعذر المرض لما كان يسوغ الجمع لمن لم يكن عنده العذر المذكور والحال أن ظاهر الأدلة وإطلاقها يتنافى وهذه الدعوى.. ومن هنا رد الزرقاني على النووي دعواه هذه فقال في شرحه على الموطأ: ((وقيل: إن الجمع كان للمرض، وقواه النووي، وفيه نظر; لأنه لو جمع للمرض لما صلى معه إلا من به المرض، والظاهر أنه (صلى الله عليه وسلم) جمع بأصحابه، وبه صرح ابن عباس في رواية ثابتة عنه)) [شرح الزرقاني لموطأ مالك، ج1، ص263].
وتحصل من جميع ما تقدم: بأن من قال بعدم جواز الجمع بين الفريضتين لا يوجد عنده دليل واحد صحيح في منع الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير عذر، وكل أقواله وتأويلاته التي تشبث بها هي واهية لا تستند إلى شيء صحيح وبشهادة علمائه أنفسهم.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.