مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

التوفيق بين الروايات التي تقول لا ينجو من عذاب القبر أحد والروايات التي تقول بالنجاة منه.

تفاصيل المنشور

الاشكال

وردت روايات عن اهل بيت العصمة والطهارة تقول بأنّ عذاب القبر لا ينجو منه أحد ووردت روايات أخرى تقول ما على المؤمنين شيء منها فهل يوجد تعارض أم ماذا ؟

المستشكل

منتظر الخزاعي

تفاصيل المنشور

الاشكال

وردت روايات عن اهل بيت العصمة والطهارة تقول بأنّ عذاب القبر لا ينجو منه أحد ووردت روايات أخرى تقول ما على المؤمنين شيء منها فهل يوجد تعارض أم ماذا ؟

الأخ منتظر المحترم ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

موضوع عذاب القبر وتفاصيله هو موضوع مجمل ؛ إذ لم تسعفنا الروايات الواردة فيه بالكثير من التفاصيل ، ففي بعض الروايات الواردة عن أئمة أهل البيت ( عليهم السلام )  أنّه لا يعذّب ولا ينعم في القبر إلّا من محض الكفر محضاً ومحض الإيمان محضاً ، وهو ما أشار إليه الشيخ المفيد قدّس سرّه في ” المسائل السروية ” بقوله : (( وقد ورد عن أئمة الهدى عليهم السلام أنّهم قالوا : ” ليس يعذب في القبر كل ميت ، وإنما يعذب من جملتهم من محض الكفر ، ولا ينعم كلّ ماض لسبيله ، وإنّما ينعّم منهم من محض الإيمان محضا ، فأمّا سوى هذين الصنفين فإنّه يلهى عنهم ” .( المسائل السروية : 63)

ومن هذه الروايات مارواه الشيخ الكليني قدّس سرّه بسنده عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، قال : إنّما يسأل في قبره من محض الايمان محضا والكفر محضا وأما ما سوى ذلك فيلهى عنه ( الكافي 3: 235، باب المسألة في القبر ومن يسأل ومن لا يسأل ، الحديث 3) .

 ومعنى محض الإيمان محضاً ، أي يكون عارفاً بإمام زمانه ، وهو ما تفسّره لنا الرواية الأخرى عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) أيضاً : عن أبي بكر الحضرمي قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) أصلحك الله من المسؤولون في قبورهم ، قال : من محض الايمان ومن محض الكفر ، قال : قلت : فبقية هذا الخلق ؟ قال : يلهى والله عنهم ما يعبأ بهم ، قال : قلت : وعم يسألون ؟ قال : عن الحجة القائمة بين أظهركم ، فيقال للمؤمن : ما تقول في فلان ابن فلان ؟ فيقول : ذاك إمامي ، فيقال : نم أنام الله عينك ويفتح له باب من الجنة فما يزال يتحفه من روحها إلى يوم القيامة ويقال للكافر : ما تقول في فلان ابن فلان ؟ قال : فيقول : قد سمعت به وما أدري ما هو ، فيقال له : لا دريت . قال : ويفتح له باب من النار فلا يزال يتحفه من حرها إلى يوم القيامة .( المصدر السابق ، الحديث 8)

وتوجد روايات أخرى يستفاد منها أنّه لا ينجو من ضغطة القبر – التي هي مرحلة من مراحل عذاب القبر – إلا القليل ، كهذه الرواية الواردة في الكافي أيضاً : عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : أيفلت من ضغطة القبر أحد ؟ قال : فقال : نعوذ بالله منها ما أقل من يفلت من ضغطة القبر .( المصدر السابق ، الحديث 6) وهي بعمومها تشمل الجميع مؤمنين وغيرهم .

والتوفيق بين هذه الروايات يكون من خلال قاعدة الجمع العرفي ، التي أحد مواردها الجمع بين العام والخاص ، فروايات عدم نجاة أحد من ضغطة القبر تفيد العموم (مؤمنين وغيرهم )، والروايات الواردة بالنجاة من عذاب القبر تفيد الخصوص (حيث خصّت النجاة بالمؤمنين فقط ) ، فيتمّ الجمع بين الموردين (العام والخاص ) بحمل العام على الخاص ، وتصير النتيجة أصولياً هكذا : لا ينجو أحد من عذاب القبر إلّا من كان مؤمناً قد محض الإيمان محضاً .. والله العالم .

ودمتم سالمين