مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

التوحيد والنبوة والإمامة بين الشيعة والسنة

تفاصيل المنشور

الاشكال

الشيعة والسنة لا يختلفون في توحيد الله تعالى ولا يختلفون في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم والاختلاف بينهم فقط في امامة عليّ رضي الله عنه وهذا الخلاف أو الاختلاف لا يعد أمرا ضروريا ولا يتوقف عليه دخول الجنة أو النار، فعلى ماذا إذن التقاتل طالما هكذا الأمر؟! أليس هو التعصب للمذهب لا غير؟؟

المستشكل

اسراء عبد الله

تفاصيل المنشور

الاشكال

الشيعة والسنة لا يختلفون في توحيد الله تعالى ولا يختلفون في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم والاختلاف بينهم فقط في امامة عليّ رضي الله عنه وهذا الخلاف أو الاختلاف لا يعد أمرا ضروريا ولا يتوقف عليه دخول الجنة أو النار، فعلى ماذا إذن التقاتل طالما هكذا الأمر؟! أليس هو التعصب للمذهب لا غير؟؟

بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
أما عن قولك إن الشيعة والسنة لا يختلفون في توحيد الله تعالى.
فنقول: هناك فرق بين التوحيدين وفيه تفاصيلُ كثيرة، لا يسع هذا المختصر ذكرها، فمثلًا تقول الأشاعرة – الذين هم فرقةٌ كلامية كبيرة من فِرق السُّنة -: إن صفاته سبحانه كالعلم والقدرة والسمع والبصر ونحوها من الصفات الكمالية للذات، وهي زائدةٌ عن ذاته سبحانه مفهومًا ومصداقًا [انظر: اللمع، ص30، والإبانة، ص108، كلاهما لأبي الحسن الأشعري].
بينما تقول الشيعة الإمامية: إن صفاته سبحانه عين ذاته، ولا توجد اثنينية بين الصفات والذات، نعم هي مختلفة مفهومًا، فالعلم غير الحياة، لكنها متحدة مصداقًا.
والقول السابق للأشعرية يلزم منه تعدُّد القدماء، فإذا كان النصارى يقولون بقدماءَ ثلاثة (الأب والابن والروح)، فالأشاعرة قالوا بقدماء ثمانية (الذات وصفاتها السبعة)، وهذا غير مقبول عقَديًّا.
أما السلَفية، الفرقة الكلامية السّنية الثانية، وهم أتباع ابن تيمية، فقد ذهبوا في موضوع الأسماء والصفات بحملها على ظاهرها الحقيقي، أيْ قالوا: لله يدٌ حقيقيّة، كما وصف نفسه سبحانه في القرآن بأنه له يدٌ حين قال: (يد الله فوق أيديهم). وهكذا بقية الصفات من السمع والبصر والوجه والرِّجل والسّاق ونحوها الواردة في القرآن والسُّنة [انظر: مجموع فتاوى ابن باز، ج4، ص130، وغيرها).
بينما قال الشيعة الإمامية: إن هذه الألفاظ يُراد منها معانيها المجازية المعروفة في لغة العرب، فاليد في قوله تعالى: (يد الله فوق أيديهم) يراد بها أنّ قدرته تعالى فوق قدرتهم.
وقوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) المراد بالوجه: الدِّين، فالدين هو الوجه الذي يُؤتى اللهُ منه، ويُتوجَّه به إليه، وهكذا بقية الصفات الخبرية [انظر: الاعتقادات في دين الإمامية، للشيخ الصدوق، ص21، وما بعدها].
والقول السابق للسلفية يلزم منه التركيب والتجسيم على نحوٍ واضح، وهو منافٍ للتوحيد الحقيقي جزمًا.
وأما عن قولك: ولا يختلفون في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
فنقول: انّ من يسمون أنفسهم بـ(أهل السنة)، هم أنفسهم يعتقدون أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غير معصوم فيما يصدر عنه عدا الوحي، فيجوِّزون بذلك مخالفته وعصيانه من حيث يشعرون أو من حيث لا يشعرون؛ وغير المعصوم غير واجب الطاعة شرعاً وعقلا، والاعتقاد بخطئه يلزم عدم طاعته، وطالما أنه كذلك في معتقدهم فلا يستقيم إطلاق تسمية “أهل السنة” عليهم، لأن السنة كما لا يخفى هي مجموع أفعال وأقوال وتقارير (النبي صلى الله عليه وآله وسلم)، فكيف يصح منهم اعتماد سنته مع اعتقادهم بعدم عصمته؟!
وأما عن قولك: الاختلاف في إمامة عليّ (عليه السلام) لا يعد أمرا ضروريا ولا يتوقف عليه دخول الجنة أو النار.
فنقول: توجد روايات يرويها أهل السنة أنفسهم تقول أن الأمة ستفترق إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار والناجية منها واحدة، فمن هي هذه الفرقة الناجية؟
قد تقول جاء في بعض طرق حديث الفرقة الناجية أن الفرقة الناجية هي ما كان عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه، وأهل السنة هم على ما كان عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه فهم الفرقة الناجية.
نقول: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ما أنا عليه وأصحابي) يشير إلى حالة الوفاق التي كان عليها أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته لا حالة الاختلاف والاقتتال التي حصلت بينهم بعده، وعليه ينبغي الاعتماد على الأحاديث المتفق عليها بين الجميع حتى نعرف الطريق إلى الفرقة الناجية.
وإذا راجعنا السنة الشريفة وجدنا حديثا صحيحا بل متواترا كما شهد به ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة وغيره بأن طريق النجاة يمر عبر الإيمان والتمسك بالعترة الطاهرة، فقد جاء عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): ” إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا “.
فالناجون هم المتمسكون بالكتاب الكريم والعترة الطاهرة.
وهاهنا سؤال هل تمسك أهل السنة بالعترة الطاهرة؟!
الجواب: لا، فهم لا يأخذون عنهم فقههم ولا عقائدهم بشهادة ابن تيمية الذي شهد في كتابه “منهاج السنة النبوية: “أن أئمة المذاهب السنية لم يأخذوا من فقه عليّ (عليه السلام) أي شيء يذكر” [راجع: منهاج السنة النبوية، ج7، ص529].
وكذلك قول الشيخ الألباني في كتابه ” الفتاوى المهمة في التفرقة بين السنة والشيعة ” ص 154: ” يكفي عندنا القرآن والسنة وهم عندهم القرآن وأهل البيت “.
فهذه شهادة أخرى من الألباني بأن الذين يتابعون أهل البيت هم الشيعة دون السنة، وهذا يثبت أنهم هم الناجون بحسب حديث الثقلين المتقدم دون غيرهم.
والمحصلة مما تقدم أنه ينبغي على الإنسان الإيمان بإمامة أهل البيت (عليهم السلام) حتى يضمن النجاة في الآخرة حسب حديث الثقلين المتقدم.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.