تفاصيل المنشور
- المستشكل - أيمن
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 31 مشاهدة
تفاصيل المنشور
تناقض القرآن في نهاية فرعون. ففي سورة الذاريات: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} وهذا يدلّ على غرقه، وفى سورة يونس: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} وهذا يدلّ على نجاته من الغرق، الآية الأولى تدلّ على غرق فرعون بينما الآية الثانية تدلّ على نجاته!
المستشكل
أيمن
تناقض القرآن في نهاية فرعون. ففي سورة الذاريات: {فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ} وهذا يدلّ على غرقه، وفى سورة يونس: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} وهذا يدلّ على نجاته من الغرق، الآية الأولى تدلّ على غرق فرعون بينما الآية الثانية تدلّ على نجاته!
الأخ أيمن المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
إنّ ذكْر الأشياء والتصريح بمسمَّياتها في القرآن الكريم لا يدلُّ على أنها أهم مما لم يرِد لها ذكرٌ إلا في السنّة النبوية، لم يقُل بذلك أحدٌ من علماء الأمة، بل لم يرِد دليلٌ على ذلك لا من الكتاب ولا السُّنة، ولو كان لبان، والواقع يُثبت خلاف ذلك، فقد ذكر القرآن الكريم كثيرًا من الأمور على نحوٍ من التفصيل، كأحوال الخلق وقصص الماضين، وغيرها من أمورٍ كثيرة، ولا يشك مسلمٌ في فضلها وأهميتها، ولكنّ ما ثبت في السنّة النبوية من تفصيل لكيفيّة الصلاة وعدد ركعاتها، وصفة الحج والسعي وعدد أشواط الطواف، ومقادير الزكاة وشروطها وغير ذلك مما هو أعظم شأنًا في الشريعة الإسلامية، فقد روى الخطيب البغدادي في [الكفاية في علم الرواية، ص15]، عن الحسن: ((أن عمران بن حصين، كان جالسًا، ومعه أصحابه، فقال رجل من القوم: لا تحدّثونا إلا بالقرآن، قال: فقال له: أدنه، فدنا، فقال: أ رأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أ كنت تجد فيه صلاة الظهر أربعًا، وصلاة العصر أربعًا، والمغرب ثلاثًا، تقرأ في اثنتين، أ رأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أ كنت تجد الطواف بالبيت سبعاً، والطواف بالصفا والمروة، ثم قال: أي قوم؛ خذوا عنا؛ فإنكم والله إلا تفعلوا لتضلن)).
كما بوّب الخطيب كتابه ” الكفاية في علم الرواية ” [ص8]، بقوله: ((باب ما جاء في التسوية بين حكم كتاب الله تعالى، وحكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، في وجوب العمل، ولزوم التكليف)) انتهى.
وقال الزركشي ناقلًا عن أبي الحكم بن برجان جزمه بأنّ: ((كل حديث ففي القرآن الإشارة إليه تعريضًا أو تصريحًا، وما قال منشئ فهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد، فهمه من فهمه، وعمّه عنه من عمه. قال تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} [الأنعام:38] ألا يسمع إلى قوله – صلى الله عليه وسلم -: «لأقضيّن بينكما بكتاب الله». وقضى بالرجم، وليس هو نصًّا في كتاب الله، ولكن تعريض مجمل في قوله: {ويدرأ عنها العذاب} [النور:8]، وأما تعيين الرجم من عموم ذلك العذاب، وتفسير هذا المجمل فهو مبين بحكم الرسول – صلى الله عليه وسلم – فيه، وبأمره به، وموجود في عموم قوله: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} [الحشر:7]. وقوله: {من يطع الرسول فقد أطاع الله} [النساء:80] وهكذا جميع قضائه وحكمه)). [البحر المحيط، ج6، ص9].
وعلى ما ذكرنا كانت سيرة الصحابة غاية في الوضوح بالانقياد والتسليم لما جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ولم يرد له ذكر في القرآن، ممتثلين بذلك أمر الله سبحانه وتعالى، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن مسعود، إنه حينما حدّث، وقال: ((لعن الله الواشمات والمستوشمات، والنامصات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله! قال: فبلغ ذلك امرأةً من بني أسد يقال لها: أم يعقوب! ـ وكانت تقرأ القرآن ـ فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك؟ أنك لعنت الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله؟ فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في كتاب الله؟ فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته! فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}! فقالت المرأة: فإني أرى شيئًا من هذا على امرأتك الآن، قال: اذهبي فانظري، قال: فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئاً! فجاءت إليه، فقالت: ما رأيت شيئاً! فقال ابن مسعود رضي الله عنه: أما لو كان ذلك لم نجامعها)). [صحيح البخاري، ج6، ص146، ح4886، صحيح مسلم، ج3، ص1678، ح2125].
ومن هنا تعرف أنّ العلاقة بين السنة الشريفة، وبين كتاب الله عزّ وجلّ علاقة توافق، وتكامل، لأن مصدرهما واحد، وهو الله تبارك وتعالى، ولهذا فإنّ عدم الإقرار والتسليم بما جاء عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، هو رد وإعراض عن أمر الله عزّ وجلّ، قال أحمد بن حنبل: «إذا لم نقر بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم رددنا على الله أمره، قال الله عز وجل: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}»[الإبانة الكبرى، ج7، ص58]، وها هي السنة الشريفة قد فسـرت كثيرًا من آيات القرآن الكريم، ومن جملتها آية التطهير، وآية المودة، وآية المباهلة التي ورد التصرّيح فيها بأسماء من نزلت فيهم هذه الآيات المباركات، فقد رويت أحاديث بلغت حدّ الاستفاضة – إن لم نقل تواترت – ورد فيها التصـريح بأسماء الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، عند نزول هذه الآيات من قِبل جمعٍ من الصحابة والتابعين وتبع التابعين، ونقلها عنهم علماء الأمة ومحدّثوها في مصنفاتهم ومجاميعهم الحديثية وكتبهم التفسيرية، وأجمع الجمع المسلم بمذاهبه المختلفة والمتخالفة – إلا من شذّ – على نزول هذه الآيات في حق الأئمة المعصومين (عليهم السلام).
ودمتم سالمين