تفاصيل المنشور
- المستشكل - منتظر عبد السادة
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 37 مشاهدة
تفاصيل المنشور
السؤال في أصل وجود إنسان يسمى المهدى، وهل هو فعلا موجود، وهل هنالك دليل تاريخي على وجوده، أم مجرد افتراضات عقلية سطرها المفيد وغيره، وروايات أسطورية لا يصدقها أبسط الناس لباً.
المستشكل
منتظر عبد السادة
السؤال في أصل وجود إنسان يسمى المهدى، وهل هو فعلا موجود، وهل هنالك دليل تاريخي على وجوده، أم مجرد افتراضات عقلية سطرها المفيد وغيره، وروايات أسطورية لا يصدقها أبسط الناس لباً.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
من الواضح جدا أن التشكيك في أمر متسالم على ثبوته انما هو نتاج الجهل وقلة العلم، فالجهل أكبر مصدر للشبهات، وكلما تشعب الجهل، كلما تشعبت الشبهات لتشمل كل شيء، فالجهل يكاد يكون عنصرا مشتركا في كل شبهة تثار، ومن صور الجهل التي على أساسها يتم نسج الشبهات، عدم مبالاة القارئ بالمصادر التي يستقي منها معلوماته، وعدم التمييز بين الصحيح والسقيم منها، فمن الطبيعي أن تلك الحالة ستولد إشكالات حقيقيَّة لدى القارئ.
ونجد أن المستشكل هنا يحاول جاهداً إنكار أصل وجود الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام)، وليس ببعيد أنه اعتمد في ذلك على حجة المنكرين لأصل وجوده (عليه السلام) بحديث: ((ولا مهدي إلا عيسى ابن مريم))، وهو حديث رواه ابن ماجه والحاكم، [سنن ابن ماجة، ج2، ص621، ح4037؛ المستدرك على الصحيحين، ج19، ص243، ح 8481].
لكنه حديث جزم بضعفه جماعة علماء أهل السنة، منهم: الالباني في السلسلة الضعيفة، والذهبي، في ميزان الاعتدال، واللفظ للأخير، قال: ((حديث “لا مهدي إلا عيسى ابن مريم” هو خبر منكر)) [سلسلة الأحاديث الضعيفة، للألباني، ج1، ص175؛ سير اعلام النبلاء، ج10، ص67].
وقد جاءت الروايات والأحاديث النبوية ببيان اسم المهدي المنتظر وصفته ومكان خروجه، منها: ما رواه أحمد والترمذي وأبو داود أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطيء اسمه اسمي)). والحديث قال عنه الترمذي: حسن صحيح. [سنن أبي داود، ج4، ص1831]، وصححه كل من الشيخ شعيب الأرنؤوط في [مسند أحمد بن حنبل، ج6، ص45]، والألباني في [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، ج9، ص394].
وعن أبي سعيد الخدري قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي مني أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطا وعدلاً، كما ملئت ظلما وجوراً، يملك سبع سنين)) رواه أبو داود في سننه، وحسنه الألباني. [سنن أبي داود، ج4، ص107، ح 4285].
وعن أم سلمة، قالت: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: المهدي من عترتي من ولد فاطمة)) رواه أبو داود في سننه، وصححه الألباني. [سنن أبي داود، ج4، ص107، ح 4284].
وعن عليّ (عليه السلام) أنه قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة))، رواه أحمد بن حنبل في مسنده، وصححه أحمد شاكر. [مسند أحمد بن حنبل، ج1، ص444، ح 645]، ورواه ابن ماجه في سننه، وحسنه الألباني. [سنن ابن ماجة، ج2، ص 1367، ح 4085].
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ((يخرج في آخر أمتي المهدي، يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويُعطي المال صحاحاً، وتخرج الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانياً. يعني حججا))، رواه الحاكم في مستدركه وصححه، ووافقه الذهبي. [المستدرك على الصحيحين، ج4، ص601، ح 8673]، وقال عنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة: ((هذا سند صحيح رجاله ثقات)) [سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج2، ص328، ح711].
وعن ثوبان، أنه قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة، ثم لا يصير إلى واحد منهم، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق، فيقتلونكم قتلاً لم يقتله قوم ثم ذكر شيئاً لم أحفظه فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي”))، رواه البزار في مسنده، وقال: ((إنا اخترنا هذا الْحَدِيثَ لِصِحَّتِهِ وَجَلالَةِ ثَوْبَانَ وَإِسْنَادُهُ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ)) [مسند البزار، ج10، ص100]، ورواه الحاكم في المستدرك، وقال: “على شرط الشيخين”، ووافقه الذهبي. [المستدرك على الصحيحين، ج4، ص510، ح 8432]، وقال ابن كثير: ((هذا إسناد قوي صحيح)) [البداية والنهاية، ج19، ص62].
قال ابن كثير: ((والمقصود أن المهدي الممدوح الموعود بوجوده في آخر الزمان يكون أصل ظهوره وخروجه من ناحية المشرق، ويبايع له عند البيت، كما دل على ذلك بعض الأحاديث)) [المصدر نفسه].
وقال أيضاً: ((والمراد بالكنز المذكور في هذا السياق كنز الكعبة، يقتل عنده ليأخذوه ثلاثة من أولاد الخلفاء، حتى يكون آخر الزمان، فيخرج المهدي، ويكون ظهوره من بلاد المشرق)) [المصدر نفسه].
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم” رواه البخاري ومسلم. [صحيح البخاري، ج4، ص168؛ صحيح مسلم، ج1، ص136].
فهذا غيض من فيض ما ورد في ذكر المهدي وخروجه آخر الزمان، وأن أحاديثه بلغت حد التواتر كما صرح بذلك جماعة من علماء أهل السنة، قال السفاريني في لوامع الأنوار البهية: ((وقد كثرت بخروجه الروايات، حتى بلغت حد التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء السنة، حتى عُدّ من معتقداتهم)) إلى أن قال: ((وقد روي عمن ذُكر من الصحابة وغير من ذُكر منهم رضي الله عنهم، بروايات متعددة، وعن التابعين من بعدهم، ما يفيد مجموعه العلم القطعي، فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرر عند أهل العلم، ومدون في عقائد أهل السنة والجماعة)) [لوامع الأنوار البهية، ج2، ص84].
وقال الشوكاني في كتابه “التوضيح في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر والدجال والمسيح”: ((والأحاديث في تواتر ما جاء في المهدي المنتظر، التي أمكن الوقوف عليها، منها خمسون حديثاً، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما هو دونها في جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول…)) [نقلاً عن: العرف الوردي في أخبار المهدي، للسيوطي، ص43].
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.