تفاصيل المنشور
- المستشكل - أيمن العاني
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 14 مشاهدة
تفاصيل المنشور
من هم أئمة الاثني عشرية الذين سُمُّوا عليهم؟ ولماذا يعرفونهم هم فقط، ولم نسمع عنهم في التاريخ أو السيرة؟ وكيف يكونون حجة علينا، ويُطالَبوننا باتباعهم؟
المستشكل
أيمن العاني
من هم أئمة الاثني عشرية الذين سُمُّوا عليهم؟ ولماذا يعرفونهم هم فقط، ولم نسمع عنهم في التاريخ أو السيرة؟ وكيف يكونون حجة علينا، ويُطالَبوننا باتباعهم؟
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..
عدم معرفتك بشيءٍ محدد لا يعني بالضرورة عدمَ صلاحيته، فقد يكون الإنسان غير ملمٍّ بالعديد من الأمور، ولكن ذلك لا يعني أنه يمكنه الاستنتاج بنحو صحيح حول وجود هذه الأمور أو جدواها استنادًا إلى جهله.
وعلى مثل مسألتك هذه يجيب الحافظ شمس الدين الذهبي بنحوٍ صريح، فيقول في كتابه “سِيَر أعلام النبلاء” ما نصه: ((فمولانا الإمام عليّ: من الخلفاء الراشدين، المشهود لهم بالجنة – رضي الله عنه – نحبه أشدّ الحب، وابناه الحسن والحسين: فسبطا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسيدا شباب أهل الجنة، لو استخلفا لكانا أهلًا لذلك.
وزين العابدين: كبير القدر، من سادة العلماء العاملين، يصلح للإمامة.
وكذلك ابنه أبو جعفر الباقر: سيد، إمام، فقيه، يصلح للخلافة.
وكذا ولده جعفر الصادق: كبير الشأن، من أئمة العلم، كان أولى بالأمر من أبي جعفر المنصور.
وكان ولده موسى: كبير القدر، جيد العلم، أولى بالخلافة من هارون، وله نظراء في الشرف والفضل.
وابنه علي بن موسى الرضا: كبير الشأن، له علمٌ وبيان، ووقع في النفوس، صيّره المأمون ولي عهده لجلالته، فتوفي سنة ثلاث ومائتين.
وابنه محمد الجواد: من سادة قومه، لم يبلغ رتبة آبائه في العلم والفقه.
وكذلك ولده الملقب بالهادي: شريف جليل.
وكذلك ابنه الحسن بن علي العسكري – رحمهم الله تعالى -)).
وأما الإمام المهدي المنتظر، فقال عنه:
((الشريف، أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري ابن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضي بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين بن علي بن الحسين الشهيد ابن الإمام علي بن أبي طالب العلوي الحسيني . خاتمة الاثني عشر سيدًا)) [يُنظر: سير أعلام النبلاء، ج10، ص282 – 283، ط. الحديث].
وأما قولك: (كيف يكونون حجة علينا، ويُطالبوننا باتباعهم؟)
فجوابه: أن أهل البيت (عليهم السلام) هم حجج الله على خلقه؛ لِما ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال في حقّهم: ((إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله، حبلٌ ممدود ما بين الأرض والسماء، وعترتي أهل بيتي، وأنهما لن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض)) [صحيح الجامع الصغير، للألباني، ج1، ص482].
وورد بلفظ: ((إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر: كتاب الله، حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)) [مختصر صحيح الجامع الصغير، للسيوطي والألباني، رقم الحديث: 1726 – 2458].
فقد قَرَنَ هذا الحديث أهل البيت بالكتاب الّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وجعل التمسّك بهما معًا عاصمًا من الضلالة، وأخبر بتلازم أهل البيت والكتاب وعدم افتراقهما إلى يوم القيامة.
فإذا كان التمسّك بالقرآن – الّذي هو حجّةُ الله على خلقه – هو الأخذ بتعاليمه وأحكامه، فكذلك يكون التمسّك بمَن جُعلوا عِدلًا له وقرناء، وهذا معناه أنهم: “حجج الله”.
قال الدهلوي في “التحفة الاثنا عشرية”: ((هذا الحديث – أي: حديث الثقلين- ثابت عند الفريقين: أهل السنّة والشيعة، وقد علم منه أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرنا في المقدّمات الدينية والأحكام الشرعية بالتمسّك بهذين العظيمي القدر، والرجوع إليهما في كلّ أمر، فمن كان مذهبه مخالفًا لهما في الأُمور الشرعية اعتقادًا وعملًا فهو ضالٌّ، ومذهبه باطلٌ لا يُعبأ به، ومن جحد بهما غوى، ووقع في مهاوي الردى)) [مختصر التحفة الاثني عشرية، ص52، تـ. محب الدين الخطيب، ط. السلفية، القاهرة].
وقال التفتازاني بعد أن ذكر الحديث: ((أ لا يُرى أنّه صلى الله عليه وسلم قرنهم بكتاب الله تعالى في كون التمسّك بهما منقذًا عن الضلالة، ولا معنى للتمسّك بالكتاب إلا الأخذ به بما فيه من العلم والهداية، فكذا في العترة)) [شرح المقاصد، ج3، ص529].
وقد ورد ذكر أهل البيت (عليهم السلام) كونهم حججَ الله في أحاديث صريحة، روتها بعض كتب أهل السُّنة، نذكر منها:
1 – قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أنا وهذا – يعني عليًّا- حجّةٌ على أُمّتي يوم القيامة)) [كنز العمال، ج11، ص620؛ وتاريخ مدينة دمشق، ج42، ص309؛ وسبل الهدى والرشاد، ج11، ص292].
2 – قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أنا وعليٌّ حجّة الله على عباده)) [تاريخ مدينة دمشق، ج42، ص309؛ وذيل تاريخ بغداد، ج4، ص66، وفيه: “أنا وأنت حجّة الله تعالى على خلقه يوم القيامة”].
3 – أخرج الطبري الشافعي في كتابيه “ذخائر العقبى” و “الرياض النضرة” عن أنس بن مالك، أنّه قال: ((كنتُ عند النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فرأى عليًّا مقبلًا، فقال: يا أنس! قلتُ: لبيك. قال: هذا المقبِل حجّتي على أُمّتي يوم القيامة)) [الرياض النضرة، ج3، ص159؛ ذخائر العقبى، ص77؛ جواهر المطالب، ص193].
4 – ما رواه الخوارزمي الحنفي في كتابه “مقتل الحسين” أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال للحسين (عليه السلام): ((أنت حجّةٌ ابن حجّة أخو حجّة أبو حججٍ تسعة، تاسعهم قائمهم)) [مقتل الحسين، ص145 – 146].
وفي كون أئمة أهل البيت (عليهم السلام) هم حجج الله على خلقه، يَنقل ابن كثير في كتابه ”البداية والنهاية” عن يحيى بن سلامة الشافعي الحصفكي – من أئمّة الفقه والأدب – قوله:
وسائلي عن حبّ أهل البيت هل … أُقرُّ إعلانًا به أم أجحدُ؟!
هيهات! ممزوجٌ بلحمي ودمي … حبّهُمُ وهو الهدى والرَّشَدُ
حيدرةٌ والحسنان بعده … ثمّ عليٌّ وابنه محمّدُ
وجعفرُ الصادق وابنُ جعفر … موسى ويتلوه عليّ السيّدُ
أعني الرضا ثمّ ابنه محمّد … ثمّ عليٌّ وابنه المسدَّدُ
والحسن الثاني ويتلو تِلْوه … محمّد بن الحسن المفتقدُ
أئمّةٌ أكرِمْ بهم أئمّةً … أسماؤهم مسرودةٌ تطَّردُ
هم حجج الله على عباده … وهم إليه منهجٌ ومقصدُ. [البداية والنهاية، ج12، ص298].
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.