مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

الإمامُ زينُ العابدينِ يَرُدُّ التَّجسيمَ بكلمةٍ واحدةٍ

تفاصيل المنشور

السؤال

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، ‏قَالَ :رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليهما السلام قَاعِداً وَاضِعاً إِحْدى رِجْلَيْهِ عَلى فَخِذِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ ‏النَّاسَ يَكْرَهُونَ هذِهِ الْجِلْسَةَ وَ يَقُولُونَ: إِنَّهَا جِلْسَةُ الرَّبِّ ، فَقَالَ : «إِنِّي إِنَّمَا جَلَسْتُ هذِهِ الْجِلْسَةَ ‏لِلْمَلَالَةِ، وَ الرَّبُّ لَا يَمَلُّ، وَ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لَا نَوْمٌ». ‏
‏١-هذا الحديث يحتج به المخالفين لأهل البيت عليهم السلام ويقولون ان الشيعة يقولون ان ‏الرب يجلس كيف نرد على هذا الاشكال؟
‏٢- من خلال الرواية نعرف ان هذا القول (فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ هذِهِ الْجِلْسَةَ وَ يَقُولُونَ: إِنَّهَا ‏جِلْسَةُ الرَّبِّ) من هم المقصودون هنا بالناس هل هم المخالفين لأهل البيت عليهم السلام؟
‏٣-هل هذا الحديث كامل ام له تكمله توضحه اكثر؟ وشكرا ً جزيلا ً لكم.‏

السائل

Amiri Ali

تفاصيل المنشور

السؤال

عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، ‏قَالَ :رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليهما السلام قَاعِداً وَاضِعاً إِحْدى رِجْلَيْهِ عَلى فَخِذِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ ‏النَّاسَ يَكْرَهُونَ هذِهِ الْجِلْسَةَ وَ يَقُولُونَ: إِنَّهَا جِلْسَةُ الرَّبِّ ، فَقَالَ : «إِنِّي إِنَّمَا جَلَسْتُ هذِهِ الْجِلْسَةَ ‏لِلْمَلَالَةِ، وَ الرَّبُّ لَا يَمَلُّ، وَ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لَا نَوْمٌ». ‏
‏١-هذا الحديث يحتج به المخالفين لأهل البيت عليهم السلام ويقولون ان الشيعة يقولون ان ‏الرب يجلس كيف نرد على هذا الاشكال؟
‏٢- من خلال الرواية نعرف ان هذا القول (فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ هذِهِ الْجِلْسَةَ وَ يَقُولُونَ: إِنَّهَا ‏جِلْسَةُ الرَّبِّ) من هم المقصودون هنا بالناس هل هم المخالفين لأهل البيت عليهم السلام؟
‏٣-هل هذا الحديث كامل ام له تكمله توضحه اكثر؟ وشكرا ً جزيلا ً لكم.‏

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم
والحمدُ للهِ وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمدٍ وآله الطاهرين مصابيحِ الظلام وهداةِ ‏الأنام.‏
إنّ الرواية المنقولة عن أبي حمزة الثمالي في رؤيته الإمامَ زين العابدين (عليه السلام) جالسًا ‏على هيئةٍ درج بعضُ الناس على استقباحها وسمّوها في ألسنتهم (جلسةَ الربّ) إنما سيقت ‏لإبطال هذا القول أو اللّفظ الفاسد وتنزيهِ الباري سبحانه عن أوهام المشبِّهة.. وقد جاء جوابُ ‏الإمام (عليه السلام) قاطعًا: (إنّما جلستُ هذه الجلسةَ للملالة، والرّبّ لا يملّ، ولا تأخذُه سِنةٌ ولا ‏نوم)، تقريرًا لقاعدةٍ عقليةٍ ونصّية، بأنّ عوارضَ النقص من تعبٍ ومللٍ ونُعاسٍ هي صفات ‏مخلوقٍ مُحدَث، أمّا اللهُ جلّ شأنُه فهو الحيُّ القيّوم الذي {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}، فلا يلحقه مللٌ ‏ولا فتور، ولا تُتصوَّرُ في حقّه هيئةُ بدنٍ أو عارضُ جسم.‏
وعلى هذا المنهج جرت نصوصُ أئمّةِ أهل البيت (عليهم السلام)، كما في روايةِ أخرى عن ‏حمّاد بنِ عثمان، أنه قال: ‏((جلس أبو عبد اللَّه عليه السلام متورّكاً رجله اليمني على فخذه ‏اليسرى، فقال له رجل: جعلت ‏فداك هذه جلسة مكروهة. فقال: لا، إنّما هو شيء قالته اليهود لما ‏أن فرغ اللَّه عزّ وجلّ من خلق ‏السماوات والأرض واستوى على العرش جلس هذه الجلسة ‏ليستريح. فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: {‏اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}. وبقى أبو ‏عبد اللَّه عليه السلام متورّكاً كما ‏هو)).‏. ‏
وفيه كشفُ جذور تلك المقالة وأنّ أصلَها من بقايا عقائد اليهود التي تسلّلت إلى بعض المسلمين، ‏فأبطلها الأئمّةُ (عليهم السلام) بالتنزيهِ المحض.‏
ومن نظر في بعض مصادر القوم وجد أصولَ هذا المعنى ظاهرةً، منها: ما أخرجه البيهقي في ‏‏«الأسماء والصفات»: عن قتادةَ بنِ النعمان أنّ رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) قال: ‏((‏إن ‏الله ‏عز وجل ‌لما ‌قضى ‌خلقه ‌استلقى ثم وضع ‏إحدى رجليه على الأخرى، ثم قال: لا ينبغي ‏لأحد ‏من ‏خلقي أن يفعل هذا. قال أبو سعيد: لا جرم ‏لا أفعله أبدا)). [الأسماء والصفات، ‏للبيهقي، ‏ج2، ‏ص199].

وما قرّره علماءُ نجد في “الدرر السنيّة في الأجوبة النجدية” في إثباتهم الأطيطَ ونحوَه لله تعالى، ‏حيث جاء: ‏((وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال للرجل، الذي قال له: إنا نستشفع بك على ‏الله، وبالله ‏عليك; قال: “الله أكبر، الله أكبر، إن شأن الله أعظم من ذلك، ويحك! أتدري ما الله؟! ‏إنه على ‏عرشه – وأشار بيده كالقبة – وإنه ليئط به ‌أطيط ‌الرحل الجديد براكبه”، وهذا الحديث ‏لا ‏يستطيع سماعه الجهمي، ولا يؤمن به إلا أهل السنة والجماعة)) [الدرر السنية في ‏الأجوبة ‏النجدية، لعلماء نجد، ج3، ص300]‏.
فهذه الشواهد تُبيّن أنّ المرادَ بقول الراوي: (إنّ الناس يكرهون هذه الجلسة ويقولون إنها جلسةُ ‏الربّ) هم المخالفون الذين سرت إليهم رواسبُ التشبيه والتجسيم. ‏
وعليه، فالرواية حجّةٌ لنا لا علينا؛ إذ هي في صميمِ خطّ الإماميّة في تنزيهِ الخالق تبارك وتعالى ‏عن صفات الأجسام وأعراض الممكنات، وإبطالِ المقولات الباطلة كـ (جلسةِ الربّ) ونحوِها، ‏موافقةً للقرآن الكريم والعقلِ القطعي.‏
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين ‏المعصومين المنتجَبين.‏