تفاصيل المنشور
- السائل - Amiri Ali
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 47 مشاهدة
تفاصيل المنشور
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ :رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليهما السلام قَاعِداً وَاضِعاً إِحْدى رِجْلَيْهِ عَلى فَخِذِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ هذِهِ الْجِلْسَةَ وَ يَقُولُونَ: إِنَّهَا جِلْسَةُ الرَّبِّ ، فَقَالَ : «إِنِّي إِنَّمَا جَلَسْتُ هذِهِ الْجِلْسَةَ لِلْمَلَالَةِ، وَ الرَّبُّ لَا يَمَلُّ، وَ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لَا نَوْمٌ».
١-هذا الحديث يحتج به المخالفين لأهل البيت عليهم السلام ويقولون ان الشيعة يقولون ان الرب يجلس كيف نرد على هذا الاشكال؟
٢- من خلال الرواية نعرف ان هذا القول (فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ هذِهِ الْجِلْسَةَ وَ يَقُولُونَ: إِنَّهَا جِلْسَةُ الرَّبِّ) من هم المقصودون هنا بالناس هل هم المخالفين لأهل البيت عليهم السلام؟
٣-هل هذا الحديث كامل ام له تكمله توضحه اكثر؟ وشكرا ً جزيلا ً لكم.
السائل
Amiri Ali
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ، عَمَّنْ ذَكَرَهُ، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الثُّمَالِيِّ، قَالَ :رَأَيْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ عليهما السلام قَاعِداً وَاضِعاً إِحْدى رِجْلَيْهِ عَلى فَخِذِهِ، فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ هذِهِ الْجِلْسَةَ وَ يَقُولُونَ: إِنَّهَا جِلْسَةُ الرَّبِّ ، فَقَالَ : «إِنِّي إِنَّمَا جَلَسْتُ هذِهِ الْجِلْسَةَ لِلْمَلَالَةِ، وَ الرَّبُّ لَا يَمَلُّ، وَ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَ لَا نَوْمٌ».
١-هذا الحديث يحتج به المخالفين لأهل البيت عليهم السلام ويقولون ان الشيعة يقولون ان الرب يجلس كيف نرد على هذا الاشكال؟
٢- من خلال الرواية نعرف ان هذا القول (فَقُلْتُ: إِنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَ هذِهِ الْجِلْسَةَ وَ يَقُولُونَ: إِنَّهَا جِلْسَةُ الرَّبِّ) من هم المقصودون هنا بالناس هل هم المخالفين لأهل البيت عليهم السلام؟
٣-هل هذا الحديث كامل ام له تكمله توضحه اكثر؟ وشكرا ً جزيلا ً لكم.
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم
والحمدُ للهِ وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمدٍ وآله الطاهرين مصابيحِ الظلام وهداةِ الأنام.
إنّ الرواية المنقولة عن أبي حمزة الثمالي في رؤيته الإمامَ زين العابدين (عليه السلام) جالسًا على هيئةٍ درج بعضُ الناس على استقباحها وسمّوها في ألسنتهم (جلسةَ الربّ) إنما سيقت لإبطال هذا القول أو اللّفظ الفاسد وتنزيهِ الباري سبحانه عن أوهام المشبِّهة.. وقد جاء جوابُ الإمام (عليه السلام) قاطعًا: (إنّما جلستُ هذه الجلسةَ للملالة، والرّبّ لا يملّ، ولا تأخذُه سِنةٌ ولا نوم)، تقريرًا لقاعدةٍ عقليةٍ ونصّية، بأنّ عوارضَ النقص من تعبٍ ومللٍ ونُعاسٍ هي صفات مخلوقٍ مُحدَث، أمّا اللهُ جلّ شأنُه فهو الحيُّ القيّوم الذي {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}، فلا يلحقه مللٌ ولا فتور، ولا تُتصوَّرُ في حقّه هيئةُ بدنٍ أو عارضُ جسم.
وعلى هذا المنهج جرت نصوصُ أئمّةِ أهل البيت (عليهم السلام)، كما في روايةِ أخرى عن حمّاد بنِ عثمان، أنه قال: ((جلس أبو عبد اللَّه عليه السلام متورّكاً رجله اليمني على فخذه اليسرى، فقال له رجل: جعلت فداك هذه جلسة مكروهة. فقال: لا، إنّما هو شيء قالته اليهود لما أن فرغ اللَّه عزّ وجلّ من خلق السماوات والأرض واستوى على العرش جلس هذه الجلسة ليستريح. فأنزل اللَّه عزّ وجلّ: {اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}. وبقى أبو عبد اللَّه عليه السلام متورّكاً كما هو))..
وفيه كشفُ جذور تلك المقالة وأنّ أصلَها من بقايا عقائد اليهود التي تسلّلت إلى بعض المسلمين، فأبطلها الأئمّةُ (عليهم السلام) بالتنزيهِ المحض.
ومن نظر في بعض مصادر القوم وجد أصولَ هذا المعنى ظاهرةً، منها: ما أخرجه البيهقي في «الأسماء والصفات»: عن قتادةَ بنِ النعمان أنّ رسولَ الله (صلّى الله عليه وآله) قال: ((إن الله عز وجل لما قضى خلقه استلقى ثم وضع إحدى رجليه على الأخرى، ثم قال: لا ينبغي لأحد من خلقي أن يفعل هذا. قال أبو سعيد: لا جرم لا أفعله أبدا)). [الأسماء والصفات، للبيهقي، ج2، ص199].
وما قرّره علماءُ نجد في “الدرر السنيّة في الأجوبة النجدية” في إثباتهم الأطيطَ ونحوَه لله تعالى، حيث جاء: ((وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال للرجل، الذي قال له: إنا نستشفع بك على الله، وبالله عليك; قال: “الله أكبر، الله أكبر، إن شأن الله أعظم من ذلك، ويحك! أتدري ما الله؟! إنه على عرشه – وأشار بيده كالقبة – وإنه ليئط به أطيط الرحل الجديد براكبه”، وهذا الحديث لا يستطيع سماعه الجهمي، ولا يؤمن به إلا أهل السنة والجماعة)) [الدرر السنية في الأجوبة النجدية، لعلماء نجد، ج3، ص300].
فهذه الشواهد تُبيّن أنّ المرادَ بقول الراوي: (إنّ الناس يكرهون هذه الجلسة ويقولون إنها جلسةُ الربّ) هم المخالفون الذين سرت إليهم رواسبُ التشبيه والتجسيم.
وعليه، فالرواية حجّةٌ لنا لا علينا؛ إذ هي في صميمِ خطّ الإماميّة في تنزيهِ الخالق تبارك وتعالى عن صفات الأجسام وأعراض الممكنات، وإبطالِ المقولات الباطلة كـ (جلسةِ الربّ) ونحوِها، موافقةً للقرآن الكريم والعقلِ القطعي.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.