مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

الإرجاع إلى الأفقه والأعلم لا إلى الأصدق في النقل

تفاصيل المنشور

الاشكال

مَنْ قال إنّ الأئمة (عليهم السلام) أرجعوا شيعتهم إلى الأصحاب بعنوان أنهم فقهاء يأخذون الأحكام منهم، فقد يكون إرجاعهم إليهم بعنوان أنهم رواة لأحاديثهم (عليهم السلام)، وبالتالي لا تثبت هذه الروايات جواز التقليد للفقهاء والأخذ بأقوالهم؟

المستشكل

كريم السوداني

تفاصيل المنشور

الاشكال

مَنْ قال إنّ الأئمة (عليهم السلام) أرجعوا شيعتهم إلى الأصحاب بعنوان أنهم فقهاء يأخذون الأحكام منهم، فقد يكون إرجاعهم إليهم بعنوان أنهم رواة لأحاديثهم (عليهم السلام)، وبالتالي لا تثبت هذه الروايات جواز التقليد للفقهاء والأخذ بأقوالهم؟

بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
إنّ كلام الإمام الصادق (عليه السلام) في معتبرة داود بن الحصين واضح إذْ هو إرجاع لمن هو أفقه وأعلم، حيث قال الإمام (عليه السلام): ((ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا))، ولم يقل (عليه السلام): ينظر إلى مَنْ هو أصدق في نقله عنا، حتى يكون المدار على الرواية هنا دون الفقه والاستنباط.
وعند مراجعة الروايات تجد بأنّ الأئمة (عليهم السلام) قد علّموا أصحابهم أصول الاستنباط، ولم يكتفوا بإعطائهم الروايات فقط، ومن هنا تجد أنّ هذا الإرجاع لبعض الأصحاب دون غيرهم إنما هو بعنوان أنهم فقهاء يفتون الشيعة على وفق الموازين والضوابط التي وضعها لهم أئمة اهل البيت (عليهم السلام) لا بعنوان أنهم رواة فقط، ومن هذه الروايات التي يستفاد منها هذا المعنى:
1ـ تعليم الأئمة (عليهم السلام) لأصحابهم القواعد الكلية: روى ابن إدريس في مستطرفات السرائر: نقلاً عن كتاب هشام بن سالم عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: ((إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرّعوا)). [مستطرفات السرائر، ص57].
ونحوه جاء في كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الإمام الرضا (عليه السلام) قوله: ((علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع)). [المصدر السابق، ص58].
وكذلك ما ورد في الفقيه للشيخ الصدوق (قده) عن إسحاق بن عمار قال: قال لي أبو الحسن الأول (عليه السلام): ((إذا شككت فابنِ على اليقين. قال: قلت: هذا أصلٌ؟ قال: نعم)). [من لا يحضره الفقيه، ج1، ص351].
2ـ تعليمهم معاريض كلامهم (عليهم السلام) حتى يكونوا فقهاء: روى الصدوق بسنده عن إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنه قال: ((حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه، ولا يكون الرجل منكم فقيهاً حتى يعرف معاريض كلامنا)). [معاني الأخبار، ص2].
3ـ تعريفهم بكيفية علاج الأخبار المتعارضة بعرضها على كتاب الله والأخذ بالموافق للكتاب والمخالف للعامة، كما هو التفصيل المذكور في مقبولة عمر بن حنظلة المشهورة.
4ـ تعليمهم طريقة الاستنباط من خلال التطبيق: ففي رواية أنّ زرارة بن أعين سأل الأمام الباقر (عليه السلام): ((من أين علمت أنّ المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك الإمام (عليه السلام) وأجابه: عرفته من كتاب الله، فعندما قال الله عزّ وجل:” فاغسلوا وجوهكم” عرفنا أنّ الوجه كله ينبغي أن يُغسَلَ، وعندما قال: برؤوسكم ” عرفنا أنّ المسح ببعض الرأس، لمحلّ الباء)). [انظر الرواية بتمامها في وسائل الشيعة، ج1، ص291، ح1].
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.