مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

استحالة رؤية الله تعالى في الدنيا والآخرة

تفاصيل المنشور

الاشكال

نتعرض بين الحين والآخر لسؤال: لماذا لا نرى الله في الدنيا أو في الآخرة؟ وهذا السؤال عادة يطرحه الملحدون، فهم يطالبون برؤية الله سبحانه وأظن الأمر له علاقة بمسألة الوجود على قاعدة كل مشهود موجود وكل موجود مشهود.

المستشكل

نور اليقين

تفاصيل المنشور

الاشكال

نتعرض بين الحين والآخر لسؤال: لماذا لا نرى الله في الدنيا أو في الآخرة؟ وهذا السؤال عادة يطرحه الملحدون، فهم يطالبون برؤية الله سبحانه وأظن الأمر له علاقة بمسألة الوجود على قاعدة كل مشهود موجود وكل موجود مشهود.

بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
إن الرؤية الحسية محال ولا تجوز في حق الله تعالى وذلك لأنها تستلزم أن يكون المرئي جسماً له كثافة ولون حتى تتم الرؤية، فمن مستلزمات الرؤية أن يكون المرئي جسماً تنعكس منه الأشعة، وأن يكون في مقابل الرائي، وأن تكون هناك مسافة بين الرائي والمرئي بالإضافة إلى سلامة الحاسة، وبهذه الشروط يكون الله ـ والعياذ بالله ـ جسماً له لون ويكون محدوداً بمكان وجهة وهذا محال. وقد جاء هذا الدليل في روايات أهل البيت (عليهم السلام)، كتب أحمد بن إسحاق إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام يسأله عن الرؤية وما فيه الناس، فكتب عليه السلام: ((لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواء ينفذه البصر، فإذا انقطع الهواء وعدم الضياء بين الرائي والمرئي لم تصح الرؤية وكان في ذلك الاشتباه، لأن الرائي من ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان في ذلك التشبيه، لان الأسباب لابد من اتصالها بالمسببات)) [التوحيد للصدوق، ص 108].
إذن فرؤية الله أمر مستحيل تحققه في الدنيا والاخرة؛ لأن الرؤية تتعلق بعالم الشهود والمادة والله سبحانه ليس جزء من خلقه، فكل شيء تصح رؤيته فهو مخلوق مربوب، والله سبحانه وتعالى منزه أن يكون مثل خلقه، قال تعالى: {لَّا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ ۖ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [البقرة:103].
والمطالبة برؤية الله كدليل حصري لأثبات وجوده كما هو حال الملاحدة الماديين، مطالبة تتجاوز كل الشروط المعهودة عند العقلاء في تحصيل العلم والمعرفة؛ لأن الوجود ليس محصورا في المبصرات والمحسوسات، وكثير من الحقائق التي يعترف الإنسان بوجودها ومع ذلك لا يدرك وجودها بحواسه، مثل القيم والمبادي والأفكار والعقائد وغير ذلك، كما أن أدوات المعرفة ليست محصورة أيضاً في الحواس وإنما لكل موضوع ما يناسبه من أدوات معرفية، والعقل الإنساني هو المسؤول عن تحصيل العلم سواء كان ذلك العلم بواسطة الحواس أو بواسطة البرهان والاستدلال، فالبرهنة والاستدلال والاستنباط أوسع من أن تحصر في الحواس الخمسة، فالعقل يستعين بالحواس للكشف عن ما هو حسي أما ما ليس بحسي فإن العقل يتعرف عليه من خلال القواعد المعمول بها في التفكير والاستنباط، وقد فُصل هذا الامر في البحوث المتعلقة بنظرية المعرفة.
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.