السائل
ابو زهراء المطوري – العراق
السائل
ابو زهراء المطوري – العراق
قرأت لبعض الكتّاب على مواقع التواصل الاحتماعي – وهو من شيوخ الوهابية – حول مسألة لعن يزيد فوجدته يبدي امتعاضه ممن يلعن يزيد، ويقول: الذي يستحق اللعن هو الفاسق الذي توفرت فيه الصفات الملعونة ولكن بطريقة جامعة لا على وجه التحديد.. ارجو من حضراتكم الرد على الكلام وشكرا لكم.
الأخ أبو زهراء المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هؤلاء أناس توقفوا في لعن الشيطان فكيف لا يتوقفون في لعن يزيد بن معاوية (عليهم لعائن الله)، ودونك ما قالوه عن حكم لعنه:
قال ابن عثيمين لمّا سُئل عن حكم لعن الشيطان: ((لا يجوز)) [لاحظ: ثمرات التدوين من مسائل ابن عثمين، ص129].
وقال الألباني في شرحه لكتاب “الأدب المفرد “: ((فما ينبغي أن يُلعن الشيطان)) [تحت باب اللعان برقم 146 لعن الشيطان، والترقيم لهذا الباب كما هو في التفريغ].
وأجابت لجنة الإفتاء التي تضم كل من: بكر أبو زيد، وصالح الفوزان، وعبد الله بن غديان، وعبد العزيز آل الشيخ، وعبد العزيز بن عبد الله بن باز، عن حكم لعن الشيطان: ((ينبغي للإنسان أن لا يجعل لعن الشيطان ديدنه بدون سبب)) [موسوعة الفتاوى الشاملة، تحت عنوان: لعن الشيطان].
وقول الكاتب: (الذي يستحق اللعن هو الفاسق الذي توفرت فيه الصفات الملعونة ولكن بطريقة جامعة لا على وجه التحديد). يجاب عنه بالآتي:
أولاً: إنّ القول بجواز لعن الفاسق على وجه التحديد والتعيين هو قول أغلب علماء أهل السنّة، فقد قال به بعض الأحناف [انظر: المعتصر من المختصر، ج1، ص326؛ وحاشية ابن عابدين، ج5، ص49؛ والبحر الرائق ومنحة الخالق، ص4، ص197؛ وبريقة محمودية، ص3، ص196؛ وأحكام القرآن للعثماني، ج1، ص100].
وهو قول للشافعية [انظر: الإحياء، ج3، ص124؛ والأذكار للنووي، ص439؛ وفتح الباري، ج9، ص295؛ وحاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج، ج1، ص533].
ورواية عند الحنابلة [انظر: الآداب الشرعية، ج1، ص285؛ والفروع، ج6، ص118؛ والإنصاف ج10، ص250؛ وكشاف القناع، ج6، ص127].
ورواية عند ابن حزم [انظر: الفصل، ج3، ص90].
ثانياً: إنّ الصفات الملعونة قد توفرت وتوافرت في يزيد اللعين حتى بلغت إلى حدٍ لم تبلغ في غيره من الفسّاق والفجّار والظالمين، فقد قال الذهبي: ((كان ناصِبيّاً، فَظّاً، غليظاً، جِلْفاً. يتناولُ المُسْكِرَ، ويفعل المُنْكَر. افتتح دولته بمقْتَلِ الشهيد الحُسَين، واختتمها بواقعةِ الحَرَّة، فمقته الناسُ. ولم يُبارَك في عُمُره)). [سير أعلام النبلاء، ج4، ص37-38].
وجاء عنه – أيضاً – في تاريخ الإسلام قوله: ((إجتمعوا على عبد الله بن حنظلة وبايعهم على الموت، قال: ياقوم إتقوا الله فوالله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء، إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة)). [تاريخ الاسلام، للذهبي، ج2، ص356].
وجاء في كتاب جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ (عليه السلام)، لابن الدمشقي: ((وكان قد سئل عن يزيد بن معاوية ؟ فقدح فيه وشطح، وقال: لو مددت ببياض لمددت العنان في مخازي هذا الرجل، قال: فأما قول السلف فلأحمد ومالك وأبي حنيفة فيه قولان: تلويح وتصريح، ولنا قول واحد هو التصريح، وكيف لا وهو اللاعب بالنرد، والمتصيد بالفهود، ومدمن الخمر)). [جواهر المطالب في مناقب الإمام عليّ بن أبي طالب، لابن الدمشقي، ج2، ص301].
وقال الجاحظ: ((المنكرات التي إقترفها يزيد من قتل الحسين وحمله بنات رسول الله (صل الله عليه واله) سبايا، وقرعه ثنايا الحصين بالعود، وإخافته أهل المدينة، وهدم الكعبة، تدل على القسوة والغلظة، والنصب، وسوء الرأي، والحقد والبغضاء والنفاق والخروج، عن الإيمان، فالفاسق ملعون، ومن نهى عن شتم الملعون فملعون)). [الرساله الحادية عشر في بني امية، ص398].
وقال ابن كثير في البداية والنهاية: ((وقد روي أن يزيد كان قد إشتهر بالمعازف، وشرب الخمر، والغنا، والصيد، وإتخاذ الغلمان، والقيان، والكلاب، والنطاح بين الكباش، والدباب، والقرود، وما من يوم إلاّ يصبح فيه مخموراً، وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به، ويلبس القرد قلانس الذهب، وكذلك الغلمان، وكان يسابق بين الخيل، وكان إذا مات القرد حزن عليه)). [البداية والنهاية، ج11، ص659].
وقال الآلوسي: «لا توقُّفَ في لعن يزيدَ لِكَثْرَةِ أوصافه الخبيثة وارتكابِهِ الكبائر في جميعِ أيام تكليفهِ، ويكفي ما فعله أيامَ استيلائه بأهل المدينةِ ومكةَ، فقد روى الطبراني بسند حسن: “اللَّهمَّ مَنْ ظَلَم أهلَ المدينة وأخافهم فأَخِفه، وعليه لعنةُ الله والملائكة والناسِ أجمعين، لا يُقبل منه صَرْفٌ ولا عَدْل” والطامَّةُ الكبرى ما فعله بأهل البيت ورضاهُ بقتل الحسين على جدِّه وعليه الصلاة والسلام، واستبشاره بذلك، وإهانته لأهل بيته مما تواتر معناه وإنْ كانَتْ تفاصيلُه آحاداً، وفي الحديث: “ستَّةٌ لعنتهم – وفي رواية لعنهم اللهُ وكلُّ نبيٍّ مُجاب الدعوة -: المُحرِّف لكتاب الله – وفي رواية: الزائدُ في كتاب الله – والمُكذِّب بقَدَر الله، والمُتسلِّط بالجبروت لِيُعزَّ مَنْ أذلَّ الله ويُذِلَّ من أعزَّ الله، [والمستحلُّ لحرم الله] والمُستحلُّ من عِتْرتي، والتارك لِسُنَّتي)). في [روح المعاني ج25 ص198-199، تفسير الآية 23 من سورة محمد]
وقال الـشــوكــانــي: ((الخمِّير السكِّير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية)).[نيل الأوطار، ج13، ص469].
ودمتم سالمين