مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

أم المؤمنين عائشة وأسباب غضبها وسخطها على معاوية

تفاصيل المنشور

الاشكال

يستدل الرافضة بقول ابن خلكان: “ولما ماتت [عائشة] بكى عليها ابن عمر رضي الله عنه، فبلغ ذلك معاوية فقال له: أتبكي على امرأة؟ فقال: إنما يبكي على أم المؤمنين بنوها، وأما من ليس لها بابن فلا”. وحكموا على أم المؤمنين رضي الله عنها بأنها ماتت غاضبة على معاوية، وأنها ماتت وليس لها إمام!!! وهم يعلمون أنه كذب إذ بين موت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وولادة ابن خلكان رحمه الله مئات السنين، وأن ابن خلكان لم يذكر أي سند لهذا الأثر.

المستشكل

أيمن علاء

تفاصيل المنشور

الاشكال

يستدل الرافضة بقول ابن خلكان: “ولما ماتت [عائشة] بكى عليها ابن عمر رضي الله عنه، فبلغ ذلك معاوية فقال له: أتبكي على امرأة؟ فقال: إنما يبكي على أم المؤمنين بنوها، وأما من ليس لها بابن فلا”. وحكموا على أم المؤمنين رضي الله عنها بأنها ماتت غاضبة على معاوية، وأنها ماتت وليس لها إمام!!! وهم يعلمون أنه كذب إذ بين موت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وولادة ابن خلكان رحمه الله مئات السنين، وأن ابن خلكان لم يذكر أي سند لهذا الأثر.

بسمه تعالى
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله المطهرين..
مسألة غضب عائشة على معاوية، وأنها كانت تدعو عليه في صلاتها، مسالة مفروغ منها، ولا نحتاج لإثباتها إلى ما ذكره ابن خلكان.
وامتعاضك من قول ابن عمر لمعاوية: (إنما يبكي على أم المؤمنين بنوها، وأما من ليس لها بابن فلا)، الذي نقله ابن خلكان، لا مبرر له إلا الغلو والتعصب انتصارا لمعاوية، فها هي عائشة قد قالت لعمار ابن ياسر: (لست لك بأم)، فما تأثير قولها هذا على مقام ومنزلة عمار؟! لا شيء أبداً، فلماذا هذا التعصب والغلو غير المبرر بمثل معاوية؟!
فقد روى أحمد في مسنده، قال: ((جاء عمار ومعه الأشتر يستأذن على عائشة قال: يا أماه. فقالت: لست لك بأم. قال: بلى وإن كرهت. قالت: من هذا معك؟ قال: هذا الأشتر. قالت: أنت الذي أردت قتل ابن أختي؟ قال: قد أردت قتله وأراد قتلي)) [مسند أحمد بن حنبل، ج6، ص205].
وقال الحاكم في مستدركه: ((دخل عمار على عائشة يوم الجمل فقال: السلام عليك يا أماه. قالت: لست لك بأم: قال بلى إنك أمي وإن كرهت. قالت: من ذا الذي أسمع صوته معك؟ قال: الأشتر. قالت يا أشتر أنت الذي أردت أن تقتل ابن أختي؟ قال: لقد حرصت على قتله وحرص على قتلي فلم يقدر…))، قال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. [المستدرك على الصحيحين، ج4، ص353].
ولم تقف عائشة عند حدّ الغضب والدعاء على معاوية، بل تعدت ذلك إلى وصفه بالسلطان الفاجر، على ما رواه ابن كثير في “البداية والنهاية” عن الأسود بن يزيد، أنه قال: ((قلت لعائشة: ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب محمد في الخلافة؟، قالت: وما يعجب؟، هو سلطان الله يؤتيه البر والفاجر، وقد ملك فرعون مصر أربعمائة سنة…)) [البداية والنهاية، ج2، ص143].
وإن بحثت عن أسباب غضب عائشة على معاوية فستجد أنها كثيرة، نذكر لك منها:
1- قتله لأخيها محمد بن أبي بكر ووضعه في بطن حمار وحرقه: قال الضحاك في الآحاد والمثاني: ((أخبرنا ابن أبي عمر، أخبرنا عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، عن القاسم قال: قدم معاوية المدينة فاستأذن على عائشة فأذنت له وحده ولم يدخل معه أحد، فلما دخل قالت عائشة: أكنت تأمن أن أقعد لك رجلا فيقتلك كما قتلت أخي محمد بن أبي بكر؟ قال: ما كنت تفعلين ذلك. قالت: لم؟ قال: إني في بيت آمن. قالت: أجل)) [الآحاد والمثاني، ج1، ص475].
2- وروى الطبري في تاريخه: ((… فغضب معاوية (ابن حديج الناصبي) فقدمه فقتله ثم ألقاه في جيفة حمار ثم أحرقه بالنار فلما بلغ ذلك عائشة جزعت عليه جزعا شديدا وقنتت عليه في دبر الصلاة تدعو على معاوية وعمرو)) [تاريخ الطبري، ج4، ص79].
3- قتله حجر بن عدي راهب الصحابة وكبير عبادهم وصالحيهم. قال البلاذري في أنساب الأشراف: ((حدثني عبد الله بن صالح العجلي عن شريك قال: كتبت عائشة إلى معاوية في قتل حجر أو غير ذلك: أما بعد فلا يغرنك يا معاوية حلم الله عنك فيزيدك ذلك استدراجا، فإنه بالمرصاد، وإنما يعجل من يخاف الفوت)) [أنساب الأشراف، ج5، ص41].
4- وأخرج الحاكم في المستدرك عن مروان بن الحكم قال: ((دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: يا معاوية قتلت حجرا وأصحابه وفعلت الذي فعلت وذكر الحكاية بطولها)) [المستدرك على الصحيحين، ج3، ص470].
وذكره في [ج4، ص353]: عن مروان بن الحكم قال: ((دخلت مع معاوية على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقالت: يا معاوية قتلت حجرا وأصحابه وفعلت الذي فعلت (وتقصد قتله أخاها وحرقه) ما تخشى أن أخبئ لك رجلا فيقتلك؟ قال: لا، إني في بيت أمان سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الإيمان قيد الفتك، لا يفتك مؤمن)).
وما تقدم يثبت لك وللقارئ الكريم أن مسألة غضب عائشة على معاوية والدعاء عليه، مسالة مفروغ منها، وإثباتها غير منحصر بما ذكره ابن خلكان على ما بيناه آنفاً، وامتعاضك انتصاراً لمعاوية لابد وأن يكون كذلك لعمار بن ياسر لجلالة قدره وعلو مقامه، وإلا فهو تعصب وغلو في معاوية، رغم أن نفي – عائشة – أمومتها عن أحد من المؤمنين لا يضر ولا يؤثر، فما أضر عمار بن ياسر عندما قالت له: (لست لك بأم).
والحمد لله أوّلا وآخراً، وصلّى الله وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.