مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

أدلة تحريم الغناء من الكتاب والسنّة وإجماع المسلمين

تفاصيل المنشور

الاشكال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما الدليل على تحريم الأغاني ؟ وهل يوجد نوع من الأغاني حلال ؟ ما علّة التحريم ؟

المستشكل

عبد الحميد صالح

تفاصيل المنشور

الاشكال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ما الدليل على تحريم الأغاني ؟ وهل يوجد نوع من الأغاني حلال ؟ ما علّة التحريم ؟

اتمنى أن يكون جوابًا شاملًا ومقنعًا يتضمن آيات وأحاديثاً إن وجدت وكذلك قاعدة فقهية.

الأخ عباس المحترم ، عليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

موضوع تحريم الغناء ممّا تسالم عليه جميع المسلمين ، وقد تظافرت على التحريم أدلّة الكتاب والسنّة ، فمن القرآن الكريم نجد قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ) لقمان : 6.

بالنسبة للموروث الشيعي : روى الشيخ الكليني في ” الكافي ” :علِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيه عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ سَمِعْتُه يَقُولُ الْغِنَاءُ مِمَّا وَعَدَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ عَلَيْه النَّارَ وتَلَا هَذِه الآيَةَ : * ( ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ الله بِغَيْرِ عِلْمٍ ويَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ) ( الكافي 6: 431 ، باب الغناء ، الحديث 4).

قال المجلسي : الحديث حسن ، ويدلّ على أنّ الغناء من الكبائر ، قوله تعالى : « وَمِنَ النَّاسِ » قال الطبرسي ( ره ) : نزلت في النضر بن الحارث كان يتجرُ فيخرج إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم ، ويحدّث بها قريشاً ويقول لهم : إنّ محمداً يحدّثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا أحدّثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثهُ ويتركون استماع القرآن عن الكلبي .

وقيل نزلت في رجل اشترى جارية تغنيه ليلاً ونهاراً عن ابن عباس . وأكثر المفسّرين على أنّ المراد بلهوِ الحديث الغناء ، وهو قولُ ابن عباس وابن مسعود ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن الرضا عليهم السلام . ( مرآة العقول 22: 301)

ومن أهل السنّة : أورد الترمذي نزولها من حديث أبي أمامة أنّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تبيعوا القينات ولا تشتروهنّ ولا تعلموهنّ، ولا خير في تجارةٍ فيهن وثمنهن حرامٌ. في مثل ذلك أنزلت عليه هذه الآية: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ }لقمان:6. والحديث حسّنه الألباني وغيره، وأورده في السلسلة الصحيحة .

وفي ” المستدرك على الصحيحين ” للحاكم النيسابوري : ( حدّثنا ) أبو العباس محمّد بن يعقوب ثنا بكار بن قتيبة القاضي ثنا صفوان بن عيسى القاضي ثنا حميد الخراط عن عمار الدهني عن سعيد بن جبير عن أبي الصهباء عن ابن مسعود رضي الله عنه قال ومن الناس من يشترى لهو الحديث

ليضل عن سبيل الله قال هو والله الغناء هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه .انتهى

قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه .

قال الذهبي في التلخيص : صحيح ، حميد هو ابن زياد صالح الحديث . ( المستدرك على الصحيحين 2: 445)

وجاء في ” تحفة الأحوذي ” للمباركفوري : وأخرج ابن أبي شيبة بإسناد صحيح أنّ عبد الله سأل عن قوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال الغناء والذي لا إله غيره وأخرجه الحاكم وصححه والبيهقي كذا في التلخيص . (تحفة الأحوذي 4: 419)

وجاء في تفسير ابن كثير : أنّه سأل ابن مسعود عن قول الله : ( ومن النّاس من يشتري لهو الحديث ) قال الغناء وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول وعمرو بن شعيب وعلي بن نديمة . وقال الحسن البصري نزلت هذه الآية ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ) في الغناء والمزامير . ( تفسير القرآن العظيم ، لابن كثير ، ج3 ، ص 451)

ومن روايات أهل السنّة : مارواه البخاري : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) ( صحيح البخاري 6: 243).

وقد ردّ ابن الصلاح في مقدّمته ما أفاده ابن حزم في ردّ الحديث المذكور بالانقطاع ، قائلا : (( ولا

التفات إلى أبي محمد بن حزم الظاهري الحافظ في ردّ ما أخرجه البخاري من حديث أبي عامر وأبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكونن في أمتي أقوام يستحلّون الحرير والخمر والمعازف الحديث من جهة أن البخاري أورده قائلاً قال هشامُ بن عمار وساقه بإسناده فزعم ابن حزم أنّه منقطع فيما بين البخاري وهشام وجعله جواباً عن الاحتجاج به على تحريم المعازف وأخطأ في ذلك من وجوه والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح والبخاري قد يفعل مثل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسنداً متصلاً وقد يفعل ذلك لغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع )) . انتهى ( مقدّمة ابن الصلاح : 57 ، وانظر ايضا : فتح الباري 10: 45)

ومن أقوال الفقهاء ننقل الإجماع على منع الاستماع إلى المعازف والغناء :

جاء في ” الموسوعة الفقهية ” الصادرة عن وزارة الأوقاف الكويتية : حكم الاستماع للمزمار ونحوه من الآلات النفخية : ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى عدم جواز الاستماع للمزمار وغيره من آلات اللهو المحرّمة .

جاء في ” الزواجر ” [ لابن حجر الهيتمي الشافعي ] قال القرطبي : أمَّا َالمَزَامِير والكُوبَة فلا يُختَلف فِي تحريم سماعها ، ولم أسمعْ عن أحدٍ ممَّن يُعتَبر قوله من السلف ، وأئمَّة الخلف مَن يبيح ذلك ، وكيف لا يُحرَّم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ، ومهيج للشهوات والفساد والمجون ، وما كان كذلك لم يُشَكَّ فِي تحريمه ولا فِي تفسيق فاعله وتأثيمه . ( الموسوعة الفقهية 37 : 107)

وممّن حكى الإجماع ابن الصلاح ، قال في فتاواه : إنّ الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين، ولم يثبت عن أحد ممن يعتدُّ بقوله في الإجماع والاخلاف أنّه أباح هذا السماع… وهكذا لا يعتد بخلاف من خالف فيه من الظاهرية لتقاصرهم عن درجة الاجتهاد في أحكام الشريعة، فإذًا هذا السماع غير مباح بإجماع أهل الحل والعقد من المسلمين . ( فتاوى ابن الصلاح 2: 501) .

أمّا الشيعة الإمامية فهم متسالمون على تحريم الغناء :

قال السيد الخوئي (قدس سره ) في ” منهاج الصالحين ” ج2: ( مسألة 17 ) : الغناء حرام إذا وقع على وجه اللهو والباطل ، بمعنى أن تكون الكيفية كيفية لهوية ، والعبرة في ذلك بالصدق العرفي وكذا استماعه ولا فرق في حرمته بين وقوعه في قراءة ودعاء ورثاء وغيرها ويستثنى منه غناء النساء في الأعراس إذا لم يضم إليه محرم آخر من الضرب بالطبل والتكلم بالباطل ، ودخول الرجال على النساء وسماع أصواتهن على نحو يوجب تهييج الشهوة ، وإلّا حرم ذلك .انتهى

قال السيد السيستاني ( حفظه الله ) في ” منهاج الصالحين ” ج2 : مسألة 20 : الغناء حرام فعله واستماعه والتكسب به . انتهى

فموضوع حرمة الغناء كتابا وسنّة وإجماع فتاوى الفقهاء من جميع المذاهب الإسلامية أمر متسالم عليه .

وقد تسأل : هل كلّ الغناء محرّم ؟

الجواب : جاء في كتاب ( صراط النجاة ) المخصّص لاستفتاءات السيد الخوئي قدّس سرّه وتعليق الميرزا التبريزي قدّس سرّه : (( ذكرتم في المسألة 17 من المنهاج – ج 2 . . بأنّ الغناء حرام إذا وقع على وجه اللهو والباطل ، فهل يفهم من هذه العبارة وجود غناء حلال لا يقع على وجه اللهو والباطل حسب مفهوم الشرط في مسألتكم ؟

الخوئي : نعم ، فإنّ الغناء بحسب معناه اللغوي أعمّ من ذلك ، فيشمل كلّ صوت حسن ولذلك أمر في بعض الأحاديث بالتغني بالقرآن )) . انتهى

ودمتم سالمين.