مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

أبو بكر خليل الرسول!!

تفاصيل المنشور

الاشكال

الشيعة في علاقتهم مع أهل السنة كالضيف الذي يُقدم له الطعام الطيب فيأبى هذا الطعام ويذهب ليأكل من النفايات، نقول لهم: في البخاري إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الاسلام أفضل” وهو دليل على أفضليته وخلافته، فيتركون الحديث في البخاري ويقصدون الموضوعات عند أهل السنة!

المستشكل

عبد الرحمن المطلبي

تفاصيل المنشور

الاشكال

الشيعة في علاقتهم مع أهل السنة كالضيف الذي يُقدم له الطعام الطيب فيأبى هذا الطعام ويذهب ليأكل من النفايات، نقول لهم: في البخاري إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن أخوة الاسلام أفضل” وهو دليل على أفضليته وخلافته، فيتركون الحديث في البخاري ويقصدون الموضوعات عند أهل السنة!

الأخ عبد الرحمن، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا يمكنك أن تلزمنا بمروياتك – سواء الصحيحة منها أو الموضوعة -؛ لأنّها ليست حجّة علينا كما أنّ كتبنا ليست حجّة عليك، فهذا خلل منهجي منك في طريقة الاحتجاج بين الأديان والمذاهب، فالاحتجاج يكون وفق قاعدة الإلزام، أي إلزام الخصم بالأدلة الصحيحة من كتبه لا من كتب غيره، وأنت تريد أن تفعل العكس هنا.. وعلى أية حال سنجيبك على مدّعياتك هنا فنقول:
أوّلاً: حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (لو كنت متخذا خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً) الذي رواه البخاري في صحيحه هو صريح بعدم اتخاذ أبي بكر خليلا؛ وذلك لمكان حرف الامتناع (لو)، الذي هو حرف امتناع لامتناع كما هو ثابت في كتب النحو، فيكون الحديث نصّاً صريحاً في نفي الخلة لا اثباتها.
بل غاية ما يدل عليه الحديث – على التسليم بصحته – أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لو أراد أن يتّخذ خليلاً لاتّخذ أبا بكر، والخلّة في اللغة: هي الصداقة والمحبة، والخليل هو الصديق.
قال في لسان العرب: وفي الحديث: إِني أَبرأُ إِلى كل ذي خُلَّة من خُلَّته؛ الخُلَّة، بالضم: الصداقة والمحبة التي تخلَّلت القلب فصارت خِلالَه أَي في باطنه.
والخَلِيل: الصَّدِيق، فَعِيل بمعنى مُفَاعِل، وقد يكون بمعنى مفعول، قال: وإِنما قال ذلك لأَن خُلَّتَه كانت مقصورة على حب الله تعالى. انتهى (لسان العرب 11: 217)
فيكون معنى الحديث: لو اردت أن اتّخذ صديقاً لاتخذت أبا بكر صديقاً.
ولا دلالة في الحديث على أفضلية أبي بكر فضلا عن الاستدلال به على استحقاق الخلافة، بل ورد عندكم من الأحاديث ما يدلّ على نفي الخلة من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأحد من الناس، منها: أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال قبيل وفاته: (أني أبرأ إلى كلّ خليل من خلّته) (رواه مسلم في صحيحه2: 331) ، كما استدل ابن حجر العسقلاني في فتح الباري على بطلان اتخاذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خليلا، بقوله: “وهذا يعارضه ما في رواية جندب عند مسلم كما قدمته أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بخمس: إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل”. (انظر: فتح الباري 7: 23).
واستدل الذهبي – أيضاً – في ترجمة اسحاق بن نجيح على بطلان حديث أبي هريرة الذي ينص على أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) اتخذ عثمان خليلاً له، بقوله: “وهذا باطل، ويدل على ذلك قوله عليه السلام: لو كنت متخذا خليلا من هذه الامة لاتخذت أبا بكر خليلا”. (ميزان الاعتدال 1: 201)
ثانياً: جاء في ذيل الحديث قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ولكن أخوة الاسلام أفضل) (صحيح البخاري 4: 191)، وهنا أشكل شارح صحيح البخاري ابن حجر العسقلاني وقال: “وفيه اشكال فإنّ الخلة أفضل من أخوّة الإسلام فإنها تستلزم ذلك وزيادة”. (فتح الباري في شرح صحيح البخاري 7: 13)
نقول: هذا الإشكال من ابن حجر العسقلاني يدلّ على أنّ الحديث مختلق، وإلّا كيف يتجرأ ليرد كلاماً قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيكون قد علم ما لا يعلمه رسول الله بأنّ الخلّة تستلزم الأخوة وزيادة؟!!
ثالثاً: أفاد ابن حجر العسقلاني في كلامه المتقدّم بأنّ الخلّة تستلزم الأخوة وزيادة، وبحسب هذا البيان من شارح صحيح البخاري وجدنا أحاديثا عندكم يستفاد منها أنّ أبا بكر – بل الصحابة جميعهم خلا أمير المؤمنين عليّ عليه السلام – لم يكونوا مؤهلين لأخوة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والذي لا يكون مؤهلاً للأخوة فبالأولى لا يكون مؤهلاً للخلّة.
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون وددت أنّا قد رأينا إخواننا، قالوا: أو لسنا اخوانك يا رسول الله؟ قال: أنتم أصحابي واخواننا الذين لم يأتوا بعد (صحيح مسلم 1: 150)
ورواه أحمد في مسنده (مسند أحمد 2: 300) قال شعيب الأرنؤوط محقّق المسند: إسناده صحيح على شرط مسلم.
وفي الرياض النضرة للمحب الطبري عن أنس: كنا في بيت عائشة رضي الله عنها أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وأنا يومئذ ابن خمس عشرة سنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر ليت أني لقيت فاستعملوهم ليت أني لقيت اخواني فإني أحبهم فقال أبو بكر يا رسول الله من إخوانك قال إخواني الذين لم يروني وصدقوني وأحبوني حتى إني لأحب أحدهم من ولده ووالده قال يا رسول الله نحن إخوانك قال لا أنتم أصحابي (الرياض النضرة في مناقب العشرة 1: 206)
رابعا : لو سلّمنا لكم تمامية الحديث وأنّه غير مختلق – بحسب إشكال ابن حجر المتقدّم عليه – فهذا الاستدلال الذي جئتم به من الحديث هو حجّة عليكم لا لكم ، فأنتم تقولون – بحسب هذا الحديث – أنّ رسول الله (ص) لو أراد أن يتخذ صديقاً وحبيباً له لاتخذ أبا بكر صديقاً وحبيباً له – وهو معنى الخلّة في اللغة – والحال أنّه لم يتّخذه خليلاً له وقد جاءت أحاديثكم تقول بامتناع أن يتّخّذ رسول الله (ص) أحداً من الناس خليلاً له ، فالضابطة التي جعلتكم تعتقدون بأهلية أبي بكر للخلافة هو أهليته لمحبّة رسول الله (ص) واتّخاذه خليلاً له مع أنّه لم يكن خليلاً له بالفعل .
نقول: فما قولكم بمن اتّخذه الله ورسول الله (ص) حبيباً له واتخذه رسول الله (ص) أخا له بالفعل – لا بالقوة كما في حديث الخلّة المتقدّم – ألا يستحق الخلافة بحسب ضابطتكم التي جئتم بها؟!
فها هو النبي (ص) يخبرنا بأنّ عليّاً عليه السلام هو حبيب الله ورسوله، كما جاء في الحديث الصحيح الذي يرويه البخاري: (لأعطين الراية أو قال ليأخذن غدا رجل يحبه الله ورسوله أو قال يحب الله ورسوله يفتح الله عليه فإذا نحن بعلّي) (صحيح البخاري 4: 12، صحيح مسلم 5: 195)
وكذلك روي بالاتفاق أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) اتّخذ أمير المؤمنين عليّاً (عليه السلام) أخاً له،قال ابن عبد البر في ” الدرر” : ” والصحيح عند أهل السير والعلم بالآثار والخبر في المؤاخاة التي عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في حين قدومه إلى المدينة أنّه آخى بين أبي بكر الصديق وخارجة بن زيد بن أبي زهير ، وبين عمر بن الخطاب وعتبان بن مالك ، وبين عثمان بن عفان وأوس بن ثابت بن المنذر أخي حسان بن ثابت ، وآخى بين علي بن أبي طالب وبين نفسه صلى الله عليه وسلم فقال له أنت أخي في الدنيا والآخرة ” ( الدرر : 90).
وقال في الاستيعاب بعد ذكره لحديث المؤاخاة وحديث الراية يوم خيبر والغدير: “وهذه كلها آثار ثابتة”. (الاستيعاب في معرفة الأصحاب 3: 1100)
وعن الزرقاني المالكي في شرحه على المواهب اللدنية: “وجاءت أحاديث كثيرة في مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم لعلي، وقد روى الترمذي وحسنه الحاكم وصححه عن ابن عمر: أنّه صلى الله عليه وسلم قال لعلي: (أما ترضى أن أكون أخاك)؟ قال: بلى، قال: “(أنت أخي في الدنيا والآخرة) (ج2 ص 191).
وعن الخطيب التبريزي في الإكمال بعد ذكره لحديث المؤاخاة، قال: ” فالحديث صحيح بشواهده. وأخرجه المؤلف في المناقب والحديث أخرجه الترمذي (4 / 328) والحاكم (3 / 14) ” (الإكمال في أسماء الرجال: 177).
وعن محب الدين الطبري في الرياض النضرة في مناقب العشرة: “ومن أدلّ دليل على عظيم منزلته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صنيعه في المؤاخاة كما تقدّم، فإنّه -صلى الله عليه وسلم- جعل يضم الشكل إلى الشكل يؤلف بينهما إلى أن آخى بين أبي بكر وعمر، وادّخر عليّا لنفسه وخصّه بذلك، فيا لها من مفخرة وفضيلة”. (الرياض النضرة 3: 187)
ودمتم سالمين