مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

أئمتنا (عليهم السلام) شهدوا هلاك الظالمين واحدًا بعد الآخر

تفاصيل المنشور

الاشكال

الأنبياء والرسل المذكورون في كتاب الله كان لهم النصر وعاشوا بعد الطغاة عكس أئمتكم ماتوا قبل الطغاة الذين زعمتم أنهم طغاة وظالمون، ولو كان أئمتكم على الحق لذاقوا حلاوة النصر بمشاهدته؛ لأن الله تعالى يقول: {لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}.

المستشكل

محمد أحمد المصري

تفاصيل المنشور

الاشكال

الأنبياء والرسل المذكورون في كتاب الله كان لهم النصر وعاشوا بعد الطغاة عكس أئمتكم ماتوا قبل الطغاة الذين زعمتم أنهم طغاة وظالمون، ولو كان أئمتكم على الحق لذاقوا حلاوة النصر بمشاهدته؛ لأن الله تعالى يقول: {لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي}.

قولك: (الأنبياء والرسل المذكورون في كتاب الله كان لهم النصر، وعاشوا بعد الطغاة).
فنقول: وكذلك بعض الأنبياء والرسل ماتوا قبل أن يشهدوا هلاك من عاصروه من الطغاة والجبابرة، فهل نحكم على أنبياء الله ورسله بأنهم ليسوا على الحق؟!
قال تعالى: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة: 61]؛ قال الخطيب الشربيني: أي: ((ظلمًا؛ فإنهم قتلوا شعياء، وزكريا، ويحيى وغيرهم)). [تفسير السراج المنير، ج1، ص141]، وجاء عن البيضاوي في تفسيره: ((فإنهم قتلوا شعياء وزكريا ويحيى وغيرهم بغير الحقّ عندهم؛ إذ لم يروا منهم ما يعتقدون به جواز قتلهم، وإنما حملهم على ذلك اتباع الهوى وحب الدنيا)) [أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ج1، ص84].
وعن النسفي في تفسيره: ((أي ذلك بسبب كفرهم وقتلهم الأنبياء، وقد قتلت اليهود شعياء وزكريا ويحيى صلوات الله عليهم)) [مدارك التنزيل وحقائق التأويل، ج1، ص94].
وجاء عن ابن تيمية: ((فاليهود … وكانوا قد قتلوا يحيى بن زكريا، وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. قال تعالى (2: 61): {وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون})) [(قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، ص251].
وأما استدلالك بقوله سبحانه: {لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة:21]، فجوابه:
أنّ الغلبة هنا على نحوين: غلبةٌ باللسان والبيان، وغلبةٌ بالسيف، فالرسل الذين أمروا بقتالٍ غَلبوا جميعهم، وكانت لهم العاقبة في آخر أمرهم، أمّا الرسل أو الأنبياء الذين لم يؤمروا بقتال، فغَلبوا باللسان والبيان، ومنهم من قُتل ومنهم من مات، قال سبحانه: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [البقرة:87]، وقال الله سبحانه في كتابه الكريم: {لَقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [آل عمران:181]، فقتل فريق من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، لكنهم لم يؤمروا بقتال، فغلبوا بالحجة والبيان.
قال الرازي في تفسيره: ((المسألة الثانية: غلبة جميع الرسل بالحجّة مفاضلة، إلّا أنّ منهم من ضمَّ إلى الغلبة بالحجّة الغلبة بالسيف، ومنهم من لم يكن كذلك)) [مفاتيح الغيب، ج29، ص48].
وفي تفسير اللباب يقول ابن عادل الحنبلي: ((والنُّصْرَةُ والغلبة قد تكون بالحُجَّة، وقد تكون بالدولة والاستيلاء، وقد تكون بالدوام والثبات، فالمؤمن وإن صار مغلوبًا في بعض الأوقات بسبب ضَعْفِ أحوال الدنيا فهو الغالب)) [اللباب في علوم الكتاب، ج16، ص358].
وأمّا قولك: (عكس أئمتكم ماتوا قبل الطغاة الذين زعمتم أنهم طغاة …)، فجوابه:
أنّ أئمتنا (عليهم السلام) شهدوا هلاك الطغاة والظالمين واحدًا بعد واحد، فأمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين (عليهم السلام) شهدوا هلاك أبا بكر وعمر وعثمان، وأمّا معاوية بن أبي سفيان، فقد شهد هلاكَه الإمام الحسين (عليه السلام)، وأمّا يزيد بن معاوية (لعنهما الله)، فقد شهد هلاكه الإمامان علي بن الحسين زين العابدين ومحمّد بن علي الباقر (عليهما السلام)، كما شهد الإمام الباقر (عليه السلام) هلاكَ عبد الملك بن مروان سنة (86هـ)، والوليد بن عبد الملك سنة (96هـ)، وسليمان بن عبد الملك سنة (98أو99هـ)، وشهد الإمام الصادق (عليه السلام) هلاك هشام بن عبد الملك سنة (125هـ)، والوليد بن يزيد بن عبد الملك سنة (126هـ)، ويزيد بن الوليد بن عبد الملك سنة (126هـ) حيث كانت ولايته خمسة أشهر، وإبراهيم بن الوليد بن عبد الملك سنة (132هـ)، ومروان بن محمّد المعروف بمروان الحمار سنة (132هـ)، وعبد الله بن محمّد المعروف بالسفاح سنة (136هـ)، وشهد الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، هلاك المنصور الدوانيقي سنة (158هـ)، والمهدي سنة (169هـ)، وابنه الهادي سنة (170هـ)، وشهد الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، هلاك هارون الرشيد سنة (193هـ)، وولده الأمين سنة (198هـ)، وشهد الإمام محمّد بن علي الجواد (عليه السلام)، هلاك المأمون سنة (218هـ)، وشهد الإمام علي بن محمّد الهادي (عليه السلام) هلاك المعتصم سنة (227هـ)، والواثق بن المعتصم سنة (232هـ)، والمتوكل أخي الواثق سنة (248هـ)، والمنتصر بن المتوكل سنة (248هـ)، والمستعين ابن عم المنتصر سنة (252هـ)، وشهد الإمام الحسن بن علي العسكري (عليه السلام) هلاك المعتز بالله سنة (255هـ)، والمهتدي بالله سنة (256هـ).
والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين.