تفاصيل المنشور
- المستشكل - جعفر الصادق
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 6 مشاهدة
تفاصيل المنشور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طرح الآلوسي في كتابه روح المعاني إشكالًا مفاده أن الشيعة إذا قالوا بأن الحصر في آية الولاية هو حصر حقيقي فسوف يخرج منه باقي أئمة العترة الطاهرة، وإذا كان حصرًا إضافيًّا فلا إشكال في تحديد خلافة أمير المؤمنين عليه السلام في زمنٍ ومدة معينة أو تقديم الثلاثة عليه.
المستشكل
جعفر الصادق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرح الآلوسي في كتابه روح المعاني إشكالًا مفاده أن الشيعة إذا قالوا بأن الحصر في آية الولاية هو حصر حقيقي فسوف يخرج منه باقي أئمة العترة الطاهرة، وإذا كان حصرًا إضافيًّا فلا إشكال في تحديد خلافة أمير المؤمنين عليه السلام في زمنٍ ومدة معينة أو تقديم الثلاثة عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..
إنّ الحصر في الآية لا يضر بإمامة الأئمّة من بعد أمير المؤمنين (عليه السلام)، سواء كان حقيقيًّا أو إضافيًّا.
أمّا كونه حقيقيًّا فلا يضر؛ لأنّ ولايتهم ثابتة بالطول وبالنيابة عن ولايته (عليه السلام) ومترتبة عليها في ذاتها، وتأتي بعدها في الزمن، وأنّ ترتب إمامتهم (عليهم السلام) زمانًا بعد أبيهم ثابتة بأدلة أُخرى، فقد ثبتت ولايتهم (عليهم السلام) بنصوص نبويّة صحيحة صريحة، جاء فيها: ((إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض، وعترتي أهل بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض)) [صحيح الجامع الصغير للألباني، ج1، ص482، مسند أحمد بن حنبل، برقم: 21654، تصحيح شعيب الأرنؤوط].
ويستفاد من الحديث دلالات ثلاث:
الأولى: أنّ العترة هم الخلفاء بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
الثانية: أنّ العترة تكون هادية مهديّة إلى يوم القيامة، وهذا هو معنى عدم الافتراق عن القرآن الذي نصّ عليه علماء أهل السُّنة عند شرحهم للحديث المذكور. [انظر: فيض القدير في شرح الجامع الصغير، للمناوي، ج3، ص20، شرح المقاصد، للتفتازاني، ج3، ص529].
الثالثة: استمرار خلافة العترة إلى يوم القيامة، كما نصّ على ذلك علماء أهل السُّنة أنفسهم عند شرحهم لهذا الحديث. [انظر: فيض القدير، ج3، ص19، الصواعق المحرقة، ج2، ص442].
هذا، ولفظ الجمع في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا} لا يعارضه ما اختص به أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)؛ لأنّ ما اختص به (عليه السلام) وقع خارجًا في وقته وزمانه، فحصر الولاية يكون مختصًّا بما وقع منه خارجًا لا بما دلّ عليه اللفظ، ثم إنّ سياق الآية جاء في مساق الإخبار لا التشريع، وقد دلّ ذلك على إمامتهم وولايتهم بالاختصاص لا بالتخصيص.
وأمّا كونه إضافيًّا فلا يضر؛ لاحتمال وقوع الترديد فيه بالإضافة إلى الثلاثة المتقدّمين عليه (عليه السلام)، فيصح حصر الولاية في زمن حياة الإمام (عليه السلام) فقط، كما يستحيل عدم وجود الولاية وتعددها على طول الزمان إلى يوم القيامة، لما هو مركوز في العقول من عدم خلوّ الأرض من إمام إلى يوم القيامة، كما جاء في الحديث المتضافر الذي روته صحاح المسلمين ومسانيدهم، وهو حديث: “الخلفاء من بعدي اثنا عشر” الذي يشير إلى استمرار خلافتهم إلى يوم القيامة، حيث جاء فيه: ((لا يزال الدين قائمًا حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة، كلّهم من قريش)) [صحيح مسلم، ج6، ص4، كتاب الإمارة].
قال ابن كثير في تاريخه: ((قال ابن تيمية: وهؤلاء المبشّر بهم في حديث جابر بن سمرة، وقرّر أنّهم يكونون مفرّقين في الأمّة، ولا تقوم الساعة حتّى يوجدوا)) [تاريخ ابن كثير، ج6، ص249 ـ 250].
وقال السيوطي في تاريخه: ((وجود اثني عشر خليفة في جميع مدّة الإسلام إلى القيامة يعملون بالحقّ وإن لم يتوالوا)) [تاريخ الخلفاء، للسيوطي، ص12].
ولم يصرّح جماعةٌ أو فرقة من فرق المسلمين جميعها بموالاة اثني عشر خليفة أو إمامًا من العترة سوى الشيعة الإمامية.
هذا، ثم إن الحصر في الصفات التي اختص بها أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) في قوله تعالى: {وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} يصح في حياته أو الحال والآن، لوقوع لفظ {وَيُؤْتُونَ} فعلًا مضارعًا، ودلالته على الحال.
فالحصر إنّما يضر لو كانت ولاية الأئمة (عليهم السلام) بالعرَض وفي وقت حياة أمير المؤمنين (عليه السلام) و بزمنها نفسه، أو كانت سابقة بالزمن كما يدّعيه أهل السُّنة لخلفائهم.
وعليه فسواء كان الحصر في الآية حصرًا حقيقيًّا أو إضافيًّا فهو ينفي إمامة الثلاثة – أبي بكر وعمر وعثمان- المتقدمين، وهو المطلوب.
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.