مركز الدليل العقائدي

مركز الدليل العقائدي

آيةٌ تكررت في ثلاث سوَر تُعزز عقيدة غيبة الإمام المهدي

تفاصيل المنشور

الاشكال

نريد من القرآن الكريم آية تدل على غيبة المهدى، وعلى فكرة خلافة أبي بكر ليست من أصول عقيدتنا مثل المهدي كونه عقيدة عندكم!!

المستشكل

نوار محمد

تفاصيل المنشور

الاشكال

نريد من القرآن الكريم آية تدل على غيبة المهدى، وعلى فكرة خلافة أبي بكر ليست من أصول عقيدتنا مثل المهدي كونه عقيدة عندكم!!

بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..

ذُكر المهدي (عليه السلام) في آية من القرآن الكريم تكررت في ثلاث سور، وقد فسرها علماء المسلمين على أنها تشير إلى المهدي (عليه السلام)، والآية هي قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة:33، الفتح:28، الصف:9]

قال الطبري في تفسيره للآية الكريمة: ((عن أبي هريرة في قوله: ليظهره على الدّين كلّه، قال: حين خروج عيسى بن مريم)) [تفسير الطبري، ج10، ص150].

ومعلوم أنّ خروج عيسى (عليه السلام) لا يكون إلا عند ظهور المهديّ (عليه السلام)، ويؤكد ذلك البخاري وغيره.

فقد روى البخاري في صحيحه: ((عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري أنَّ أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم، وإمامكم منكم)) [صحيح البخاري، ج4، ص143].

قال ابن حجر في “فتح الباري”: ((وكلّهم ـ أي المسلمون ـ ببيت المقدس، وإمامهم رجلٌ صالحٌ قد تقدّم ليصلّي بهم، إذ نزل عيسى، فرجع الإمام ينكص ليتقدّم عيسى، فيقف عيسى بين كتفيه، ثمَّ يقول: تقدّم؛ فإنّها لك أقيمت. وقال أبو الحسن الخسعي الأبدي في مناقب الشافعي: تواترت الأخبار بأنَّ المهدي من هذه الأمة، وأن عيسى يصلّي خلفه)). [فتح الباري، ج6، ص358].

أما إثبات غَيبة الإمام المهدي (عليه السلام) بالسنّة، فذلك يتم بحديث الثقلين الصحيح المتضافر الذي جاء فيه: ((إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله، حبل ممدود ما بين الأرض والسماء، وعترتي أهل بيتي، وأنّهما لن يتفرّقا حتّى يردا عليّ الحوض)) [صحيح الجامع الصغير، للألباني، ج1، ص482؛ مسند أحمد بن حنبل، برقم:21654، تصحيح شعيب الأرنؤوط].

فهذا الحديث يكشف عن لزوم وجود متأهِّل من أهل البيت (عليهم السلام) في زماننا، لا يفارق القرآن، ولا يفارقه، وقد نصَّ على ذلك علماء أهل السنّة عند شرحهم للحديث المذكور، ومنهم المناوي الشافعي في “فيض القدير” في شرح حديث الثقلين، قال: ((تنبيه: قال الشريف – يقصد الحافظ السمهودي -: هذا الخبر يُفهِم وجود من يكون أهلًا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كلّ زمن إلى قيام الساعة حتّى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك به، كما أنَّ الكتاب كذلك، فلذلك كانوا أمانًا لأهل الأرض، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض)) [فيض القدير، ج3، ص15].

 ويروي الحافظ الحنفي في كتابه “ينابيع المودّة” عن ابن عباس أنه قال: ((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ عليًّا وصيّي، ومن ولده القائم المنتظر المهديّ الذي يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا، والذي بعثني بالحقّ بشيرًا ونذيرًا، إنَّ الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعزُّ من الكبريت الأحمر، فقام إليه جابر بن عبد الله، فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غَيبة؟ قال: إيْ وربي، ليمحّص الله الذين آمنوا، ويمحق الكافرين)) [ينابيع المودّة، ج3، ص297].

وعن العلّامة الأوحد – كما يصفه الذهبي في سِير أعلام النبلاء، ج23، ص239- كمال الدين محمّد بن طلحة الشافعي في الباب الثاني عشر من كتابه “مطالب السؤول في مناقب آل الرسول”، وهو يتحدث عن الإمام المهدي (عليه السلام): ((وأمّا عمره فإنّه ولد في أيام المعتمد على الله، خاف، فاختفى وإلى الآن، فلم يمكن ذكر ذلك إذ من غاب ـ وإن انقطع خبره ـ لا توجب غَيبته وانقطاع خبره الحكم بمقدار عمره ولا بانقضاء حياته، وقدرة الله واسعة، وحكمه وألطافه بعباده عظيمة عامّة … وليس ببدعٍ ولا مستغرب تعمير بعض عباد الله المخلصين، ولا امتداد عمره إلى حين، فقد مد الله تعالى أعمار جمعٍ كثير من خلقه من أصفيائه وأوليائه ومن مطروديه وأعدائه، فمن الأصفياء: عيسى (عليه السلام)، ومنهم الخضر، وخلق آخرون من الأنبياء، طالت أعمارهم، حتى جاز كل واحد منهم ألف سنةٍ أو قاربها، كنوح (عليه السلام) وغيره)) [مطالب السؤول، ص489].

 

أما قولك: (خلافة أبي بكر ليست من أصول عقيدتنا مثل المهديّ كونه عقيدة عندكم)، فهو يشير إلى أنك لم تحصل على معرفة شاملة بأسس دينك ومذاهب علمائك وما يتعين عليك اتباعه في هذه المذاهب.

فها هو البيضاوي أحد أعلامكم المشهورين يؤكد أن الإمامة من أصول الدين، ومخالفها كافر ومبتدع، حيث ذكر في كتابه “منهاج الوصول” ما يفهم منه ذلك بوضوح، فقال: ((قلنا: الأولان من الفروع، ولا كفر ولا بدعة في مخالفتهما، بخلاف الإمامة)) [منهاج الوصول إلى علم الأصول، ص76].

وصرّح ابن عبد البر في الاستيعاب بركنية الخلافة، فقال: ((والخلافة ركن من أركان الدين)) [الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج3، ص969].

والمنكر لعقيدة المهدي المنتظر (عليه السلام) في عقيدة أهل السُّنة، كالمنكر للألوهية، وقد ذكر الشيخ الألباني في كتابه “سلسلة الأحاديث الصحيحة” في رده على من ينكر عقيدة المهدي، أنّ المنكر لها على حدّ المنكر للألوهية، حيث قال: ((وأما مثل هؤلاء المنكرين جميعًا عندي إلا كما لو أنكر رجل ألوهية الله عزّ وجلّ)) [سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج4، ص43].

والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.