مركز الدليل العقائدي

صلاة عليٍّ خلف أبي بكرٍ صلاةُ مظهِرٍ لا مقتدٍ‏

تفاصيل المنشور

السؤال

السلام عليكم.. وردت بعض الروايات تقول: إن عليًّا عليه السلام صلى خلف أبي بكر، ما مدى صحة هذه الروايات، وكيف توجَّه؟

السائل

احمد محمد

تفاصيل المنشور

السؤال

السلام عليكم.. وردت بعض الروايات تقول: إن عليًّا عليه السلام صلى خلف أبي بكر، ما مدى صحة هذه الروايات، وكيف توجَّه؟

بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهرين..
جاء في “تلخيص الشافي” للشيخ الطوسي: ((الصلاة خلفهم على ‏ضربين: صلاةُ مقتدٍ مؤتمٍّ بإمامه على الحقيقة، وصلاة مُظهِرٍ للاقتداء والائتمام وإنْ كان لا ‏ينويها، فإنِ ادُّعيَ على أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام أنه صلى ناويًا للاقتداء، فيجب أن ‏يدلوا على ذلك، فإنّا لا نسلِّمه، ولا هو الظاهر الذي لا يمكن النزاع فيه. وإن ادَّعوا صلاة مظهِرٍ ‏للاقتداء فذلك مسلَّمٌ لهم؛ لأنه الظاهر. إلا أنه غير نافعٍ فيما يقصدونه، ولا يدلُّ على خلاف ما ‏يذهب إليه في أمره عليه السلام، فلم يبقَ إلا أنْ يقال: فما العلة في إظهار الاقتداء بمن لا يجوز الاقتداء ‏به؟ فالعلة في ذلك غلبة القوم على الأمر وتمكُّنهم من الحلِّ والعقد؛ لأن الامتناع من إظهار ‏الاقتداء بهم مجاهرة ومنابذة، وقد قلنا فيما يؤدي ذلك إليه في ما فيه كفاية))‏ [تلخيص الشافي، ج2، ص158].
وصرحتْ بعض الروايات بأن الصلاة خلفهم ليست اقتداءً، ولا تعدُّ ذات قيمة، كما في خبر زرارة عن الإمام الباقر (عليه السلام)، فقد روى الشيخ الكليني في الكافي بسندٍ ينتهي إلى زرارة أنه قال: ((سألت ‏أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة خلف المخالفين، فقال: ما هم عندي إلا بمنزلة الجدر)) [الكافي، ج3، ص373].
وقال العلامة المجلسي في المرآة: ((الحديث الثاني صحيح))، ثم أردف ذلك ببيان المراد من كلمة (الجدر) قائلًا: ((قوله عليه السلام: “بمنزلة ‏الجدر” أيْ لا يُعتدُّ بصلاتهم وقراءتهم، ولا يضر قربهم، ويحتمل أن يكون المراد النهي عن ‏الاقتداء بهم))‏ [مرآة العقول، ج15، ص255].
وفي هذا السياق يقول السيد الخوئي (قده): ((إن الصلاة معهم ليست كالصلاة خلف الإمام العادل، وإنما هي ـ على ما يُستفاد من الروايات ـ ‏صورةُ صلاةٍ، يحسبها العامّة صلاةً وائتمامًا بهم، ومن هنا لم يرد في الروايات عنوان الاقتداء ‏بهم، بل ورد عنوان الصلاة معهم، فهو يدخل الصلاة معهم، ويؤذّن، ويقيم، ويقرأ لنفسه على نحو ‏لا يسمع همسه، فضلًا عن صوته. ولا دلالة في شيءٍ من الروايات على أنها صلاةٌ حقيقة، وقد ‏ورد في بعضها: ما هم عنده (عليه السلام) إلَّا بمنزلة الجدر، إذن لا تكون الصلاة معهم كالصلاة ‏خلف الإمام العادل، بل إنما هي صورة الائتمام لتحسبوها كذلك من دون أن تسقط القراءة ‏والإقامة ولا غيرهما؛ لأنهم ليسوا إلَّا كالجدر)) [شرح العروة الوثقى، كتاب الطهارة، ج5، ص272].‏

وقد وردت عندنا روايات صرحت بأن الإمام عليًّا (عليه السلام) صلّى خلف أبي بكر، إلا أنه أعاد صلاته، فقد روى الشيخ الكليني في الكافي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة، أنه قال: ((قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن أناسًا رووا عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه صلى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهن بتسليم؟ فقال: يا زرارة، إن أمير المؤمنين عليه السلام صلى خلف فاسقٍ، فلما سلَّم، وانصرف قام أمير المؤمنين عليه السلام، فصلى أربع ركعات لم يفصل بينهن بتسليم، فقال له رجل جنبه: يا أبا الحسن صليت أربع ركعات لم تفصل بينهن؟ فقال: إنها أربع ركعات مشبهات، وسكت، فوالله ما عقل ما قال له)) [الكافي، ج3، ص374].
وأوضح العلامة المجلسي في “مرآة العقول” المراد من قوله (عليه السلام): «أربع ركعات مشبهات»، قائلًا: ((أي مشتبَهات، لا يُعرف ما هنَّ، أو بكسر الباء، أي يوقع الناس في الشبهة في عدالة الإمام، وفي بعض النسخ [مشتبهات].
والحاصل: أنه عليه السلام صلى تقيةً الجمعةَ خلف خلفاء الجور، ثم أعاد الصلاة ظهرًا، فلما سأله السائل عن ذلك أجاب بما يفهمه المحقق، ويشتبه على المخالف، وقد كان عليه السلام يصلي ركعتين بعد الجمعة من غير تسليمٍ قبلهما، ويقول: هما ركعتان مشبهتان، وكلاهما حسن))، هذا بعد أنْ قال: ((الحديث السادس: حسن)) [مرآة العقول، ج15، ص257].
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.