السائل
مراد عبد الله – مصر
السائل
مراد عبد الله – مصر
إن خروج الحسين رضى الله عنه إلى كربلاء بنسائه وهو يعلم أنه سيقتل فيها، ما هو الا رمي للنفس في التهلكة وهو فعل محرم شرعا؟!
الأخ مراد المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
لقد روت مصادركم وبأسانيد صحيحة – بلغت حدّ الاستفاضة والشهرة – حديث إخبار جبرئيل بقتل الحسين (عليه السلام) ومجيئه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) بقبضة من تربته التي يُقتل فيها، منها حديث انس ابن مالك، أنه قال: سمعت رسول الله قال: ((ان ملك المطر استأذن النبي فأذن له فقال لأم سلمة: املكي الباب لايدخل علينا أحدا، قال: وجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب علينا فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي.ص وعلى منكبه وعلى عاتقه قال: فقال الملك للنبي: أتحبه قال: نعم، قال: أما أنّ امتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، فضرب بيده فجاء بطينة حمراء فأخذتها أم سلمة فصرّتها في خمارها، قال: قال ثابت بلغنا أنها كربلاء))، وصحح هذا الحديث كل من: الذهبي في سير أعلام النبلاء، ج3، ص289، والشوكاني في در السحابة، رقم 235، والألباني في السلسلة الصحيحة، ج3، ص160، وأحمد محمد شاكر في مسند أحمد ابن حنبل، ص 207، حديث رقم 13473، وحمزة أحمد الزين في مسند أحمد بن حنبل، ج11، ص207، وابن حبان في صحيحه، ج15، ص142، والهيثمي في مجمع الزوائد، ج9، ص193، وأبو حاتم في صحيحه، كما عن ذخائر العقبى، ص 146.
فالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بحسب هذا الحديث كان يعلم ما سيحل بولده الحسين (عليه السلام) وبأهل بيته في كربلاء ومع ذلك لم يرد منه نهي لولده من الخروج مع نسائه وأهل بيته، بل على العكس من ذلك تماما فقد ورد منه (صلى الله عليه وآله وسلم) الحثّ على نصرته لمن شهد ذلك اليوم، فعن الصحابي الجليل أنس بن الحارث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم يقول: ((إنّ ابني هذا ـ يعني الحسين ـ يُقتل بأرض يقال لها كربلاء، فمن شهد منكم ذلك فلينصره)) (البداية والنهاية لابن كثير، ج8، ص301، الخصائص الكبرى للسيوطي، ج2 ، ص213، كنز العمال للمتقي الهندي، ج12، ص71، الإصابة، ج1، ص81 – 266).
فلو كان في خروج الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء مخالفة للشرع لحذّره النبي (صلى الله عليه وآله) ولنهاه عن الخروج ولَمَا أمر المسلمين بنصرته كما جاء في حديث أنس بن الحارث!، ولم يقف الأمر بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند هذا الحدّ، بل صرّح وبيّن أنّ الحسين (عليه السلام) في نهاية أمره واستشهاده استحق السيادة لشباب أهل الجنة، فقال: ((الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة))، وقد نصَّ على تواتر هذا الحديث جماعة من علماء أهل السنة، منهم: السيوطي في قطف الأزهار المتناثرة ص 287، والمناوي في فيض القدير (حديث رقم 3820)، والكتاني في نظم المتناثر (حديث رقم 235)، والألباني في سلسلته الصحيحة (رقم 797) قال: وبالجملة فالحديث صحيح بلا ريب، بل هو متواتر كما نقله المناوي].
وعلى ما تقدّم من علم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بمقتل الحسين (عليه السام) في كربلاء وعدم نهيه من الخروج إليها مع نسائه، ومِن حثّه المسلمين على نصرته، ومِن قوله أنّ الحسين سيد شباب أهل الجنة، سننتهي لا محالة إلى شرعيّة خروج الحسين (عليه السلام) إلى كربلاء واستحقاقه في نهاية أمره منصب السيادة لشباب أهل الجنة بشهادة جده رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والقول بخلاف ذلك لا يقول به مسلم موحد؛ لما يقتضيه من نسبة مخالفة الشرع إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا إلى الإمام الحسين (عليه السلام) فحسب.
ودمتم سالمين>