تفاصيل المنشور
- المستشكل - داود أيهم
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 185 مشاهدة
تفاصيل المنشور
السلام عليكم.. الآية (33): {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}. لاحظوا معي يا شيعة: الله اذهب عن أهل البيت الرجز وطهرهم.
ويقول الله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ على قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}.
لاحظوا معي يا شيعة: الله تعالى في هذه الآية: انزل ماء من السماء وطهرهم واذهب عنهم رجز الشيطان وربط على قلوبهم وثبت اقدامهم.. فمن الأولى بالعصمة؟ فكروا بعقولكم يا شيعة ثم اجيبوا.
المستشكل
داود أيهم
السلام عليكم.. الآية (33): {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}. لاحظوا معي يا شيعة: الله اذهب عن أهل البيت الرجز وطهرهم.
ويقول الله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ على قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ}.
لاحظوا معي يا شيعة: الله تعالى في هذه الآية: انزل ماء من السماء وطهرهم واذهب عنهم رجز الشيطان وربط على قلوبهم وثبت اقدامهم.. فمن الأولى بالعصمة؟ فكروا بعقولكم يا شيعة ثم اجيبوا.
الأخ داود المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولاً: أن استدلال الشيعة الإمامية على عصمة وطهارة أصحاب الكساء من الرجس في آية التطهير إنّما هو بمجموع الآية الكريمة: {إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً} وليس بخصوص مفردة او مفردتين منها، وبيان ذلك:
من الثابت والمسلَّم به بين الفريقين نزول قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] في الرسول الأكرم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين (صلوات الله وسلامه عليهم) خاصّة، وخروج بقية بني هاشم وأقرباء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وزوجاته من مراد الآية.
قال فخر الدين الرازي في مفاتيح الغيب [ج13 ص432]: «وأنا أقول: آل محمدٍ صلى الله عليه وسلم هم الذين يؤول أمرُهم إليه، فكلُّ من كان أمرُهم إليه أشدَّ وأكمل كانوا هم الآل، ولا شك أن فاطمة وعلياً والحسن والحسين كان التعلُّق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ التعلُّقات، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر، فوجب أنْ يكونوا هم الآل». اهـ
هذا، وقد نص على نزولها فيهم (صلوات الله وسلامه عليهم) ستين عالما من علماء أهل السنة في مصادرهم [انظر: موسوعة الامام الحسن (ع) في القرآن الكريم ج2ص166- 176].
فقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ أي إنّما يريد اللهُ بالإرادةَ التكوينيّة الحتمية أنْ يُذهب – والإذهاب هنا دفعي لا رفعي – عنكم الذنوبَ أهلَ البيت، ويطهّركم منها تطهيراً، وتأكيد دلالة الفعل (يُطَهِّرَكُمْ) بالمفعول المطلق (تَطْهِيرًا) فيه دلالة على أنهم (عليهم السلام)، قد نالوا أعلى مراتب التطهير وأكملَها، قال ابن حجر في الصواعق(ج2 ص427): “حكمة ختْم الآية (تطهيراً) المبالغة في وصولهم لأعلاه وفي رفع التجوز عنه ثم تنويه تنوين التعظيم والتكثير والإعجاز المفيد إلى أنه ليس من جنس ما يتعارف ويؤلف، ثم أكد ذلك كله بتكرير طلب ما في الآية لهم بقوله : اللهم هؤلاء أهل بيتي إلى آخر ما مرّ وبإدخاله نفسه معهم في العد لتعود عليهم بركة اندراجهم في سلكه بل في رواية أنه اندرج معهم جبريل وميكائيل إشارة إلى عليِّ قدرهم”.اهـ
فقوله تعالى: (تطهيراً)، إنما هو للإشارة إلى كون تطهيره إياهم نوعاً مميزاً ليس مما يَعهد الخلق مثله، ولا مما يحيطون به درَكاً وهذا هو مقام العصمة.
ومعنى (الرجس) فيما نحن فيه فواضح الدلالة، وحسبي أنْ أسوق بعض أقوال علماء أهل السنة دون شرحٍ أو تعليقٍ، فهي كافيةٌ في إيضاح المراد، وإليك هذه النماذج من أقوالهم:
قال الإيجيّ في جامع البيان [ج3 ص351]: “(إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ): خبائث القلب، أو ما ليس لله فيه رضاً”. اهـ
وقال ابن حجر في الصواعق المحرقة [ج 2 ص 426]: “الرجس الَّذِي هُوَ الْإِثْم أَو الشَّك فِيمَا يجب الْإِيمَان بِهِ عَنهُ وتطهيرهم من سَائِر الْأَخْلَاق وَالْأَحْوَال المذمومة”. اهـ
وقال الراغب الاصفهانيّ في تفسيره [ص 127]: “قال تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}، ومعلوم أنه تعالى لم يُرِدْ تطهيراً عن نجاسةٍ في ثوبٍ وبدن، وإنما أراد تطهيرَ النفس الذي يستحق به المدح والخلود والبقاء الدائم”. اه
وقال الثعالبيُّ في تفسيره [ج4/ص346]، ومثله ابن عطية في تفسيره [ج4/ص384]: “الرجس اسمٌ يقع على الإثم وعلى العذاب وعلى النجاسات والنقائص، فأذهبَ اللهُ ذلك عن أهل البيت”. اهـ
وجاء في تفسير الجلالَين [ص557]: “أن معنى الرجس الإثم”، وفي تفسير البَيضاويّ [ج4 ص371]: “معنى الرجس المعاصي”.
اذن، فالمراد من لفظ الرجس في الآية الشريفة هو الأمورُ المعنويّة دون المادّيـّة الظاهريّة، أو الأعم منهما؛ لأنّه لا معنى لحصر الإرادة الإلهيّة بإذهاب الرجس عن المخاطَبِين على أنّه القذارة الظاهريّة المحسوسة، فهو من تحصيل الحاصل؛ إذ المخاطَبون وغيرهم مأمورون بإزالة القذارة الظاهريّة، فثبت أنّ المراد من مفردة الرجس في الآية الشريفة ما هو أعمّ من القذارة المادّيـّة والمعنوية، ومعلوم أن الماء لا يطهر الإنسان إلا من الحدث والخبث، أما الأرجاس المعنوية فلا يتم تطهيرها عن طريق الماء، فافهم.
ثانيا: أما قوله تعالى: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} [الأنفال: 11]، فليس في هذه الآية الكريمة إخبار عن طهارة أحد وبشكل مطلق ومن جميع أفراد الرجس، سوى الإخبار بأن الله سبحانه أنزل عليهم ماء من السماء ليطهرهم به، والماء – كما هو معلوم بالضرورة – لا يطهر الإنسان إلا من الحدث والخبث، أما الأرجاس المعنوية فلا يتم تطهيرها عن طريق الماء.
فما زعمته في كلامك من وقوع التطهير لغير أصحاب الكساء من خلال الا ستدلال بقوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ} هو من القصور في فهم الآيات الكريمة ، فالطهارة المذكورة في هذه الآية هي الطهارة المائية ، بينما المذكور في آية التطهير هو الطهارة المعنوية كما بيّناه أولاً.
والحاصل أن الآية نزلت في غزاة بدر ، كما ذكر ذلك البغوي وغيره : ” أن المسلمين نزلوا يوم بدر على كثيب أعفر تسوخ فيه أقدامهم وحوافر دوابهم، وسبقهم المشركون إلى ماء بدر وأصبح المسلمون بعضهم محدثين وبعضهم مجنبين، وأصابهم الظمأ ووسوس إليهم الشيطان، وقال: تزعمون أنكم على الحق وفيكم نبي الله، وأنكم أولياء الله وقد غلبكم المشركون على الماء وأنتم تصلون محدثين ومجنبين، فكيف ترجون أن تظهروا عليهم؟ فأرسل الله عز وجل عليهم مطرا سال منه الوادي فشرب المسلمون واغتسلوا وتوضؤوا وسقوا الركاب، وملؤوا الأسقية وأطفأ الغبار ولبد الأرض، حتى ثبتت عليها الأقدام وزالت عنهم وسوسة الشيطان، وطابت أنفسهم، فذلك قوله تعالى: وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به من الأحداث والجنابة، ويذهب عنكم رجز الشيطان، ووسوسته، وليربط على قلوبكم، باليقين والصبر، ويثبت به الأقدام، حتى لا تسوخ في الرمل بتلبيد الأرض”. [تفسير البغوي: ج2/ص274].
وقال ابن عاشور في تفسيره: “و(الرجز) القَذَر، والمراد الوسخ الحِسي وهو النجس، والمعنوي المعبر عنه في كتب الفقه بالحَدَث. والمراد الجنابة، وذلك هو الذي يعم الجيش كله فلذلك قال: {ويذهب عنكم رجز الشيطان}، وإضافته إلى الشيطان لأن غالب الجيش لما ناموا احتلموا فأصبحوا على جنابة وذلك قد يكون خواطر الشيطان يخيلها للنائِم ليفسد عليه طهارته بدون اختيار طمعاً في تثاقله عن الاغتسال حتى يخرج وقت صلاة الصبح، ولأن فقدان الماء يلجئهم إلى البقاء في تنجس الثياب والأجساد والنجاسة تلائم طبع الشيطان. وتقدير المجرور في قوله: {عنكم رجز الشيطان} للرعاية على الفاصلة، لأنها بنيت على مد وحرف بعده في هذه الآيات والتي بعدها مع ما فيه من الاهتمام بهم. وقوله: {وليربط على قلوبكم} أي يؤمنّكم بكونكم واثقين بوجود الماء لا تخافون عطشاً وتثبيت الأقدام هو التمكن من السير في الرمل، بأن لا تسوخ في ذلك الدهس الأرجل، لأن هذا المعنى هو المناسب حصوله بالمطر”. [التحرير والتنوير: ج6/ص92، وراجع: تفسير الرازي: ج7/ص375].
ودمتم سالمين