تفاصيل المنشور
- المستشكل - غيدار محمد
- المُجيب - مهدي الجابري الموسوي
- 4 مشاهدة
تفاصيل المنشور
مسألة النصّ على الأئمة تؤول بالشُّيعة إلى التمسك بما لا يستند إلى دليلٍ واقعي، حيث إنّ الاعتقاد بوجود اثني عشر إمامًا محدَّدين ـ على وفق النصوص المزعومة ـ قادهم إلى الإيمان بإمامٍ منتظَرٍ لا يظهرُ له أثرٌ، ولا يُسمع له صوت، ولا يوجد دليلٌ ملموس على وجوده. ولو كانت البشرية بحاجةٍ ماسّة إليه، لكان رسولُ الله، وهو خيرٌ منه، باقيًا بينهم. غير أنّ الأمة تجد كفايتها وهدايتها في كتاب الله وسُنّة نبيه، دون الحاجة إلى انتظارٍ موهومٍ أو كتابٍ لا أصل له.
المستشكل
غيدار محمد
مسألة النصّ على الأئمة تؤول بالشُّيعة إلى التمسك بما لا يستند إلى دليلٍ واقعي، حيث إنّ الاعتقاد بوجود اثني عشر إمامًا محدَّدين ـ على وفق النصوص المزعومة ـ قادهم إلى الإيمان بإمامٍ منتظَرٍ لا يظهرُ له أثرٌ، ولا يُسمع له صوت، ولا يوجد دليلٌ ملموس على وجوده. ولو كانت البشرية بحاجةٍ ماسّة إليه، لكان رسولُ الله، وهو خيرٌ منه، باقيًا بينهم. غير أنّ الأمة تجد كفايتها وهدايتها في كتاب الله وسُنّة نبيه، دون الحاجة إلى انتظارٍ موهومٍ أو كتابٍ لا أصل له.
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله، وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى، محمد وآله المطهَّرين مصابيح الظلام، وهُداة الأنام.
إنّ مسألة النصِّ على الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) ليستْ وهمًا أو خيالًا كما يدّعي المُرجِفون، بل هي حقيقةٌ ثابتةٌ بيّنها القرآن الكريم، وأكَّدتها السُّنة النبوية الشريفة بلسانٍ صريحٍ لا لَبسَ فيه.
أولًا: النصّ على الأئمة:
من نافلة القول: إن الإمامة هي امتدادٌ للنبوة في حفظ الدين وهداية الأمة، فالقرآنُ الكريم قد نصَّ على وجود الأئمة الهُداة بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا} [الأنبياء:73]، وبيّن أنّ الأرض لا تخلو من حجةٍ لله على خلقه: {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [الرعد:7].
أما السُّنة النبوية، فقد صدع النبيُّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) بأحاديثَ صريحةٍ تُثبِت أنَّ خلفاءه اثنا عشر، لا يزيدون، ولا ينقُصون، كما في قوله: ((لا يزال الدين قائمًا حتى تقوم الساعة. أو يكون عليكم اثنا عشر خليفةً، كلهم من قريش)) [صحيح مسلم، ج3، ص1453]. وهذه النصوص، إذا لم تحمل الأمةَ على الإيمان بوجود هؤلاء الأئمة، فما الذي يُطلب من الوحي أكثر بيانًا من هذا؟!
ثانيًا: قضية الإمام المهديّ (عجّل الله فرجه)
أما ما يُثار حول المهديّ المنتظر (عليه السلام) بوصفه وهمًا أو خيالًا، فهو دليلٌ على جهل قائله بتواتر النصوص الشرعيّة التي ذَكرتِ الإمامَ المهديَّ في كتب المسلمين جميعًا. فقدْ أجمع علماء الإسلام، من السُّنة والشيعة، على أنَّ الإمام المهديَّ (عليه السلام) سيظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعدما مُلئت ظلمًا وجورًا.
قال ابن حجر في “فتح الباري”: ((تواترتِ الأخبار بأنَّ المهديَّ من هذه الأمة، وأنَّ عيسى يصلِّي خلفه)) [فتح الباري، ج6، ص494].
وصرّح الشيخ الألباني في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” قائلًا: ((إنكارُ خروج المهديِّ إنكارٌ لما تواتر به النقل، وهذا لا يفعله إلا جاهلٌ أو مكابرٌ)) [سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج4، ص43].
ثالثًا: الحكمة من الغَيبة:
إنَّ غَيبة الإمام المهديّ (عليه السلام) ليستْ من عند نفسه، بل هي مشيئةٌ إلهيةٌ اقتضتها الحكمة بعد أنْ فشلت الأمةُ في حفظ الأئمة السابقين الذين تعرَّضوا للقتل والتضييق والغدر.. وهذه الغَيبة ليست عجزًا، بل هي مرحلةُ اختبارٍ وتمحيصٍ للأمة حتى تستعدَّ لظهوره المبارك، فقد قال الإمامُ الصادق (عليه السلام): ((أمَا واللهِ لَيغيبَنَّ إمامُكم سنينًا من دهركم، ولَتُمحَّصُنَّ حتى يقال: مات أو هلك، بأيِّ وادٍ سلك؟)) [الكافي، ج1، ص336].
رابعًا: القرآنُ والسُّنة لا يُغنيان عن الإمام:
إنَّ الادِّعاء بأنَّ الأمة مستغنيةٌ عن الإمام بالقرآن والسُّنة فيه جهلٌ بوظيفة الإمام، فالقرآنُ نفسه أكَّد ضرورة وجود مُفسِّرٍ معصوم يحفظه من تحريف التأويل، قال تعالى: {لِيُبَيِّنَ لَهُمْ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ} [النحل:64].. والنبي (صلى الله عليه وآله) نصّ على هذا المعنى في حديث الثقلين: ((إني تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، ما إنْ تمسَّكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدًا)) [صحيح الجامع الصغير، للألباني، ج1، ص482].. فكيف يستقيم القول باستغناء الأمة عن الإمام، وهو أحدُ الثقلين اللذَين لن يفترقا حتى قيام الساعة؟!
خامسًا: أثر الإمام في غَيبته:
إنَّ وجود الإمام في غَيبته هو لطفٌ إلهي، وغيابه لا يعني انعدامه أو عدم تأثيره. فكما أنّ الشمس خلف السحاب تفيض بأشعَّتها وإنْ لم تُرَ مباشرة، كذلك الإمامُ المهديّ (عليه السلام) يفيض بهدايته على المؤمنين، ويحفظ الأمة برعايته، كما ورد في الحديث: ((لو بقيت الأرض بغير إمامٍ لساخت)) [الكافي، ج1، ص118].
وادّعاء أنَّ بقاء النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أولى؛ لأنه أفضل، هو اعتراضٌ على حكمة الله سبحانه، الذي اختار أنْ يُكمّل الدين بولاية الأئمة (عليهم السلام) بعد رسول الله.. فإنْ كان الله قد اختار أنْ تكون الهدايةُ الإلهية مستمرّة بخلفاء منصوصٍ عليهم، فمَن نحن لنناقش هذا التقدير الإلهي؟!
سادسًا: ظهور الإمام مرتبطٌ بتهيُّؤ الأمة:
إنّ ظهور الإمام المهديّ (عليه السلام) لا يتوقَّف على مشيئة الإمام فحسب، بل على استعداد الأمة لقبول عدله والالتفاف حوله. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11].
والخلاصة أنّ الإيمان بالإمام المهديّ (عليه السلام) ليس وهمًا ولا خيالًا، بل هو عقيدةٌ راسخة أسَّسها القرآنُ، وأكَّدتْها السُّنة، ووافقتْها العقول المستنيرة.. وأما التشكيك فيها، فهو نتيجة انحرافٍ فكريٍّ أو قصورٍ معرفي ينبغي تصحيحُه بالرجوع إلى الحقائق الناصعة.
والحمد لله أوّلًا وآخرًا، وصلّى الله، وسلّم على سيّدنا ونبيّنا محمّد وآله الطيّبين الطاهرين المعصومين المنتجَبين.